هل ستبصر السوق العربية المشتركة النور في المدى المنظور؟

هل ستبصر السوق العربية المشتركة النور في المدى المنظور؟

11 مارس 2015
من اليمن ماجد الصوري ولويس حبيقة (العربي الجديد)
+ الخط -
كثر الحديث عن تطبيق مشروع السوق العربية المشتركة، بعض الدول لم يتشجع للفكرة، فيما دعمت دول أخرى قيامها. فهل سنشهد تأسيس هذه السوق في السنوات القليلة المقبلة؟ يقدم كل من الخبير الاقتصادي العراقي ماجد الصوري، والخبير الاقتصادي لويس حبيقة، وجهة نظرهما وتوقعاتهما تجاه مستقبل إنشاء سوق عربية مشتركة.


ماجد الصوري: المشروع قائم وينتظر الاستقرار
يرى الخبير الاقتصادي العراقي ماجد الصوري أن قيام سوق عربية مشتركة أمر جائز، حتى إن لم يتحقّق على المدى المنظور، خاصة أن الدول العربية تمتلك القواسم المشتركة التي تسمح لها بتأسيس سوق عربية مشتركة، والاتحاد في ما بينها في تكتل اقتصادي موحّد. ويقول الصوري في حديثه مع "العربي الجديد" أنه لا شك في أن الأوضاع السياسية اليوم لا تسمح بمجرّد الحديث أو التفكير في قيام سوق عربية مشتركة، لكن بزوال هذه الأوضاع السياسية والأمنية، وعودة الاستقرار إلى المنطقة العربية، يمكن عندها الجلوس إلى طاولة واحدة وتبادل الأفكار ومناقشة المخاوف المتعلقة بقيام سوق مشتركة.

إذ لا شك في أن هناك الكثير من الإجراءات التي تطلبها هذه السوق، وأبرزها تحرير السلع والبضائع، وتحرير انتقال الأفراد والأموال، وللأسف، وفق الصوري، فإن هذه الخطوات لا تزال محلّ نقاش بين السياسيين في الدول العربية. ويشير الصوري إلى أنه بغضّ النظر عن قيام سوق عربية مشتركة، فإن الاقتصاد العالمي بات يفرض قواعد جديدة تترتب عنها إعادة التفكير في جميع القرارت السابقة المتعلّقة بحرية انتقال الأموال والأفراد. ففي العراق يحتاج المواطن إلى أكثر من عشرة أيام للحصول على سمة دخول إلى الأردن، بالرغم من المصالح المشتركة بين البلدين، "وهو ما يعد أمراً مؤسفاً في الحقيقة، ولذا فإن المطلوب من القيادات في الدول المجاورة إزالة العوائق في ما بينها، خاصة سمات الدخول" يكرر الصوري.
من جهة أخرى، يعتبر الخبير العراقي أن قيام السوق العربية المشتركة، يعدّ باباً أساسياً للتطوير الاقتصادي، فلا يمكن اليوم، في ظل عولمة الاقتصاد، أن تبقى الدول العربية متمسّكة بآليات قديمة لحماية اقتصادها الداخلي، نظراً للانعكاسات السلبية عليها. فبالنظر إلى السوق الأوروبية، لم تتوحّد أوروبا سوى عن طريق قيام اتحاد اقتصادي، وتمتلك الدول العربية مقومات تسمح لها بإنشاء اتحاد اقتصادي قادر على النهوض بالدول.
ويتابع أن "دولنا تمتلك ثروات نفطية، هناك دول تمتلك اليد العاملة الماهرة، وأخرى تمتلك مقومات طبيعية، كالثروات السمكية والزراعية، ما يجعل فرص النجاح التكاملي كبيرة جداً". وهنا يعتقد الصوري أن عدم قدرة الدول العربية على مواجهة العولمة الاقتصادية، ستدفعها حتماً إلى تفعيل المباحثات حول تطبيق السوق العربية المشتركة، وما يؤخر هذه المباحثات اليوم، الأوضاع السياسية والأمنية المتشنجة التي تشهدها الكثير من الدول، ولكن عند عودة الهدوء والاستقرار وعودة روؤس الأموال إلى منطقتنا، سيعيد المعنيون في الدول العربية النظر في قيام سوق عربية مشتركة.

