الخصخصة في الأردن: إصلاح أم مدخل للفساد؟

الخصخصة في الأردن: إصلاح أم مدخل للفساد؟

09 مارس 2015
بيع المرافق العامة يثير بلبلة بين الأردنيين(خليل مزرعاوي/فرانس برس)
+ الخط -
هل القطاع الخاص بمنأى عن الفساد؟ هل الخصخصة إصلاح فعلاً؟ أسئلة تتردد كثيراً خلال هذه الفترة في الأردن، مع تصاعد الحديث عن اتجاه خصخصة عدد من المرافق الحيوية في الدولة. الخبراء والمعنيون يؤكدون أن إجراءات الخصخصة في الأردن سلاح ذو حدين. فهنالك من يرى أنها تحسن مستوى أداء ‏بعض الخدمات إضافة إلى توفير بعض فرص العمل. ومن سلبياتها رفع قيمة فاتورة متلقي الخدمة أي المواطن، وعدم اعتماد ‏معايير العدالة في التعيينات والرواتب، إضافة إلى بيع مرافق الدولة، وعدم ضمان حياد القطاع الخاص عن منظومة الفساد. 

موضوع "شائك"
ويؤكد أمين سر اللجنة المالية في مجلس النواب الأردني عبد العزيز السرور، أن الحديث عن موضوع الخصخصة يعتبر ‏شائكاً، نتيجة للحيثيات المعقدة في الإجراءات الحكومية في التعامل معها. وينوه أن للخصخصة سلبيات في مقابل تواضع إيجابياتها، معتبراً أنها تعتبر مدخلا للفساد المالي والإداري.‏
ويقول السرور لـ "العربي الجديد" إن "الخصخصة في الأردن طاولت العديد من المنشآت الحيوية في الأردن، حيث تم بيعها ‏بثمن "بخس" من خلال استحداث تشريعات استغلها الفاسدون، ما أدى إلى تحميل المواطنين والأجيال المقبلة أعباء ‏تسديد كافة الأموال التي سلبت والمديونية التي ارتفعت والموازنة العاجزة، في ظل رفع الضرائب والرسوم والأسعار بشكل ‏جنوني".
ويلفت إلى أنه "لا يوجد أرقام واقعية عن نشاط المشاريع قبل الخصخصة وبعدها. ولكن هناك قطاعات هامة لم تنعشها الخصخصة، وهنالك مشاريع حققت نجاحاً كبيراً ورفدت الخزينة بالإيرادات وحسنت مستوى ‏خدمتها للمواطن الأردني".‏ ويضيف السرور: "لا أعتقد أنه يوجد مشاريع خصخصة جديدة، لا بل إن الدولة اكتفت بهذا القدر من الخصخصة ستعيد بعض المرافق إلى المظلة الحكومية".‏

"إجابيات وسلبيات"
ومن جهته يبين المتخصص بالشؤون الاقتصادية سلامة الدرعاوي، أن الخصخصة التي تمت في الأردن مثل ‏غيرها من البرامج والخطط التي نفذتها الحكومات المختلفة دون تردد، فيها الإيجابيات والسلبيات، لكن التغاضي الرسمي عن شرح ‏البرنامج بشكل شفاف، حتى حول المشاريع التي أثارت جدلا في المجتمع جعلت البرنامج كله سلبيا في عيون معظم فئات ‏المجتمع.‏
ويشرح الدرعاوي لـ "العربي الجديد"، أن البعض يرى أن مرافق الدولة بيعت بـ "تراب المصاري"، في مقابل آراء خجولة تعتبر أن الحكومة استفادت من إجراءات الخصخصة. ويعتبر أن "المطلوب هو ‏نقاش علمي وموضوعي حول أثر الخصخصة على الاقتصاد الوطني وتبيان نقاط الضعف والقوة، خصوصاً في المشاريع التي أثارت ‏إشكاليات واسعة النطاق في المجتمع الأردني. وعلى الحكومة الإجابة عن سؤال: هل الأردن استعجل في تنفيذ برنامج الخصخصة؟ هل الوضع الاقتصادي أفضل قبل الخصخصة أم بعدها؟".‏
‏إلا أن الناطق الإعلامي باسم شركة البوتاس العربية في الأردن شفيق عبيدات، يؤكد تأييده للخصخصة، "نتيجة عدم قدرة الحكومة ‏الأردنية على إدارة العديد من الاستثمارات المحلية والمشاريع على أرضها، بطريقة تساعد ‏على رفد الخزينة بالمال، عدا عن تفشي المحسوبية في العديد من المشاريع الأردنية، ‏الأمر الذي يؤدي إلى تهالك تلك المشاريع لعدم وجود إدارة ناجعة لحل الأزمات المالية التي تصيبها، ما يسبب مديونية ‏ثقيلة ترهق الحكومة الأردنية".‏
ويشير خلال حديثه، أن "الخصخصة تعتبر وسيلة لإنقاذ مشروع معين من الخسارة المجحفة التي ترهق الأردن، خصوصاً في حال استمرار ‏تشغيل المشروع أو الشركة برغم الخسارة".
ويبين عبيدات في حديث مع "العربي الجديد"، أن الشعب الأردني، يعتبر أن الخصخصة استحواذ القطاع الخاص أو كبار المتنفذين على ‏مشاريع أردنية عامة، ويضيف أن "الشعب لا يعي تماما حقيقة الخصخصة التي تعتبر أمراً لا بد منه لإنقاذ قطاع ما، بدلاً من جعله عالة على ‏الحكومة، كما إن الإعلام يقع على عاتقه المسؤولية الكبرى في توضيح معالم الخصخصة الإيجابية التي من شأنها النهوض بالقطاع ‏الاقتصادي وإنعاش الموازنة، وليس احتكار القطاع الخاص للمشاريع ".‏
ويلفت عبيدات إلى أن قطاع الاتصالات شكل في الفترة الماضية، حملاً ثقيلاً على الدولة وأرهق ميزانيتها، إلا أنه وبعد خصخصة قطاع ‏الاتصالات تم تحقيق نقلة نوعية في القطاع وحصلت تغييرات جذرية، الأمر الذي أدى إلى نقل الاتصالات من الهاوية إلى الانتعاش الحقيقي. ويتابع: "‏لقد حقق قطاع الاتصالات نقلة نوعية، ورفد الخزينة بمبالغ هائلة، كما حسن من الخدمة المقدمة للمواطنين".‏

إقرأ أيضاً: المصالح النفطية الأجنبية لاعب أساسي في ليبيا

المساهمون