كيف تسيطر الأحزاب اللبنانية على المتضررين منها؟
لماذا لا يثور اللبنانيون على واقعهم؟ سؤال يُطرح في كل مرة يتم استعراض الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها المواطنون. إلا أن اللبنانيين، فعليّاً، لا يعتبرون أنهم مضطرون للنزول إلى الشارع لتحقيق مطلب ما. أما الأسباب، فعديدة. فلنتحدث أن أبرز الخدمات الضعيفة في لبنان.
من المعلوم أن الكهرباء مقطوعة دائماً في لبنان، بفعل تقنين يأكل نصف ساعات النهار، وأحياناً أكثر. أزمة الكهرباء لم تجد أي حل على يد أي طرف من الأطراف المستحكمة بالسلطة العامة في البلاد. الحلول، طبعاً، متوافرة، والمشاريع متكدسة في أدراج الوزراء ورئاسة الحكومة ومجلس النواب. إلا أن لا نيّة فعلية لحل هذه المعضلة. وأيضاً هنا الأسباب عديدة.
فقد حوّلت أحزاب السلطة مؤسسة الكهرباء الى مرتع توظيفي وفق محسوبيات حزبية ومذهبية. كذلك، تستفيد الأحزاب من صفقات شراء الفيول، ومن مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص، عبر دخول الأحزاب باسم شركات خاصة إلى القطاع للاستيلاء على المال العام... هكذا، تستفيد الأحزاب في غالبيتها من أزمة الكهرباء، وتتمدد استفادتها الى خارج المؤسسة عبر تسليم المحسوبين عليها دفة تقديم الكهرباء البديلة عبر المولدات الى المواطنين بأكلاف مرتفعة.
هنا، يصمت اللبنانيون التابعون لهذه الأحزاب المختلفة، فإذا لم يكن المواطن "أ" موظفاً وفق المحسوبيات، ومديراً لشركة توزيع شركات المولدات، فمن الطبيعي أن يكون أخوه أو ابن عمه أو أحد أقاربه مستفيداً من منظومة الفساد هذه. أما الخارجون من البوتقة الحزبية، فيمارسون الصمت، لعدم إيمانهم بإحداث أي تغيير.
كذا، لا يوجد ضمان شامل في لبنان، وقد تم قتل كل المشاريع المرتبطة بهذه الخدمة في المهد التشريعي. وغياب هذه الخدمة، من المفترض أن يلقي بظلاله الشديدة على حياة اللبنانيين وصحتهم، كونهم غير خاضعين للتغطية الصحية العامة من جهة، في مقابل ارتفاع كلفة التأمين الخاص من جهة أخرى. وهنا أيضاً تبرز المصالح، إذ يسيطر حزب واحد (وحلفاؤه من تحت الطاولة) على توظيفات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ويعتبر الصندوق "حصّته" المذهبية.
ولكن ألا يتضرر أتباع هذا الحزب، وأتباع حلفائه من غياب هذه الخدمة؟ كلا، فقد اخترع هذا الحزب ما يسمى بالبطاقة الصحية. بطاقة تسمح لأتباع الحزب وأتباع حلفائه بالاستفادة من تغطية صحية شبه كاملة بكلفة تصل الى 7 دولارات شهريّاً. وطبعاً لا يدفع الحزب من جيبه الخاص لتمويل هذه البطاقة، إذ تتم تغطيتها من وزارة الصحة التي يسيطر عليها الحزب نفسه! أمّا أتباع الأحزاب المناوئة، فهم إمّا لا يعرفون شأن هذه البطاقة، أو لا يتحركون لأن أحزابهم لديها، أيضاً، حصتها المذهبية في مؤسسات عامة أخرى. وعلى أي حال، إن تحركوا فسيتم جرف مطالبهم الى خندق السياسة.
لننتقل إلى قضية أخرى، تنتشر في لبنان آلاف الجمعيات ذات الطابع المذهبي، التي تقدم خدمات للمواطنين، خدمات تبدأ بالمساعدات العينية الغذائية وتصل إلى التعليم "المجاني"، والطبابة "المجانية". هل فعلاً تقدم هذه الجمعيات المذهبية التي يتبع غالبيتها أحزاباً في السلطة خدمات مجانية؟ من خلال تتبع مستندات وزارة الشؤون الاجتماعية، يمكن وبكل سهولة تبيان أن هذه الجمعيات والمدارس والمستوصفات تحصل على مخصصات كبيرة من الوزارة، أي من الحكومة، أي من المال العام، وذلك من الضرائب التي يدفعها كل اللبنانيين من شتى الاتجاهات والفئات الاجتماعية. ويظهر في هذا الملف، كيف تموّل الأحزاب المذهبية الموجودة في السلطة، وجودها المجتمعي، وتثبت حضورها وتؤمن استمرارية طغيانها القسري.
