انتخابات المجالس البلدية.. هروب للأمام

انتخابات المجالس البلدية.. هروب للأمام

06 اغسطس 2016
مظاهرة الأسير بلال كايد
+ الخط -

أعلنت حكومة الوفاق الوطني في 21 حزيران/ يونيو الماضي، عزمها إجراء انتخابات المجالس المحلية في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول المقبل. وكان رد حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة، إيجابياً.

الفصائل الفلسطينية الأخرى رحبت بدورها بالقرار واعتبرته خطوة صحيحة على طريق تحقيق المصالحة الفلسطينية. يذكر أن انتخابات البلدية جرت في الضفة الغربية منفردة في العام 2012، بعد أن رفضت حركة حماس إجراءها في غزة بدعوى غياب التوافق الوطني.

أغلقت مراكز تسجيل الناخبين مقارها، في الساعة الرابعة من مساء يوم الأربعاء الموافق 27 /7/ 2014، حيث وصلت نسبة المسجلين 89.8٪‏، 76.8 ٪‏ في غزة والضفة الغربية على التوالي، من الذين يملكون حق الاقتراع. وهي نسبة كبيرة تعكس مدى حرص الفلسطينيين على متابعة قضايا الشأن العام. ويبلغ عدد المجالس البلدية والقروية 425 مجلساً، منها 400 مجلس في الضفة الغربية، و25 في قطاع غزة.

وفي استطلاع للرأي أجراه مركز العالم العربي للبحوث والتنمية "أوراد"، صدر في 21 تموز/يوليو 2016، بينت نتائجه أن 54٪‏ من سكان الضفة "هائمة" تبحث عن قائمة مقنعة تصوت لها. فبقدر ما تشير هذه النسبة إلى اهتزاز الثقة الشعبية في الأطر السياسية التقليدية، فإنها تفتح الأفق أمام هذا الجميع لتقديم خيارات جديدة يمكن أن تلبي رغبات الناس وبالتالي تستحوذ على أصواتهم.

مع توقيع جميع الحركات والأحزاب الفلسطينية "وثيقة الشرف"، زالت الكثير من الشكوك التي أبداها السياسيون والمواطنون على حد سواء، والمتعلقة بموعد عقد الانتخابات البلدية في مناطق حكم السلطة الفلسطينية.

وقد تضمن الميثاق 24 بنداً، نص فيها على احترام الفصائل لقانون الانتخابات والحريات العامة، وضمان سير الانتخابات بالشكل المناسب واحترام نتائجها. وانعكست الأجواء الإيجابية بالتصريحات التي أطلقتها الفصائل والتي عبّرت عن حجم الارتياح لما آل إليه التوافق.
حري بالذكر أن لجنة الانتخابات رعت ميثاق شرف مشابهاً بين الفصائل الفلسطينية إبان الانتخابات التشريعية الأخيرة عام 2006.

حماس .. الرابح الأكبر
فاجأت حركة حماس الجميع بموافقتها على عقد الانتخابات المحلية في كل من غزة والضفة الغربية، وفي بيان صادر عنها أكدت الحركة على أهمية المشاركة في إجراء الانتخابات المحلية، وأنها ستعمل على إنجاح الانتخابات وتسهيل إجرائها على أساس توفير ضمانات النزاهة وتكافؤ الفرص واحترام نتائجها، كما أكدت على أهمية العملية الديمقراطية الفلسطينية من خلال إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني الفلسطيني.

وفي مداخلة له، خلال جلسة حوارية نظمها مركز د. حيدر عبد الشافي للثقافة والتنمية، بغزة، بعنوان "انتخابات المجالس المحلية بين الضرورات والتحفظات"، قال القيادي في حركة حماس، سامي أبو زهري، إن سبب تأخر رد حركته هو انتظار الإيضاحات على بعض الاستفسارات والتعهد بضمان احترام النتائج التي ستفسر عنها الانتخابات.

وفي نفس الصدد رأى المحلل السياسي، طلال عوكل، أن حماس رابحة في كل الأحوال، بل هي الرابحة في كل الأحوال ذلك أن النتائج مهما كانت فإنها لن تمس أو تنال من سيطرتها على قطاع غزة.

