الصراعات والحروب المذهبية تشلّ الاقتصاد العراقي

الصراعات والحروب المذهبية تشلّ الاقتصاد العراقي

26 يناير 2015
المذهبية وسّعت دائرة الفساد في التوظيفات (أحمد البرعي/فرانس برس)
+ الخط -
يعيش العراق حقبة صعبة من الحرب المذهبية والطائفية منذ سنوات، ولا تزال مستمرة حتى اليوم. شُرد وهجر الآلاف وتراجع مستوى النمو. فضلاً عن تسجيل خسائر اقتصادية قدّرها مختصون بـ 75 مليار دولار، وقد شملت كافة القطاعات الإنتاجية. 
يقول نائب رئيس اتحاد الصناعات العراقية مجدي حميد لـ "العربي الجديد": "إن الحرب الأهلية التي جرت في بعض محافظات العراق بعد عام 2003، أثرت بشكل أو بآخر على القطاع الصناعي، فقد كان لدى وزارة الصناعة مثلاً عدد من المعامل والمصانع، تقع في مناطق مختلفة ذات غالبية سنية أو شيعية. وأغلقت هذه المصانع بأكملها بين عامي 2006 و2010، لأن عدداً كبيراً من موظفيها وحرفييها وعمالها، هم من طوائف مختلفة كانت لا تتلاءم مع المنطقة التي فيها معاملهم ومصانعهم. وشهد الكثير من المناطق التي تقع فيها المصانع والمعامل عمليات مسلحة حينها، تسببت بخسائر وصلت إلى نحو 5 مليارات دولار. فضلاً عن وجود أحياء صناعية كاملة يحوي بعضها على 500 و700 محل وورشة صناعية تعرض أصحابها للتهديد لأنهم من طوائف مختلفة، ما تسبب بخسائر تجاوزت المليار دولار. ولم ينهض القطاع الصناعي حتى اليوم كما في السابق، فبعدما كان يمثل من 16% إلى 17% من الناتج المحلي، بات يشكل اليوم 1.5% فقط.
إلى ذلك، تسببت المعارك المذهبية في تهجير العديد من المواطنين من مناطق إقامتهم، خاصة الفلاحين بعدما تمكن العديد من المسلحين من احتلال الأراضي الزراعية. حيث يؤكد مستشار وزارة الزراعة قحطان جثير لـ "العربي الجديد"، إن الحرب الأهلية والإرهاب بشكل عام تسبب بتراجع مستوى القطاع الزراعي، إذ كان يشكل قبل عام 2003 ما نسبته 26% من الناتج المحلي، أما اليوم فلا يتجاوز الـ 6% فقط.
يبين الخبير الاقتصادي باسم جميل أنطوان لـ "العربي الجديد"، إن الحرب الأهلية تشل الاقتصاد بشكل أساسي. فقد أدت الحرب إلى توقف عجلة الاستثمار لفترة طويلة، الأمر الذي أدى إلى فقر وبطالة وصرف مبالغ باهظة من أجل وقف تلك الحرب و"مواجهة الإرهاب".
فضلاً عن أنها جندت الآلاف من الشباب الفاعلين في قوى العمل والإنتاج، ناهيك عن التعويضات المادية الهائلة التي تقدم لضحايا هذه الحرب. ويضيف أنطوان بأن الحرب الأهلية عبدت الطريق أمام المحاصصة السياسية وتوزيع الوظائف مذهبياً. وتفشت ظاهرة الفساد المالي والإداري. إذ إن ما دخل إلى العراق من موازنات منذ عام 2003 حتى عام 2014 وصل إلى 750 مليار دولار، والتي جاءت عبر بيع النفط والمنح. إلا أنه بالمقابل، لم يتحقق أي تحسينات توازي هذه المبالغ في الخدمات العامة للمواطنين. وفضلاً عن الفساد، تسببت الحروب برفع نسبة الفقر إلى 30% وارتفعت نسبة البطالة لتتجاوز الـ30% ونتجت أزمة سكنية، لترتفع الحاجة إلى المساكن اليوم إلى ثلاثة ملايين وحدة سكنية.
أما الخبير الاقتصادي مؤمل الحسيني، فيلفت بدوره لـ "العربي الجديد"، إلى أن "عمليات التهجير التي قام بها تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" لم يطل الفئات الكسولة اقتصادياً من المجتمع، بل الفئات الناشطة، حيث سلبت أموالها وثرواتها وتحول هؤلاء من منتجين ومساهمين في الناتج المحلي إلى مستهلكين. لذلك فقد عطلت داعش جزءاً كبيراً من النشاط الاقتصادي في المناطق. ويضيف "لو جمعنا ما تسببت به خسائر الحرب الأهلية لوصلت إلى 75 مليار دولار، ناهيك عن الخسائر التي تسبب بها تنظيم داعش منذ دخوله وسيطرته على عدد من مناطق العراق وسيطرته على آبار النفط.

المساهمون