الجزائريون لمعارضتهم: لا نثق بأحد

الجزائريون لمعارضتهم: لا نثق بأحد

02 ابريل 2015
+ الخط -

خلال صائفة العام الماضي، وبعد إعادة انتخاب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية رئاسية رابعة؛ عاشت الجزائر مشهداً غير مسبوق في حياتها السياسية: لأوّل مرّة منذ الاستقلال، التقت أحزاب وشخصّيات وطنيّة معارضة تختلف توجّهاتها وأيديولوجياتها على طاولة واحدة، بهدف صياغة رؤية لـ "وضع حدّ للنظام القائم".

جلس "التجمّع من أجل الثقافة والديمقراطية" وغريمه "جبهة القوى الاشتراكية"، جنباً إلى جنب مع قيادات من حزب "الجبهة الإسلامية للإنقاذ" المحظور، ومعهم رؤساء أحزاب معارضة أخرى وأربعة من رؤساء حكومات سابقين. لا شيء جمع تلك التناقضات غير معارضة الرئيس بوتفليقة والسعي إلى تحقيق "انتقال ديمقراطي".

لكن أطياف المعارضة الجزائرية التي نجحت في تجاوز خلافاتها والتكتّل ضدّ السلطة، ضمن ما يُعرف بـ "تنسيقيّة الحريّات والانتقال الديمقراطي"، لم تنجح في إعادة رسم المشهد السياسي والتأثير في تحريك خيوطه، والأهمّ كسب ثقة الشارع.

بدا ذلك جلياً في أكثر من مناسبة. آخرها كان في الرابع والعشرين فبراير/شباط الماضي، بمناسبة الذكرى الواحدة والأربعين لتأميم المحروقات. فبينما كانت مدن عدة بالجنوب تموج بالاحتجاجات الرافضة لعمليات استكشاف الغاز الصخري، دعت "التنسيقيّة" إلى مظاهرة "مليونيّة" بمدينة غرداية (820 كلم جنوب شرق العاصمة) للتنديد بتمسّك الحكومة باستغلال هذه الطاقة، وتجاهلها لرفض سكّان الجنوب واحتجاجاتهم المتواصلة منذ نهاية العام الماضي.

لم تُفلح المعارضة في حشد الشارع واكتفت ببضعة آلاف من المحتجّين. وهي وإن برّرت ذلك بما تعتبره "قمعاً" من السلطة التي تقف أمام أيّ خروج إلى الشارع للاحتجاج، فإن ذلك يكشف، من جهة أخرى، الشرخ العميق بينها وبين الشعب الذي يبدو أنه لا يثق بأيّ من أطراف المعادلة السياسية: موالاة ومعارضة.

والحال هذا؛ عادةً ما يُبادر النشطاء إلى التعبير عن مطالبهم، سياسيّة كانت أو غير سياسيّة، من دون البحث عن غطاء سياسي، بل كثيراً ما يرفضون أيّ تدخّل للقوى السياسيّة، مخافة استغلال قضاياهم. بما أنّ الثقة تكاد تكون معدومة في المعارضة التي يرون فيها "وجهاً آخر لعملة النظام".

وكثيراً ما يستحضر الجزائريّون أمثلة لتجارب مريرة لمسارات أحزاب وشخصيّات قفزت من الموالاة إلى المعارضة أو العكس. فعلي بن فليس، أحد أبرز المعارضين حاليّاً، كان رئيس حكومة في السنوات الأولى لحكم الرئيس بوتفليقة، وفي عهده سُنّ قانون منع التظاهر، بينما تحالفت "حركة مجتمع السلم"، مع السلطة طيلة 14 عاماً، قبل أن تقفز من مركبها مع بداية "الربيع العربي".

أمّا مناضلا "التجمّع من أجل الثقافة والديمقراطية" المعارض، خليدة تومي وعمارة بن يونس، فقد انتهى بهما الأمر، بعد مسار نضاليّ طويل، إلى أحضان السلطة. عُيّنت الأولى وزيرة للثقافة وظلّت في منصبها طيلة 12 عاماً، وأُسندت إلى الثاني حقائب وزارية عدّة، وأسّس حزباً متطرّفاً في موالاته للسلطة ومعارضته للمعارضة.

(الجزائر)

المساهمون