الليرة سلاح الأسد السري

الليرة سلاح الأسد السري

06 ابريل 2015
بشار يمول حربه ضد السوريين من جيوبهم (Getty)
+ الخط -
كثيرة هي الاسئلة التي تُطرح حول الأسباب، التي سمحت لنظام الاسد بالبقاء في وجه ثورة عارمة مستمرة منذ أربعة أعوام. وعلى الرغم من عمق وجدية هذه الأسئلة، لا يزال التعامل معها لا يرقى لأهمية الحدث ويقتصر في الكثير منه على أحاديث وتصريحات قصيرة الذاكرة، ضعيفة التوثيق، لا تؤسس لعمل منهجي قادر على توجيه وتأطير الكثير من الجهود الفردية واستيعابها في ذاكرة شاملة.

اندلعت ثورة الكرامة وسعر صرف الليرة السورية بحدود خمسين ليرة سورية للدولار الأميركي الواحد. نكتب هذه السطور وسعر الصرف يتجاوز حاجز الـ 250 ليرة للدولار الواحد. لا مشكلة في مسألة خسارة الليرة بعض قيمتها، فهذا مبرر ومفهوم في ظل حالة الحرب التي تعيشها البلاد، لكن السؤال الجوهري يكمن في مسألة التحكم بسعر صرف الليرة ومنع انهيارها بالإضافة إلى مسألة أهم تتعلق بالحفاظ على قابلية الليرة للتحويل، على الرغم من الإجراءات الكثيرة التي قام بها نظام الأسد، والتي تقوض أساس أية عملة.

فهذه الإجراءات كانت كفيلة بإخراج الليرة السورية من دائرة التداول والاستعاضة عنها بعملة أخرى أكثر استقراراً وأكثر قدرة على حفظ القيمة، إلا أن التحالف الدولي لإنقاذ الأسد بذل جهوداً جبارة للحيلولة دون ذلك، من خلال فرض الليرة كعملة تداول وحيدة على الأراضي السورية مع ضمان قابلية تحويلها في دول الجوار مهما فقدت من قيمتها، ومهما قام نظام الأسد بإجراءات غير شرعية تمس بالوضع القانوني للعملة، كطبع كميات هائلة من الليرة بمطابع يملكها هو أو أحد حلفائه. هذا التدخل منح نظام الأسد القدرة على:
*التحكم بتفاصيل الحياة اليومية لكل السوريين، سواء كانوا داخل سورية أو في مخيمات اللجوء.

*توفير كميات هائلة من الكتلة النقدية من الليرة السورية، سمحت باستمرار حربه على الشعب من خلال تمويل ما تبقى من الأجهزة الحكومية وموظفيها، ودفع رواتب الشبيحة ومليشيات المرتزقة الطائفية.

*تحويل ثروة الشعب السوري إلى جيوب أفراد النظام من الدائرة الضيقة عن طريق عمليات البيع القسري والاضطراري لأصول وعقارات السوريين بما لا يتجاوز 25% من قيمتها الحقيقة في الكثيرمن الأحيان.

*تمويل حربه على السوريين من جيوبهم من خلال عمليات التلاعب بأسعار الصرف. فمنذ اندلاع ثورة الكرامة ولجوء السوريين إلى دول اللجوء، تشكلت شبكات تابعة للنظام السوري وبموافقة ورعاية التحالف الدولي لإنقاذ الأسد بهدف تأمين دائرة من التحويلات النقدية بين دمشق ومخيمات اللجوء وأسواق الدول المجاورة، مما مكن النظام السوري من الحصول على كميات كبيرة من القطع الأجنبي مقابل ليرة سورية مطبوعة بمعرفته من دون أية رقابة كما تقتضي قوانين وأعراف نظام النقد الدولي.

إقرأ أيضا: تدبير الحكومات العربيّة للاقتصاد.. سيّئ

المساهمون