مقاطعة الكيان الصهيوني.. تمدّد غربي وخجل عربي

مقاطعة الكيان الصهيوني.. تمدّد غربي وخجل عربي

03 ديسمبر 2014
لا تتمتع حركة المقاطعة في الدول العربية بالثقل الكافي(أ.ف.ب)
+ الخط -

كيف يمكن لأحد أن ينكر أهمية مقاطعة الكيان الصهيوني؟ قد يجيب قائل بحجة جاهزة دائماً "ثقافة المقاطعة غائبة عن مجتمعاتنا العربية، وأنا كفرد، لن يكون لي أي تأثير يذكر على الاحتلال".

لكن الواقع يؤكد عكس ذلك، فمقاطعة الاحتلال تقض مضاجع الصهاينة ليل نهار، الأمر الذي أجبرهم على مقارعة مقاطعي كيانهم في المحافل الدولية ووصفهم بالمعادين للسامية، وهي الذريعة التي دائما ما يلجأ إليها الكيان لاستدرار العطف الغربي، هذا فضلاً عن تجنيد جيش إلكتروني (مدفوع الأجر) من المدافعين عنه بهدف تلميع صورته أمام الرأي العام العالمي، وإرسال بعثات طلابية إلى الخارج لمجابهة حركات المقاطعة المنتشرة في حرم الجامعات الأميركية والأوروبية.

تتعدد حركات مقاطعة إسرائيل وتتنوع أساليبها من الاقتصادي إلى الأكاديمي والثقافي فالفني وغيرها، ورغم غياب الإجماع في حركة المقاطعة حول الهدف النهائي منها، بين مَن ينادي بتحرير كامل التراب الفلسطيني وصون حق العودة لجميع اللاجئين الفلسطينيين، وبين مَن يدعو إلى حل الدولتين وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي المحتلة عام 1967، إلا أنها تتسم بخطورتها على دولة الاحتلال خاصة مع نموها بشكل مضطرد في الأوساط الشبابية العربية والأجنبية في الغرب.

وأبرز مثال على ذلك في الدول الغربية، نجاح الطلاب في استحضار القضية الفلسطينية وبقوة إلى الحرم الجامعي، عن طريق إنشاء نواة تعمل على نشر الوعي بالقضية الفلسطينية وممارسات الاحتلال الإسرائيلي وسياسات الفصل العنصري عبر تنظيم المؤتمرات والندوات والتظاهرات الفاعلة حول تلك القضايا، ناهيك عن الضغط على إدارة الجامعات لفرض المقاطعة الأكاديمية على الجامعات الإسرائيلية.

هذه النواة أضحت تجتاح الجامعات الأميركية والأوروبية وأبرزها مجموعة SJP (طلاب من أجل العدالة في فلسطين) في كل من الولايات المتحدة وكندا، وNUS (الاتحاد الوطني لطلبة المملكة المتحدة)، الذي يضم أكثر من 7 ملايين طالب.

أما في عالمنا العربي، فنرى سباقاً للتطبيع مع الكيان الصهيوني وتنامياً لنبذ مقاطعته على مختلف الأصعدة، سراً وعلانية. ويذهب البعض إلى رفض مقاطعة الاحتلال تحت ذريعة حرية التعبير، إذ إن الحق الطبيعي للإنسان بمقاومة محتله بشتى الوسائل المتاحة، وحتى السلمية منها، تحوّل اليوم إلى تهمة.

حركة المقاطعة في الدول العربية لا تتمتع بالثقل الكافي، رغم أنها كانت فاعلة حتى بداية تسعينيات القرن الماضي على المستويين الشعبي والرسمي قبل التوقيع على اتفاقية أوسلو المشؤومة، التي بدأت معها فعالية المقاطعة العربية بالانحسار تدريجياً مع الانفتاح الاقتصادي والسياسي للاحتلال الإسرائيلي على دول عربية وغير عربية، بعد اتفاقية وادي عربة مع الأردن وقبلها منذ توقيع السلام مع مصر، كانت قد امتنعت في السابق عن إنشاء أي علاقة دبلوماسية أو اقتصادية مع الاحتلال، الأمر الذي أخرج إسرائيل من العزلة التي كانت مفروضة عليها.

واليوم، تكتفي المجموعات الشبابية المؤيدة للمقاطعة في الدول العربية بإصدار البيانات بين الحين والآخر وتنظيم التظاهرات الخجولة بين الفينة والأخرى، فترى غياباً لثقافة المقاطعة في أوساط الشباب الذي انغمس في قضاياه اليومية منشغلاً عن القضية المركزية، ألا وهي فلسطين. ويكتفي العديد من الشباب العربي بالإدانة والاستنكار لدى شن الاحتلال عدواناً جديداً على قطاع غزة، أو الاعتداء على المقدسات في القدس المحتلة، ناسين أو متناسين أن الإنسان الفلسطيني والأرض الفلسطينية يقبعان تحت الاحتلال في كل يوم. وليس بالدعاء وحده تتحرر فلسطين، إذ إن ما يملكه المحتل الصهيوني أكثر بكثير من كتاب مقدس يتلو فيه صلواته التلمودية.


*لبنان

المساهمون