استمع إلى الملخص
- تبرز الحاجة لتعزيز المشاركة الفلسطينية الشاملة في المشاورات، بمشاركة ناشطين وداعمين دوليين لتعزيز الموقف الفلسطيني ضد الخطط الصهيوأميركية.
- التواصل مع الحركات التضامنية العالمية ضروري لتوضيح حقائق العدوان، حيث تلعب دورًا كبيرًا في مواجهة الاحتلال وشريكه الأميركي.
أكثر من عشرة أيّام على إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ومن خلفه رئيس وزراء الاحتلال الصهيوني بنيامين نتنياهو نهاية العدوان على قطاع غزّة، وتوقيع وثيقة اتّفاقٍ شامل مع فصائل المقاومة الفلسطينية بقيادة حركة حماس، أو بتصدرها مشهد التفاوض والعمل السياسي بالحدّ الأدنى. لكن؛ ورغم تنفيذ فصائل المقاومة لمعظم التزاماتها، إن لم يكن كلّها، مع توضيح صعوبة الكشف عن أماكن دفن جثث أسرى الاحتلال الذين قتلوا نتيجة عدوانه المستمر منذ أكثر من عامين، ما زال الاحتلال بدوره مستمرًا في عدوانه على قطاع غزّة، مع تراجع ملحوظٍ في تواتر عملياته العسكرية، استمرار الحصار اللاإنساني، قصف عسكري متقطع، قنص وعمليات عسكرية متفرقة، وسواها من الخروقات الصهيونية، التي اعتدنا عليها.
كما لا يخفي الاحتلال وشريكه الأميركي أهدافهم الخبيثة، تجريد فصائل المقاومة من سلاحها الشرعي، وتجريم الحقوق الفلسطينية، من خلال فرض مناهج تعليمية تنكر معظم الحقوق الفلسطينية، كما تنكر طبيعة الاحتلال الصهيوني، التّي أكدتها عشرات القرارات الدولية، بل بعض قرارات المحاكم الدولية؛ محكمتي العدل الدولية والجنائية الدولية، إلى جانب تثبيت واقع احتلال الأراضي الفلسطينية برعاية إقليمية ودولية، عبر وصاية إقليمية ودولية تذكر بمرحلة الاحتلال/ الانتداب البريطاني، ما سيحول قطاع غزّة وربّما فلسطين إلى احتلال معقدٍ ومركبٍ يصب في صالح تثبيت واقع الاحتلال الصهيوني، ويحجب عنه الملاحقات القانونية والمحاكمات الشعبية.
مواجهة ورقة ترامب الصهيوأميركية مسؤولية فلسطينية شاملة، ما يعني ضرورة العمل على مشاركة طيف واسع من الفلسطينيين بالمشاورات خصوصًا من الناشطين الحقوقيين، والإعلامين
هنا لا بدّ من الإشارة؛ إلى أنّ تجربة الاحتلال المركبة، هي تكرارٌ مطورٌ لتجربة سلطة حماية الاحتلال القائمة في رام الله، مع تخفيض التمثّيل السياسي الفلسطيني، بل إلغائه، وتقليل خطر ارتداد العناصر الأمنية على الاحتلال، عبر وضع حواجز إضافية تقلل من احتمال تصاعد المقاومة الفلسطينية مستقبلاً. بمعنى أخر، يمكن بنظرة سريعة إدراك واقع الضفّة الغربية المستكينة بصورة صادمةٍ لإرادة الاحتلال، في غيابٍ كاملٍ لمقاومتها السلمية وغير السلمية، وتوقع استكانةٍ أكبر في قطاع غزّة في حال نجاح الخطط الصهيوأميركية.