اليسار .. قائمة موحدة للانتخابات
كشف عضو اللجنة المركزية العامة للجبهة الشعبية، ومسؤول فرعها في قطاع غزة، جميل مزهر، أن القوى الديمقراطية الخمس (الجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية وحزب الشعب وحزب فدا والمبادرة الوطنية الفلسطينية) بصدد تشكيل قائمة موحدة للدخول في الانتخابات البلدية.

وأضاف: "الجبهة كانت الأكثر نداءً للانتخابات التشريعية والرئاسية والنقابية والطلابية، فالانتخابات ضرورة وطنية واستحقاق دستوري، وهي خطوة قد تمهد الطريق نحو تحقيق المصالحة الفلسطينية".

وأكد أن الهدف من هذه القائمة هو كسر حالة الاستقطاب الحاد وثنائية حماس وفتح، وتأسيس "تيار ثالث"، وخلق نوع من التوازن في الساحة الفلسطينية.

ولفت إلى "أن الفصائل تقوم ببحث بنك أسماء الكفاءات المهنية والتقدمية المطروحة، وأن الأيام القادمة ستشهد الإعلان عنها"، في حين يعتقد البعض أن نسبة 8٪‏ للحسم في القائمة الواحدة، هي التي فرضت على الفصائل الديمقراطية التوجه نحو القائمة الموحدة، وخشيتها من عدم القدرة على حصد المقاعد إذا ما كانت مشتتة.

فتح والخيارات الصعبة
منذ اللحظات الأولى على إصدار حكومة الوفاق الوطني قرار الانتخابات البلدية، دارت التساؤلات حول قدرة فتح على النزول بقائمة واحدة، ومنافسة حركة حماس. فـ "فتح" يراها البعض في أسوأ أحوالها بعد انسداد الأفق أمام مشروع المفاوضات الذي تحمله، بالإضافة إلى عجز الحركة عن عقد مؤتمرها السابع. كذلك الأمر بعد الخلاف الذي نشب بين قطبي الحركة (محمد دحلان ومحمود عباس)، ووصل بمركزية الحركة الحال إلى إصدار قرار فصل بحق دحلان وتحويله إلى النائب العام.

الناطق باسم حركة فتح، فايز أبو عطية، في ندوة نظمها مركز الدكتور حيدر عبد الشافي، قال إن حركته ستشارك في الانتخابات انطلاقاً من إيمانها بأهمية عقد الانتخابات الديمقراطية، وبأن الحركة ستخوض الانتخابات في قائمة واحدة.

في حين قال القيادي المفصول من حركة فتح، محمد دحلان، عبر فيديو نشره عبر صفحته على الفيسبوك، إن الانتخابات البلدية فرصة لتستعيد حركة فتح مكانتها وقوتها ووحدتها وإنه سيلتزم بقوائم الحركة ما دامت هذه القوائم قائمة على أسس من "المشاركة الفتحاوية" من الكادر لاختيار من يمثلهم.

من جانبه، محمد نتيل، 26 عاماً، يرى أن "الانقسام داخل الحركة ستكون له آثار كارثية، وفقط بالوحدة يمكن المنافسة وتحقيق الفوز في الانتخابات".

وفي سياق التنافس بين التنظيمين الأكبر، حماس وفتح، يرى المحلل السياسي، أكرم عطا الله، أن حماس "وضعت حركة فتح أمام خيارات صعبة، إما أن تفوز وتشارك في عبء القطاع المحاصر وتتحمل إلى جانبها جزءاً من الأزمة، وإما أن تتهرب من الانتخابات أو تقرر الهروب والخسارة بإرادتها كما حركة حماس".

المرأة الفلسطينية
في مواجهة ثقافة الإقصاء

يضع النظام الانتخابي الحالي الذي أقرته لجنة الانتخابات المركزية، نسبة 20٪‏ حداً أدنى لتمثيل المرأة في المجالس المحلية.

