التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي في ظل الإبادة الجماعية

28 يوليو 2025   |  آخر تحديث: 07:51 (توقيت القدس)
تظاهرة أندونيسية أمام السفارة الأميركية في جاكرتا، 2025/7/11 (أفريادي حكم/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- حرب غزة وتطبيع العلاقات: منذ أكتوبر 2023، يتعرض قطاع غزة لهجمات إسرائيلية عنيفة تستهدف المدنيين والبنية التحتية، بينما تستمر بعض الدول الخليجية، مثل الإمارات والسعودية، في تعزيز علاقاتها مع إسرائيل، متجاهلةً معاناة الفلسطينيين.

- تطبيع الإمارات والسعودية: الإمارات تعزز علاقاتها مع إسرائيل في مجالات متعددة، بينما السعودية تظهر تقاربًا متسارعًا رغم إعلانها الالتزام بالقضية الفلسطينية، مما يعكس تناقضًا بين الخطاب والواقع.

- الوعي الشعبي والموقف العربي: رغم التطبيع الرسمي، تظل الشعوب العربية متمسكة بالقضية الفلسطينية، حيث تنظم التظاهرات وحملات المقاطعة، مما يدل على وعي شعبي قوي يواجه السياسات الرسمية.

في الوقت الذي تقترف فيه حرب الإبادة الجماعية، والمجازر اليومية في قطاع غزّة، ويستمر فيه قصف إسرائيل للأراضي السورية، تمضي بعض الدول الخليجية في توسيع علاقاتها مع تل أبيب، وكأن شيئًا لا يحدث. في ظلّ هذا الواقع المروّع، يبدو أن مشهد التطبيع لم يعد مجرد سياسةٍ خارجيةٍ، بل بات انعكاسًا لانهيارٍ أخلاقيٍ واضحٍ في بعض المواقف الرسمية العربية.

غزة تحترق... والخليج يوقّع اتّفاقيات

منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، يتعرض قطاع غزّة لحرب إبادةٍ حقيقيةٍ، بكل ما تحمله الكلمة من معنى، إذ تستهدف مئات الغارات الإسرائيلية منازل المدنيين، المستشفيات، المدارس، وحتّى مخيّمات النازحين، موقعةً آلاف القتلى والجرحى، غالبيتهم من النساء والأطفال، ودمارًا شاملًا لم يترك شيئًا قائمًا. هذه ليست مجرد حملةٍ عسكريةٍ، بل جريمةٌ موثقةٌ ضدّ الإنسانية.

رغم ذلك كلّه، ما زالت بعض العواصم الخليجية، وفي مقدمتها أبو ظبي والرياض، تفتح الأبواب أمام تل أبيب، وتواصل الحديث عن "فرص السلام" و"التعاون الإقليمي". أيُّ سلامٍ هذا، وغزة تئنّ تحت الركام؟

يبدو الموقف السعودي أكثر حذرًا في العلن، لكن تحت الطاولة هناك مؤشراتٌ واضحةٌ إلى تقاربٍ متسارعٍ مع إسرائيل، زياراتٌ متبادلةٌ، تفاهماتٌ أمنيةٌ، واهتمامٌ مشتركٌ بمواجهة إيران

الإمارات: تطبيعٌ بلا أقنعةٍ

منذ توقيع اتفاقيات "أبراهام"، لم تتوقف الإمارات عن دفع علاقتها مع إسرائيل نحو الأمام، ليس على المستوى السياسي فقط، بل في الاقتصاد، والتكنولوجيا، وحتّى التعاون الأمني والعسكري. صفقات طائراتٍ من دون طيار، منتدياتٌ اقتصاديةٌ مشتركةٌ، تبادلٌ ثقافيٌ... كلّ شيءٍ يسير كما لو أن الدم الفلسطيني غير مرئيٍ. الأخطر من ذلك؛ أن تعاونها بات يُقدَّم كأنّه "نموذجٌ للسلام"! في وقتٍ لا تزال فيه صور المجازر في قطاع غزّة تملأ الشاشات. ما الذي تبقّى من الموقف العربي، إذا كانت الشراكة مع الاحتلال تُقدَّم على اعتبارها إنجازًا؟

السعودية: بين الخطاب والواقع

يبدو الموقف السعودي أكثر حذرًا في العلن، لكن تحت الطاولة هناك مؤشراتٌ واضحةٌ إلى تقاربٍ متسارعٍ مع إسرائيل، زياراتٌ متبادلةٌ، تفاهماتٌ أمنيةٌ، واهتمامٌ مشتركٌ بمواجهة إيران، بينما ذلك كلّه يجري تُعلن الرياض التزامها بالقضية الفلسطينية. لكن هذا التناقض بات مكشوفًا، لا يمكن الحديث عن "دعم حقوق الفلسطينيين" وفي الوقت ذاته التقرّب من دولةٍ تنتهك تلك الحقوق بوحشيةٍ يوميًا. الصمت السعودي أمام ما يحدث في قطاع غزّة وسورية ليس موقفًا محايدًا، بل هو انحيازٌ مريبٌ لحساباتٍ سياسيةٍ على حساب الدم العربي.

هل فقدنا البوصلة؟

تبرّر بعض الحكومات خطواتها التطبيعية بالقول إنّها تبحث عن مصالحها، أو تحاول "التأثير من الداخل" على إسرائيل! لكن الواقع يقول إن ما يحصل هو تخلٍّ كاملٌ عن فلسطين، وسكوتٌ مدوٍّ عن الاعتداءات على سورية. هذا لم يعد تطبيعًا سياسيًا فقط، بل قبولٌ ضمنيٌ بمشروعٍ استعماريٍ استيطانيٍ يقوم على القتل والطرد والتهجير.

ملحق فلسطين
التحديثات الحية

الشعوب لا تزال على العهد

رغم هذا كلّه، الشعوب العربية — ومنها الخليجية — لم تصمت، التظاهرات، حملات المقاطعة، الأصوات المعارضة للتطبيع، كلّها دليلٌ على أن الوعي ما زال حاضرًا، حتّى لو حاول البعض خنقه، وربما يكون الرهان اليوم على هذا الوعي الشعبي، لا على أنظمةٍ أثبتت أن بوصلتها لم تعد تشير إلى القدس، بل إلى تل أبيب وواشنطن.

المساهمون