علي مطهري.. محافظ في مواجهة المحافظين

علي مطهري.. محافظ في مواجهة المحافظين

30 ابريل 2015
+ الخط -
في دولة توصف سلطات وصلاحيات رأسها بالشبه إلهية، تصبح عملية انتقاده ومعارضته أصعب من أماكن أخرى كثيرة، فقليل هم من يستطيعون الاعتراض على سلطات وسياسات الولي الفقيه، أعدل وأعلم وأتقى رجل في الأمة بحسب الدستور الإيراني، ومن يجرؤ على ذلك، فهو يعرض نفسه لمخاطر ومشاكل كثيرة، سواء من بطانة الإمام أو من الزمرة الشعبية المتشددة التابعة له، لهذا تعرض النائب الإيراني المعارض "علي مطهري" لمحاولة قتل أو تشويه كما وصفها هو، ففي طريقه من المطار إلى جامعة مدينة شيراز لإلقاء خطبة هناك، تعرضت سيارته لاعتداء من رجال بلباس مدني على دراجة نارية، حيث حطمت نوافذ سيارة الأجرة، وأصيب مطهري بجروح طفيفة حول عينيه.

يعتبر علي مطهري، من الشخصيات السياسية المحافظة، خصوصاً في مجال السياسات الثقافية، وهو ابن آية الله مرتضى مطهري، الذي يُعتبر من الشخصيّات الرئيسيّة التي أسّست الجمهوريّة الإسلاميّة، لكن بسبب وقوفه في وجه الإمام أكثر من مرة، ومطالبته بمطالب مخالفة للتيار المحافظ، دعمه الكثير من الإصلاحيين في الداخل، مثل الحركة الخضراء، وحظي باهتمام كبير من وسائل إعلام التيار المعارض المتواجد في الخارج، مثل مجاهدي خلق والمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية.

ولد مطهري عام 1958، وهو أكاديمي وناشر وسياسي، قدّم أوراقه للترشح إلى عضوية مجلس شورى 2012، نائباً عن مدينة طهران، إلا أنه رفض في أول مرة، لكن مع مراجعة أوراقه مرة أخرى، تم قبول أوراقه، ورغم انتماء مطهري إلى المحافظين إلا أنه تم رفض نزول مطهري على قوائمهم بسبب ادعاء بعضهم أنه "انقسامي ومخالف"، لذا قام علي مطهري وحميد رضا كاتوزيان وعلي عباس بورتهراني بعد حذفهم من قائمة الأصوليين المحافظين، بتشكيل مجموعة جديدة تحت اسم "منتقدو الحكومة العاشرة"، ثم غيروا اسمهم ليصبح "صوت الأمة"، والتي وصفها العميد حرس حميد رضا مقدم فر، نائب القائد العام لقوات الحرس للشؤون الثقافية والاجتماعية، بأنها "تصطاد في الماء العكر"، فشل مطهري في الفوز من الجولة الأولى، مما اضطره إلى الدخول في جولة الإعادة، والتي نجح فيها مما عد ضربة قوية للتيار المحافظ، وعلى رأسه رئيس الجمهورية حينها، أحمدي نجاد.

انطلق الجدل حول مطهري عام 2010، بعد الأحداث التي تلت انتخابات الرئاسة، عندما خرج مطهري منتقداً مرشد الثورة الإيرانية الذي شبه الفئة المعترضة والمتسببين في أحداث الشغب بطلحة والزبير، حيث قال مطهري حينها "الذين يصرون على تشبيه أحداث اليوم بما وقع من أحداث في صدر الإسلام، هل يرون من الصحيح أن نشبه مجموعتهم بجيش عمر بن سعد وابن زياد؟"، لم يكتفِ مطهري بذلك، بل وصف رئيس الجمهورية حينها، أحمدي نجاد، بالطفل، وأنه سبب للفتنة، حيث قال "أصبح أحمدي نجاد طفلاً للعائلة يرحب بالتشجيع مهما كان يؤذي الآخرين" 

وفي عام 2013، ورغم تأييد مطهري للنظام السوري، إلا أنه فاجأ الجميع بتأييده تصريحات  هاشمي رفسنجاني، رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام، بخصوص الأزمة السورية وتحميله نظام بشار الأسد مسؤولية قصف شعبه بالأسلحة الكيماوية في غوطة دمشق، حيث قال مطهري مدافعاً عن رفسنجاني: "تصريحات السيد هاشمي رفسنجاني حول قصف الشعب السوري بالكيماوي، لا تعني تأييد الضربة العسكرية لسورية، بل إنه لا يريد للثورة الإسلامية أن تدفع المزيد في هذا المجال".

وخلال السنتين الأخيرتين، بلغت قمة الحنق والغضب من جانب التيار المحافظ تجاه مطهري درجة غير مسبوقة، بسبب معارضته المستمرة سياسات النظام الإيراني، ففي يناير/كانون الثاني من هذا العام، فجّر مطهري قنبلة من العيار الثقيل في مجلس الشورى، إذ اتهم السلطات الإيرانية بأنها تُخضِع، وبشكل غير شرعي منذ عام 2011، الزعيمَيْن المعارضَيْن مير حسين موسوي ومهدي كروبي لإقامة جبرية. ودافع عن السماح لأهل السنّة بتشييد مسجد في طهران، وأثار خطابه من على منصة المجلس، مشادات كلامية وتدافعاً من نواب معترضين، حاولوا إسكاته ومنعه من إكمال كلمته، ما حدا بمحمد حسن أبو ترابي فرد، نائب رئيس البرلمان الذي رأس الجلسة، إلی إنهائها ووقف بثّها مباشرة، قبل استئنافها بعد 25 دقيقة.

لم تمر الكثير من الأيام بعد هذه الحادثة، حتى أمرت السلطة القضائية الإيرانية بحظر الموقع الرسمي لعلي مطهري، حيث أتت هذه الخطوة لتأكد اتهامات مطهري لرئيس الجمهورية حسن روحاني، بأن حرية التعبير تعاني من محدودية أكثر في عهد الرئيس الإصلاحي، حسن روحاني، أكثر منها في عهد سلفه المحافظ، محمود أحمدي نجاد.

كانت آخر صولة لعلي مطهري خلال شهر مارس/آذار الماضي، حيث أثار مطهري الرأي العام الإيراني بتحريضه على معارضة مرشد الثورة الإيرانية إذا استدعى الأمر، حيث قال في حواره مع مجلة مثلث الإيرانية: "إذا كان هناك من يحمل رأياً مخالفاً لقائد الثورة الإسلامية، يجب عليه أن يعبر عنه، ليس معنى أن المرشد الأعلى له رأي، أن يصمت الآخرون"، أثار هذا الكلام حفيظة التيار المحافظ، مما دفع أحمد علم الهدى، إمام الجمعة في مشهد الرد على مطهري: "إن مواجهة المرشد الأعلى ومعارضته تشبه معارضة النبي محمد، حتى ولو كان الشخص مسلماً وشيعيّاً ويؤمن بالنبوة".

المساهمون