الاقتصاد الجزائري المحروق

الاقتصاد الجزائري المحروق

02 مارس 2015
لم تحسن الجزائر استخدام فوائض النفط (Getty)
+ الخط -
كأن ‏هنالك نية مبيّتة لترك الاقتصاد الجزائري في السنوات القليلة المقبلة، كما ‏تركت فرنسا أرض الجزائر بعدما اعتمدت سياسة الأرض المحروقة ‏لتخريب حياة الجزائريين. هذا الذي نلمسه فعلاً، حيث ‏اكتشف الجزائريون أنه رغم كونهم مواطنين في دولة بترولية، إلا أن قدرات المؤسسة ‏الأعظم في الجزائر في مجال البحث عن البترول والاستثمار الخارجي ‏في مجال الاستكشاف والتنقيب تكاد تكون معدومة. نعم، قدراتنا في مجال ‏تكرير البترول ضعيفة جداً، والسؤال الذي يطرحه الجزائريون اليوم: ماذا ‏فعلنا بالفوائض المالية التي جمعناها؟ وماذا فعلت "سوناطراك" بما بقي ‏عندها من أموال بعد اقتطاع الضريبة البترولية؟ 
كان وزير الطاقة والمناجم الحالي يحلم سنة 2013 (مثلما كان يحلم ‏وزير الطاقة والمناجم الهارب شكيب خليل)، ويعلن عن مشروع عظيم يريد أن يبلغه. ‏قال إن وزارته ستستثمر 10 مليارات دولار لتطوير قدرات الجزائر في ‏تكرير النفط وهذا لتصل إلى حدود 60 مليون طن بحدود سنة 2040، علماً ‏أن قدراتها الحالية هي في حدود 26 مليون طن سنوياً. وقال إنه ستكون لدينا ‏استثمارات بعشرات المليارات من الدولارات لنغطي ثلث حاجاتنا من ‏الطاقة باستخدام الطاقة الشمسية. وإنه ستكون لدينا أول محطة تشتغل ‏بالطاقة الهوائية مع نهاية 2013، وإننا سننجز أول محطة تشتغل بالطاقة ‏النووية بين 2025 و2030... كل هذا كان مجرد حلم ولم يتحقق منه شيء، ‏إلا الكلام، الذي ذهب في الهواء. وهو الكلام نفسه الذي أطلقه من قبل ‏الوزير خليل، ولم نر إلا الفضائح تلو ‏الفضائح.‏
لا تتعجب عندما تسمع وتقرأ أن الجزائر الدولة النفطية تلجأ إلى مصر ‏لتكرير نفطها. وقد أعلنت مصر في 2013 عن عجزها عن تكرير ‏البترول الجزائري المتميز بخفته. مصر ليست بلداً نفطياً ولديها ‏قدرات متميزة في تكرير البترول. والسؤال الذي يجب أن يطرح: "ألم يكن من الرشاد أن تقوم ‏الدولة النفطية بتطوير قدراتها في تكرير بترولها باستغلال تلك الفوائض ‏المالية التي تراكمت لديها بعد سنوات الطفرة البترولية؟ على الأقل لتغطية ‏الطلب الداخلي وخفض تكلفة البنزين وبالتالي سعره على المستوى ‏المحلي؟".‏
لا شيء من المشاريع تحقق، بل من المعلومات التي يتداولها ‏عمال "سوناطراك" أن مصانع كاملة ومتكاملة يأكلها الصدأ في الصحراء ‏الجزائرية تساوي الملايين من الدولارات، ولا تعطى لولاية من الولايات ‏لتتحول إلى مشروع استثماري نفطي يسهم في تلبية الحاجات الداخلية من ‏البنزين. بل هنالك تجهيزات ضخمة وهامة أخذتها هيئات داخلية دون ‏أن ترجعها لسوناطراك، وهذه التجهيزات تساوي ملايين الدولارات ويجري ‏هذا دون حسيب أو رقيب.‏
أليست هذه سياسة الاقتصاد المحروق؟، ألا يعتبر هذا تخريباً للاقتصاد ‏الجزائري الذي يحتاج إلى كل طاقاته وقدراته؟ فهل يعقل أن تجهيزات ‏ضخمة يأكلها الصدأ في الصحراء الجزائرية وهي قادرة على أن تسهم ‏في تطوير قدراتنا التكريرية للنفط؟
والسؤال الآخر، هل يعقل أن عقوداً طويلة مرت على استثمارات ‏سوناطراك بعد تأميمها في السبعينيات ومازلنا إلى اليوم لم نحقق اكتفاء ‏ذاتياً؟ هل يعقل هذا؟ نعم، إنها سياسة الاقتصاد المحروق...‏
(محلل اقتصادي جزائري)

إقرأ أيضاً: موظفو العراق قلقون: هل يصبح الشهر 40 يوماً؟  

المساهمون