هي صورة مختصرة لثلاث خدمات فقط، تُظهر آلية سيطرة حزب لبناني على آلاف الأتباع. يتم منع تقديم خدمة عامة وأساسية، في المرحلة الأولى. يتعطش الناس للحصول على هذه الخدمة. يقدم الحزب الخدمة التي منعها في مجلسي النواب أو الوزراء أو كليهما، من جيبة المواطنين، ولكن على شكل خدمة حزبية. يرتبط المواطن بالحزب عبر مصلحة أساسية. يعتاد المواطن على هذا الارتباط ويدافع عنه ليدافع فعليّاً عن وجوده. تتم تغذية هذه المصلحة بأفكار مذهبية. تكتمل معادلة السيطرة – الانصياع. وتستمر الدوّامة.
فقد حوّلت أحزاب السلطة مؤسسة الكهرباء الى مرتع توظيفي وفق محسوبيات حزبية ومذهبية. كذلك، تستفيد الأحزاب من صفقات شراء الفيول، ومن مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص، عبر دخول الأحزاب باسم شركات خاصة إلى القطاع للاستيلاء على المال العام... هكذا، تستفيد الأحزاب في غالبيتها من أزمة الكهرباء، وتتمدد استفادتها الى خارج المؤسسة عبر تسليم المحسوبين عليها دفة تقديم الكهرباء البديلة عبر المولدات الى المواطنين بأكلاف مرتفعة.
هنا، يصمت اللبنانيون التابعون لهذه الأحزاب المختلفة، فإذا لم يكن المواطن "أ" موظفاً وفق المحسوبيات، ومديراً لشركة توزيع شركات المولدات، فمن الطبيعي أن يكون أخوه أو ابن عمه أو أحد أقاربه مستفيداً من منظومة الفساد هذه. أما الخارجون من البوتقة الحزبية، فيمارسون الصمت، لعدم إيمانهم بإحداث أي تغيير.
كذا، لا يوجد ضمان شامل في لبنان، وقد تم قتل كل المشاريع المرتبطة بهذه الخدمة في المهد التشريعي. وغياب هذه الخدمة، من المفترض أن يلقي بظلاله الشديدة على حياة اللبنانيين وصحتهم، كونهم غير خاضعين للتغطية الصحية العامة من جهة، في مقابل ارتفاع كلفة التأمين الخاص من جهة أخرى. وهنا أيضاً تبرز المصالح، إذ يسيطر حزب واحد (وحلفاؤه من تحت الطاولة) على توظيفات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ويعتبر الصندوق "حصّته" المذهبية.
ولكن ألا يتضرر أتباع هذا الحزب، وأتباع حلفائه من غياب هذه الخدمة؟ كلا، فقد اخترع هذا الحزب ما يسمى بالبطاقة الصحية. بطاقة تسمح لأتباع الحزب وأتباع حلفائه بالاستفادة من تغطية صحية شبه كاملة بكلفة تصل الى 7 دولارات شهريّاً. وطبعاً لا يدفع الحزب من جيبه الخاص لتمويل هذه البطاقة، إذ تتم تغطيتها من وزارة الصحة التي يسيطر عليها الحزب نفسه! أمّا أتباع الأحزاب المناوئة، فهم إمّا لا يعرفون شأن هذه البطاقة، أو لا يتحركون لأن أحزابهم لديها، أيضاً، حصتها المذهبية في مؤسسات عامة أخرى. وعلى أي حال، إن تحركوا فسيتم جرف مطالبهم الى خندق السياسة.
لننتقل إلى قضية أخرى، تنتشر في لبنان آلاف الجمعيات ذات الطابع المذهبي، التي تقدم خدمات للمواطنين، خدمات تبدأ بالمساعدات العينية الغذائية وتصل إلى التعليم "المجاني"، والطبابة "المجانية". هل فعلاً تقدم هذه الجمعيات المذهبية التي يتبع غالبيتها أحزاباً في السلطة خدمات مجانية؟ من خلال تتبع مستندات وزارة الشؤون الاجتماعية، يمكن وبكل سهولة تبيان أن هذه الجمعيات والمدارس والمستوصفات تحصل على مخصصات كبيرة من الوزارة، أي من الحكومة، أي من المال العام، وذلك من الضرائب التي يدفعها كل اللبنانيين من شتى الاتجاهات والفئات الاجتماعية. ويظهر في هذا الملف، كيف تموّل الأحزاب المذهبية الموجودة في السلطة، وجودها المجتمعي، وتثبت حضورها وتؤمن استمرارية طغيانها القسري.
هي صورة مختصرة لثلاث خدمات فقط، تُظهر آلية سيطرة حزب لبناني على آلاف الأتباع. يتم منع تقديم خدمة عامة وأساسية، في المرحلة الأولى. يتعطش الناس للحصول على هذه الخدمة. يقدم الحزب الخدمة التي منعها في مجلسي النواب أو الوزراء أو كليهما، من جيبة المواطنين، ولكن على شكل خدمة حزبية. يرتبط المواطن بالحزب عبر مصلحة أساسية. يعتاد المواطن على هذا الارتباط ويدافع عنه ليدافع فعليّاً عن وجوده. تتم تغذية هذه المصلحة بأفكار مذهبية. تكتمل معادلة السيطرة – الانصياع. وتستمر الدوّامة.