الشباب اليمني في الساحة "على طول"

الشباب اليمني في الساحة "على طول"

05 نوفمبر 2014
حملة "الجدران تتذكرهم" لرسم شخصيات المخفيين قسريّاً (الأناضول)
+ الخط -

العشرات من خريجي الجامعات، العاطلون عن العمل، يتدافعون بأجسادهم النحيلة، إلى أحد الشوارع الوسيعة في محافظة تعز اليمنية، ويهتفون بأصوات مبحوحة: الشعب يريد إسقاط النظام.

هكذا بدا أول مشاهد الثورة الشبابية السلمية في اليمن؛ إذ أشرقت شمس الـ11 من فبراير/شباط 2011 مسجلةً انضمام الجمهورية التي يزيد عدد سكانها عن 24 مليون نسمة، وتعانى سوءاً متزايداً في الأوضاع الاقتصادية والسياسية والأمنية، إلى ركب "الربيع العربي".

وأخذ الشباب اليمني على عاتقه مسؤولية التداعيات التي لحقت بمسيرة ثورتهم، بما في ذلك من مؤامرات ومؤتمرات وسلم وحرب. ولطالما كانت ورودهم التي حملوها في أيديهم في الساحات الثورية، هدفاً سهلاً للبارود، في ظل وجود نظام اتخذ من انشقاق الجيش بهدف تأييد الثورة، ذريعة ضرب الجميع.

حسين السهيلي، أحد شباب الثورة الذين تدافعوا باكراً إلى ساحة الحرية في محافظة تعز، يؤكد أن غالبية شباب الساحة كانت أهدافهم كبيرة، لكن ما وصفها بـ"المؤامرة من الأحزاب السياسية والقوى الإقليمية والدولية أيضاً، كانت أكبر". يروي السهيلي لـ"جيل": كنا متحمسين للغاية، وكان بيننا انسجام تام، رغم أننا كنا من مختلف التوجهات السياسية. ويتذكر: لقد رسمنا صورة حضارية حين تآلفت أرواحنا الثورية، واستطاعت الساحة أن تذيب الفوراق الحزبية والفكرية، بين الشباب.

حاول نظام صالح إحداث انشقاقات في صفوف الثوار اليمنيين في كل الساحات، وبدأت حينها الفوارق تظهر بين الشباب. وقبل هذه اللحظة لم يكن ليعلم أحدهم أن الذي يجلس معه في الخيمة نفسها ينتمي إلى حزب سياسي مغاير ولديه أفكار وطموحات مختلفة.

عشرات شباب الثورة اليمنية عادوا إلى أعمالهم الاعتيادية، لكن بشكل غير عادي، بعد أن رفعت الخيام من غالبية الساحات. الإعلامي فياض النعمان، أحد شباب ساحة التغيير في صنعاء، اتجه نحو تأسيس موقع إخباري إلكتروني سماه "صوت الحرية" ومن خلاله يقوم بعمله الصحافي إضافة إلى إسهامه في تشكيل مساحة، ولو افتراضية، تعبر عن وجهات نظر وآمال شباب الثورة.

أما الفنان التشكيلي مراد سبيع، فقد اتجه مع مجموعة من التشكيليين الشباب إلى الكفاح بواسطة الريشة والألوان. لقد أنجز عشرات الأنشطة في مختلف المحافظات، حيث قام بأول حملة كانت تتعلق بمناشدة القوى المتصارعة بإيقاف الحرب في العاصمة، وتلتها حملة "الجدران تتذكرهم" وهي حملة رسوم شخصيات من المخفيين قسريّاً امتلأت بها جدران الشوارع الرئيسية في صنعاء والحديدة وتعز وغيرها، وهو بهذا ينقل قضية قطاع من الشعب اليمني لتعمم على الفضاء الذي يوجد فيه أكمل الشعب.

لقد استمرت المحاولات التغييرية المختلفة من الشباب طوال مراحل الثورة، محدثين أثراً إيجابياً في الفضاء العام. ففي حين اجتاح مسلحو مليشيا الحوثي صنعاء في الـ21 من سبتمبر/أيلول الماضي، ما تزال تتواصل الفعاليات الاحتجاجية من الشباب المستقلين للمطالبة بإخراج المسحلين من المدن اليمنية.

طموحات الشباب اليمني لا تزال كما كانت حين انفجرت ثورة فبراير 2011، رغم كل شيء سيء قابلته ولا تزال تواجهه ثورتهم التغييرية حتى اليوم.

المساهمون