وبحسب قانون "الكوتا" تتوزع مقاعد القائمة الواحدة على الشكل التالي: مقعد للمرأة في أول ثلاثة مقاعد، ومقعد آخر في المقاعد الأربعة التالية، ومقعد ثالث في المقاعد الخمسة التالية، وهكذا.

وبالرغم من إبداء العديد من الناشطات النسويات الرضى والقبول بهذا القانون إلا أن هناك من اعتبرنه يمنح الفرصة لبعض القوائم كي تضع المرأة في "ذيل" القائمة.

وفي لقاء مع رانيا السلطان، منسقة مشروع "إحنا معك إنت تقدري" المنفذ من قبل اتحاد لجان المرأة الفلسطينية بالشراكة مع لجنة الانتخابات المركزية، قالت: "لا توجد ثقة بقوائم الأحزاب الفلسطينية، لأنها لا تؤمن بدور المرأة ولا بحقوقها، حيث لا يتم اختيار المرشحين على أساس الكفاءة".

وتضيف السلطان:" إن النساء بحاجة إلى قائمة تعبر عن طموحاتهن للوصول إلى مواقع صنع القرار، وتسمح لهن بطرح همومهن وتسليط الضوء على قضايا المرأة الفلسطينية". وجدير بالذكر أنه عقد قبل عدة أيام اجتماع للاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، وجرى طرح قضية القائمة النسوية. وعلى الرغم من أنه لم يتم التوافق عليها وإقرارها حتى اللحظة، مع ذلك تعتقد السلطان، أن قائمة المرأة إذا كتب لها أن تكون، ستواجه العديد من الصعوبات في المنافسة أمام الثقافة التقليدية السائدة.

الشباب بين الأمل وغياب الرؤية
تباينت آراء الشباب الفلسطيني بين المؤيدة للمشاركة في الانتخابات البلدية والنزول بقائمة شبابية تمثلهم، وبين طرف ثان يؤيد المشاركة في الانتخابات ويدعم الأحزاب السياسية والقوائم المرتبطة فيها، وبين آخرين ينتظرون أن تكشف الأيام القادمة عن البرامج الانتخابية، التي ستحدد ما إذا كانوا سيشاركون أم لا. بعض الناشطين من الشباب بدأوا جدياً بالتحرك والتواصل بهدف بناء قوائم تمثلهم وتعبّر عن تطلعاتهم.

الناشط الشبابي، سعيد لولو، 29 عاماً، أخبرنا أنه: "لا توجد كوتا تنصف الشباب وحقوقهم، وتضمن لهم تمثيلاً في مواقع صنع القرار، نحن نعاني التهميش في قوائم كبار السن، ولا نثق في الفصائل الفلسطينية بعد هذه التجربة المريرة، لذلك ارتأينا النزول بقائمة شبابية على مستوى قطاع غزة، ونحن نعمل الآن على بلورة طرحها. والنقطة الأهم أن قائمتنا ستكون بدون أجندة سياسية".

من جهتها، الشابة لبنى زين الدين، 25 عاماً، قالت: "إذا ما صدقت الفصائل وسمحت بإجراء الانتخابات، ستكون هذه المرة الأولى لي التي أشارك فيها. وهو حق حرمت منه". أما عن الجهة التي ستمنحها صوتها، فتقول: "سأصوت لقائمة الشباب، لأن الشباب لديهم الكفاءة والقدرة على قيادة المجالس البلدية وحتى التشريعية، ويمتلكون رؤى جديدة للوضع القائم تهدف إلى تغيير الواقع الحالي الذي نتوق إلى تغييره".

أما الشاب خالد شهاب، 24 عاماً، فكان متشائماً إزاء الأمر، حيث قال: "لا أثق في الحركات السياسية الفلسطينية ولا في الحركات الشبابية، لأن الأولى سبب الكارثة التي نعيشها، والثانية لا تمتلك رؤية عملية لتجاوز الحال".

يذكر أن قانون الانتخابات يضع حداً أدنى لمرشح انتخابات المجالس البلدية، 25 عاماً فما فوق.

(كاتب فلسطيني/ غزة)


المساهمون