مصر: التمييز الوظيفي يكبح الاستثمار ويزيد الهجرة

مصر: التمييز الوظيفي يكبح الاستثمار ويزيد الهجرة

26 يناير 2015
الانعكاسات الاقتصادية للتمييز تطال جميع المصريين (خالد الدسوقي/فرانس برس)
+ الخط -
في مصر يمكنك أن تذهب إلى مصنع مسيحي ومحل مسلم. ‏بالطبع ستندهش من هذه التوصيفات، ولكن هذه هي الحقيقة. فها هو ‏أشهر محل ملابس في مصر يطلب موظفين مسلمين "حافظين للقرآن ‏الكريم" كما يضع في إعلانه... وها هو رجل أعمال معروف يعين آلاف المسيحيين ويستعين ‏بقليل من المسلمين كـ "ديكور" للحديث عن الوحدة الوطنية. ‏

الصراعات الطائفية
يقول مؤسس جماعة الحقوق المدنية للأقباط في مصر، وفيق وسيم، ان الصراعات ‏الطائفية في مصر لا تقارن بالطبع بما هو متواجد في العديد من ‏الدول العربية. ولكنّ هناك صراعا طائفياً مخفياً يتمظهر اجتماعياً ويؤثر على الاقتصاد.
ويعدد وفيق اشكال الصراع الطائفي في التمييز ‏في العمل. ويؤكد أنه هناك مصانع مصنفة مسيحية، إدارياً ووظيفياً، مثل مصانع الملابس الجاهزة ‏في شبرا الخيمة، وشركات الاتصالات، وتكنولوجيا المعلومات. في ‏الوقت الذي يوجد فيه شركات ومصانع أخرى للمسلمين، يحرم فيها ‏المسيحيون من العمل.
ويشرح وفيق لـ "العربي الجديد" ان هذا النوع من ‏التمييز في مجال العمل يقتل مساحات الكفاءة والخبرة، ويولد العديد ‏من الازمات الاقتصادية، خاصة لدى فئة الشباب التي تمثل في ‏مصر ما يزيد على 45% ما بين اقباط ومسلمين . ‏
يضيف وفيق ان التمييز يعاني منه كل الشباب سواء القبطي او المسلم. ‏حيث يعلم بعض رجال الاعمال الاقباط ان السوق مغلقة امام الشباب ‏المسيحي في العمل في ما يزيد عن 80% من المصالح والهيئات ‏وشركات القطاع الخاص، فيقوم باستغلال حاجة الشباب للعمل ‏ويخفض الأجور إلى النصف. وهو ما يؤثر سلباً على مستوى معيشة ‏الاقباط، وهو ما يفسر أيضاً أحد أسباب هجرة الشباب القبطي من مصر.‏
وتقول النائبة القبطية السابقة ابتسام حبيب ان الصراع الطائفي في ‏مصر يعود الى الموروث الثقافي والسياسي والاقتصادي، الذي بني ‏على مدار الخمسين عاما الماضية. مؤكدة ان الامر يعود بصورة ‏أساسية إلى نظام الدولة، التي بالرغم من تغنيها ليلا ونهارا بالوحدة ‏الوطنية لم تصدر قانوناً يمنع التمييز بين المصريين على أساس ‏الديانة، ولم تجرم او تعاقب من يعمقون هوة الصراعات الطائفية. ‏

الدولة متورطة 
تدلل حبيب على ذلك بأن الدولة متورطة في التمييز في العمل بين ‏الاقباط والمسلمين "مما يتسبب في اهدار الطاقات الإبداعية، ويدفع ‏الشباب الى الهجرة. وتشرح ان الدولة مصرة على منع تقلد الاقباط مناصب قيادية. ولعل ما قالته ‏وزيرة القوى العاملة والهجرة السابقة عائشة عبدالهادي عن ان الشباب ‏المسيحي يتقلد 10% فقط من المهام الإدارية في الوزارات يوضح نظرة الدولة للأقباط في مصر". ‏
تقول حبيب إن منع الاقباط من تولي مناصب في الأجهزة ‏السيادية والوزارات والمحافظين، يؤثر على النمو الاقتصادي، ويحرم عددا كبيرا من الشباب من المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي، إضافة إلى عدم استغلال كامل الثروة البشرية المتوافرة في مصر.
من جهتها، تروي إيمان عبد العزيز، وهي حاصلة على بكالوريوس تجارة، ازمتها مع ‏الصراع الطائفي وتحديدا في مجال العمل. وتقول لـ "العربي الجديد": "حصلت على مؤهل ‏عالي وقرأت اعلاناً لإحدى الشركات عن حاجتها لموظفي إدارة وهو ‏ما يتناسب مع مؤهلي. ولكن إدارة الشركة رفضت قبولي لمجرد رؤية ‏حجابي. والأمر ذاته واجهته العديد من صديقاتي ‏القبطيات اللواتي رفضن في عدد من الشركات بسبب ديانتهن". وتضيف عبدالعزيز "الى ‏الان لا تزال استمارات طلب العمل في غالبية الشركات المصرية تتضمن خانة للديانة، إضافة إلى وضع خانة الديانة في البطاقة الشخصية، وهذا ما يساهم في التمييز والإقصاء".‏
من ناحية أخرى، يقول أستاذ الاقتصاد في كلية التجارة في جامعة عين شمس إيهاب الدسوقي، ‏ان الصراعات الطائفية تؤثر على الاستقرار السياسي، وبالتالي على الاقتصاد. باعتبار ان الاستقرار هو الداعم الرئيسي للاقتصاد في أي ‏دولة . مدللا على ذلك بالأحداث الطائفية ‏التي تشهدها مصر بين الحين والآخر والتي تؤثر على السياحة خصوصاً، إضافة الى أن صورة مصر كبلد يعتمد التمييز الوظيفي، نكبح الاستثمارات خصوصاً الأجنبية.‏

المساهمون