لويس حبيقة: لا سوق مشتركة في المديين القريب والمتوسط
يرى الخبير الاقتصادي لويس حبيقة أن إمكانية تحقيق سوق عربية مشتركة أمر يصعب تحقيقه في المدى المنظور، أو حتى على المدى المتوسط، لأسباب كثيرة. فهناك مجموعة كبيرة من العوائق والتحديات التي لا تزال قائمة حتى الآن، بالرغم من الاجتماعات الكثيرة التي تمّت خلال السنوات الماضية، من أجل تطبيق بنود التكامل وتشكيل سوق عربية مشتركة. وفي التفاصيل، يشرح حبيقة في حديث مع "العربي الجديد" أنه لا يمكن الوصول إلى السوق العربية المشتركة في ظل هذه الظروف، إذ إن كل المؤشرات العامة تؤكد أنه مطلب لا يزال صعب المنال، أما الأسباب فكثيرة، أولاً، الظروف السياسية اليوم، وجغرافية الدول وتشابك المصالح وتقاطعها مع بعضها البعض تجعل من الصعب التفكير في إنشاء سوق مشتركة.
الأوضاع السياسية، خاصة خلال السنوات العشر الماضية، لا تسمح بتحرير الأسواق. الحروب والإرهاب في بعض المناطق العربية ومنها مناطق ثورات الربيع العربي، وتمدّد تنظيم داعش في أكثر من منطقة، تجعل قيام سوق عربية مشتركة، ضرباً من ضروب الخيال. وبالتالي، فإن الحديث عن قيام سوق عربية مشتركة، من دون إعطاء الاعتبار للأوضاع السياسية والحروب، يعتبر كلاماً في الهواء، بسبب عدم توافر البيئة القانونية والواقعية لقيام هذه السوق. فعلى سبيل المثال، يقول حبيقة، تتمثّل العراقيل بعدم الاتفاق لتحرير الأسواق، وغياب آليات انتقال الأموال بحرية وانتقال البشر، فحتى اليوم لا توجد قواعد قانونية تضمن حرية انتقال الأفراد والأموال بين الدول العربية كافة، فكيف يمكن عندها السماح بإقامة سوق مشتركة؟ وبالتالي يعتبر حبيقة، أنه طالما هناك قيود على أبرز عناصر قيام السوق العربية المشتركة، خصوصاً عدم وجود اتفاقيات تضمن حرية الانتقال، فلا يمكن تحقيق قيام سوق مشتركة. من جهة أخرى، يلفت إلى أن القواعد الجمركية ليست موحّدة بين الدول العربية، وهناك مشكلة الوكالات الحصرية، بالإضافة إلى ذلك كله، فالقيادات العربية حتى اليوم لم تقتنع بأهمية إقامة تعاون وتبادل اقتصادي مشترك يتسع للدول كافة، بل يهتمون بتعزيز اقتصاد بلادهم فقط، ويسعى بعضهم إلى إفشال مخطط السوق العربية المشتركة، في إطار حماية الأسواق المحلية. إلا أنه وفي المقابل، يشير حبيقة إلى أهمية قيام السوق العربية المشتركة، خاصة أن الإمكانات المادية والطبيعية موجودة بقوة، فالدول العربية تمتلك ثروات طبيعية وموارد مالية، تمكنها من الاستفادة منها، والوصول إلى قيام كيانات اقتصادية كبيرة، تعزّز فرص النمو بين الدول، فالسوق المشتركة، تعدّ من أهم الخطوات نحو النهوض بالاقتصاد العربي كله. ويضيف حبيقة أن هذه الخطوة في حال تنفيذها، تعتبر مشروعاً مهماً جداً، كون الدول العربية لن تستطيع أن تتوحد في ما بينها، إلا في الإطار الاقتصادي. وقد أثبتت التجارب العالمية، أن إمكانية قيام اتحاد مشترك لن تقوم سوى بقيام اتحاد اقتصادي، وأكبر مثال على ذلك، الاتحاد الأوروبي الذي لم يتوحد سوى عبر الاقتصاد. ولكن، يختم حبيقة بأنه حتى اليوم لا توجد في الدول العربية الأرضية التي تسمح بقيام السوق المشتركة على المدى المنظور أو المتوسط.

إقرأ أيضاً: خصوصية سوق العملات التونسية

المساهمون