الخصخصة تخرج آلاف العمال من شركة الحديد المصرية

الخصخصة تخرج آلاف العمال من شركة الحديد المصرية

29 ديسمبر 2014
من تحركات عمال شركة الحديد (Getty)
+ الخط -
تعثَّرت العديد من الصناعات المصرية خلال الفترة الماضية. وجاءت صناعة الحديد والصلب، على رأس تلك الصناعات. إذ تكبَّدت أكبر شركة للحديد والصلب في مصر خسائر تقترب من المليار ونصف خلال عامين، الأمرُ الذي يطرَح تساؤلات عديدة حول أسباب تلك الخسائر ومنهجيَّة الدولة في التعامل معها. خصوصاً مع تصفية الوظائف بحيث فقد ما يزيد عن 23 ألف عامل وظيفته، من أصل 36 ألف عامل، خلال أربع سنوات.

سيناريو متعمد
يقولُ عضو اللجنة النقابيَّة للصّناعات المعدنيَّة محمود الفاوي، إنَّ صِناعة الحديد والصلب في مصر تنقسم إلى نوعين. النوع الأول، هو صناعة منتجات خامة، وتنفرد بها شركات القطاع العام. والنوع الثاني، هو الصناعة المعتمدة على إعادة تصنيع الخردة، وتمتلكها شركات القطاع الخاص بصورة أساسية. علماً أنَّ أزمة صناعة الحديد والصلب في مصر تتمركز في الشركات الحكومية، التي تنتج الحديد والصلب معتمدة على فحم الكوك.
ويشيرُ الفاوي إلى أنَّ إنْتاج الحديد والصلب، يحتاجُ إلى الفحم والغاز والمازوت والسولار، الأمرُ الذي يكلّف قُرابة الـ 53 مليون دولار سنويّاً، وهي تكلفةٌ ليسَت مُرتفعة، مقارنةً بما تحققه تلكَ الصّناعة من أرباح قبل الحالة المتردّية التي هي عليها الآن.
يُلخّص الفاوي أزمة صناعة الحديد والصلب في مصر، في غياب فحم الكوك، الذي يجسد مادة أساسية من مواد إنتاج الحديد والصلب في مصر. وأدى غياب فحم الكوك إلى خسائر تقدر بمليار و35 مليون جنيه خلال العامين الماضيين. وتعمل شركة الحديد والصلب في منطقة التبين بحلوان، بما لا يزيد عن 20% من طاقتها الإجمالية.
ويقول الفاوي، إنه بدلاً من إنشاء مصنعٍ جديد للحديد والصلب، يجب أن تسعى الدولة إلى تطوير المصنع المتواجد فعليّاً، والذي يمتلك خبرات لا يمكن الاستغناء عنها.
ويرى القيادي العمُّالي، محمود عبد الرحمن، أزمةَ الحديد والصلب برؤيةٍ مُختلفة عن ممثّل النقابة الرسمية. ويقول عبد الرحمن إنَّ هنالك اتجاهاً وإرادةً لدى الحكومة المصرية، في إلحاق الخسارة بشركات قطاع الأعمال والقطاع العام خلال الفترة الراهنة، وذلك من أجل خُطّة جديدة للخصخصة.
ويعتبر عبد الرحمن هذا التخسير المتعمد استكمالاً لسيناريو دولة مبارك وحكومة عاطف عبيد. ويؤكّد القيادي العمالي على خطة الدولة المقصودة في تخسير الحديد والصلب لصالح الخصخصة، بقيام الحكومة منذ عام 2005 حتى عام 2010 برفع أسعار الطاقة، حتّى وصل الأمر بأنَّ شركة الحديد والصلب التابعة للقطاع العام، كانت تدفع 42 دولاراً ثمن الكهرباء لإنتاج كل طن حديد. علماً أن شركة "حديد عز" التابعة للقطّاع الخاص، كانت تتكلف 3.50 دولارات فقط مقابل إنتاج كل طن.
ويقول عبد الرحمن إنّ نفس السياسة الاقتصاديَّة تنتهَج في الوقت الحالي. حيث قامت الحكومة الحاليَّة أخيراً، بفصل شركة فحم الكوك عن شركة الحديد والصلب الرسميَّة. إذ تعطَّلت صناعة الحديد والصلب، وأصبحت تعمل بأقلّ من ربع طاقتها. إضافة إلى غياب الصيانة الدورية لكافة معدات العمل الموجودة داخل المصنع، والإصرار على هضم حقوق العمال، وإجبار الغالبية العُظمى منهم على الخروج على المعاش المبكر. وتكون بذلك الشركة قد فقدت ما يزيد عن 23 ألف عامل من أصل 36 ألف عامل خلال أربع سنوات.

الحل في الخصخصة..
إلا أن الخبير الاقتصادي، رشاد عبده، يقول لـ "العربي الجديد" إنَّ ادّعاء البعض بأنَّ هنالك مُحاولة لتخريب شركات القطاع العام، هي ادّعاءات لا قيمة ولا منطق لها. ويتساءل رشاد عن سبب سعي الدولة في الفترة الراهنة، وهي فترة أزمات، بأن تخسر شركات القطاع العام التابعة لها. ويؤكد عبده أنَّ كل ما في الأمر، أن هناك شركات تهالكت، ولا يمكن لها العمل بدون إعادة نظر حقيقية بثقافة التمسّك بالقطاع العام، وذلك لوقف نزيف الخسائر الذي تشهده مصر.
ويشير عبده إلى أنَّ رئيس مجلس الوزراء إبراهيم محلب، قد اتّخذ قراراً بتشكيل لجنة وزارية. وستضمُّ اللجنة كلاً من وزراء الاستثمار والقوى العاملة والصناعة والمالية لبحث أزمة الشركات الخاسرة، وقد تكون الحلول بيع تلك الشركات للمستثمرين الأجانب. وقد تكون الحلول الأخرى، الاستعانة بإدارة أجنبية للخبرة مثلاً، أو إعادة هيكلة تتضمن إجراءات واضحة للتشغيل.
ويشدّد الخبير الاقتصادي على أنَّ الشركة التي تخسر ما يقارب من مليار ونصف على مدار عامين، لا يوجد أي غضاضة في تصفيتها أو خصخصتها، ومنح العمال جزءاً من ثمنها لبدء مشروعات جديدة.

دلالات

المساهمون