جريمة الإخفاء القسري

جريمة الإخفاء القسري

01 أكتوبر 2015
عمرو علي منسق 6 إبريل (مواقع التواصل)
+ الخط -
تمشي في شوارع وطنك أو مقرّ عملك أو حتى تبيت في بيتك؛ ثم تمرّ سيارة بدون لوحة أرقام تختطفك أو تقتحم قوات الأمن بيتك فتعتقلك، ولا أحد يعلم مكانك، فجميع أقسام الشرطة وسجونها والمقارات الأمنية تُنكر وجودك أو أي علاقة بك، ويستمر البحث عنك أياماً وأسابيع وشهوراً، وفي بعض الأحيان أعواماً، ويظل مكانك ومصيرك مجهولاً، لا أثر لك كأنك تلاشيت تماماً.. لقد تمّ إخفاؤك قسرياً.


ربما يمثّل جهود المجتمع الحقوقي في معرفة وإظهار مكانك ضغطاً على النظام الأمني فيُفرج عن مكان احتجازك، وربما لا يكون بالقوة الكافية فتظل فترة من الزمن مختفياً أو قد تظل للأبد.. هكذا الأنظمة القمعية القائمة أساساً على الأجهزة الأمنية ذات الطابع الإجرامي المنتهكة للقانون وحقوق الإنسان!

في سورية بلغ عدد المختفين قسرياً، خلال الأربعة أعوام الماضية فقط، 85 ألف شخص - طبقاً لإحصائية منظمة العفو الدولية -، وفي مصر تزداد ظاهرة الاختفاء القسري منذ الانقلاب العسكري، في 3 يوليو/ تموز 2013، حتى وصل العدد إلى 1300 شخص.

الاختفاء القسري تكتيك لبث الرعب في المجتمع ومنعه من الاعتراض على ممارسات سياسية واجتماعية لا يقبلها، وقد أصبحت هذه الظاهرة عالمية ولم تعد تقتصر فقط على الأنظمة العسكرية، بل امتدت للنزاعات الداخلية للدول ومحاولات قمع الخصوم السياسيين - وذلك طبقاً لتقرير منظمة العفو الدولية - لكنها تبرز جداً في دول العالم الثالث، فأغلب دول الانتهاكات الصارخة كمصر وسورية ترفض التوقيع على بنود الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري والتي تضم 45 مادة، في حين يعتبر نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في مادته السابعة أن الاختفاء القسري جريمة ضد الإنسانية؛ يمكن تقديم دعوى قضائية لديها للبت فيها.

وهناك آلاف الحالات المختفية قسرياً، كحال السورية رانيا العباسي التي اختفت، في مارس/ آذار 2013، برفقة أطفالها الستة الذين تتراوح أعمارهم بين 3 سنوات و15 سنة، ثم انقطعت أخبارهم حتى هذه اللحظة.

كذلك تبرز قضية منسق حركة 6 أبريل المصرية عمرو علي، والذي تم القبض عليه يوم الثلاثاء الماضي بتاريخ 22 سبتمبر/ أيلول 2015 حوالي الساعة الخامسة مساء، حيث اقتحمت قوات الأمن منزله في شبين الكوم بالمنوفية، واقتادته إلى مكان غير معلوم.

ووردت معلومات غير رسمية وغير مؤكدة عن عرضه على نيابة المرج داخل محكمه التجمع، وذلك من دون وجود محامين على خلاف القانون أو حتى إعلام ذويه، ووردت أيضاً معلومات غير رسمية عن قرار من النيابة بحبس عمرو مدة 15 يوماً ووجوده داخل سجن طرة.

وقالت 6 أبريل في بيان إنه "نظراً لوقت القبض عليه من إجازات رسميه للدولة، فلن يتسنى لنا تأكيد تلك المعلومات على المستوى الرسمي، ولحين ذلك فأننا نعتبر أن واقعة القبض على الناشط عمرو علي واقعة اختفاء قسري، و نحمل وزارة الداخلية مسؤولية أي ضرر أو اعتداء يقع على عمرو داخل مكان احتجازه غير المعلوم حتى الآن".

وهناك الطالبة المصرية، هند راشد، التي اختفت، منذ ديسمبر/ كانون الأول 2014 ولا يُعرف مكانها، حتى الآن، وهناك الناشط السياسي، أشرف شحاتة، أحد مؤسسي حزب الدستور، المختفي قسرياً، بما يقرب من عامين.

وفي دولة الإمارات تتحدث تقارير حقوقية وشهادات عن اختفاء ما يقرب 60 معتقلاً بينهم إماراتيون ومصريون وليبيون، وأبرز الحالات اختفاء مصعب أحمد عبدالعزيز، المهندس المصري وشقيق الشهيدة، حبيبة عبدالعزيز، منذ 21 أكتوبر/ تشرين الأول 2014، ولم يعلم أهله مكانه حتى الآن.

إننا نعلم أن هذه الدول تنتهك حقوق إنسانيتنا؛ لكنها تظل حقوقنا وسنحصل عليها عاجلاً أو آجلاً، فلنا الحق في أن نشعر بالأمن والكرامة، والحق في عدم التعرض للتعذيب والعقوبة القاسية والمهينة، كما لنا الحق في توفير ظروف إنسانية في احتجازنا، والحق في أن يكون لنا شخصية قانونية، وكذلك الحق في محاكمة عادلة، و الحق في الحرية والحياة.

راسلونا على: Jeel@alaraby.co.uk

المساهمون