في ظلّ الواقع الصعب الحالي، وفي ضوء عدم نجاح الاحتلال وشريكه الأميركي في فرض خططهم وتثبيتها، تبدو إمكانيات مقاومتها وإفشالها كلّيًا ممكنةً، إن أدركنا عوامل قوتنا الراهنة، وعززناها، واستعدنا لمرحلة مستقبلية من العدوان الصهيوني قد تشهد عودته إلى عدوان الإبادة الجماعية، التّي يتمنى الكاتب ألا يطاول قطاع غزّة بتاتًا. أولى تلك النقاط، امتداد الشعب الفلسطيني الجغرافي، ومشروعية نضاله، فحصر المواجهة بقطاع غزّة استنزاف انتحاريٌ، لذا لا بدّ من استنهاض الحركات النضالية الفلسطينية داخل فلسطين وخارجها، خصوصًا في الضفّة الغربية والأراضي المحتلة عام 1948، بأي نمطٍ كان، حتّى لو كانت اعتصامات صامتة طيارة، أو سواها من الوسائل، فمن غير المبرر تراجع الفعل الشعبي الفلسطيني في معظم مدن فلسطين وبلداتها.
كذلك الأمر في ما يخص دول المنطقة العربية، التّي خفتت معظم قواها الشعبية الحية، في لحظة صادمةٍ وكأنّها لا تدرك حجم الخطر المحدق بها، من سورية ما بعد سقوط الأسد، وصولًا إلى مصر أم الدنيا! هنا لا بدّ من التوضيح، أننا لا نتحدث عن ممارسة الحقّ في مقاومة الاحتلال مقاومة مسلحةً، بل عن أي نمطٍ نضاليٍ علنيٍ مهما ضعف، بشرط دوريته وتكراره الدائم والمشاركة الشعبية الواسعة.
ثاني النقاط، تراجع التمثيل الفصائلي لصالح التمثيل الوطني، هنا يجب الإشادة برد حماس السياسي على مبادرة ترامب، ومطالبتها بنقاشها فلسطينيًا مع سائر الفصائل والقوى، لكن خطوتها هذه متأخرة (طالب بأكثر منها الكاتب منذ نحو عامين)، وغير كاملة، فمواجهة ورقة ترامب الصهيوأميركية مسؤولية فلسطينية شاملة، ما يعني ضرورة العمل على مشاركة طيف واسع من الفلسطينيين بالمشاورات خصوصًا من الناشطين الحقوقيين، والإعلامين، والأكاديميين، والناشطين في المجتمعات الغربية، الذين يتواصلون بفاعلية مع الحركة التضامنية الشعبية العالمية. بل يمكن التشاور مع داعمي القضية الفلسطينية الصلبين أيضًا، كما في جنوب أفريقيا، وكولومبيا وأيرلندا، وسواهم من الدول أو الحكومات.
لا يخفي الاحتلال وشريكه الأميركي أهدافهم الخبيثة، تجريد فصائل المقاومة من سلاحها الشرعي، وتجريم الحقوق الفلسطينية، من خلال فرض مناهج تعليمية تنكر معظم الحقوق الفلسطينية
ثالث النقاط؛ تعزيز التواصل مع الحركات التضامنية الشعبية حول العالم، إذ أشارت الفقرة السابقة إلى ضرورة مشاركة الناشطين الفلسطينيين في دول المعسكر الغربي وحول العالم في مشاورات الاتّفاق أو الخطة الصهيوأميركية، إلى جانب دعوة داعمي فلسطين وقضيتها الصلبين إلى المشاورات بصفة استشارية، وأخيرًا فتح أبواب التواصل المباشر، لتوضيح حقائق العدوان، وأنماطه الجديدة، وتوضيح أهمّية حفاظ الحركة التضامنية على زخمها الحالي، إذ يبدو أنّها العامل الأكثر تأثيرًا في اللحظة الراهنة.
طبعًا؛ هناك نقاط كثيرةٌ أخرى لكن سنكتفي بتلك الآن نظرًا لأهمّيتها؛ في تقدير الكاتب، وقدرتها على قلب الطاولة على الاحتلال وشريكه الأميركي، فهل تدرك فصائل المقاومة ذلك الآن، أم ستمضي في مسار سياسي مبهمٍ مجردةً من أهمّ عوامل قوتها، شعب فلسطين والحركة التضامنية العالمية؟