الخيارات المفتوحة للسوق النفطية

الخيارات المفتوحة للسوق النفطية

17 اغسطس 2015
السوق العالمية أجبرت الشركات الكبرى على خيارات مفتوحة (Getty)
+ الخط -
تواجه السوق النفطية تحديات كبيرة نتيجة مؤشرات السوق العالمية. فمؤشرات السوق لا تؤشر بشيء إيجابي على الربع الأخير من عام 2015، وهو ما سيؤثر على الدول الريعية وخصوصاً الدول التي لديها التزامات داخلية وإقليمية، خصوصاً في منطقة الشرق الأوسط، إضافة إلى أن السوق العالمية أجبرت الشركات الكبرى على خيارات مفتوحة.

فالمؤشرات العالمية لسوق النفط الدولية تشير إلى عدم وضوح في الصورة نتيجة تباين المتغيّرات الدولية والإقليمية على الصعيد الجيو سياسي، وأخيراً نشر بنك سوسيتيه جنرال الفرنسي توقعاته لأسعار النفط في عامي 2015 و2016 ولفت إلى مرونة إنتاج النفط الأميركي وقفزة في إنتاج منظمة أوبك وزيادة تدريجية في الصادرات المتوقعة من إيران العام المقبل، ما جعله يتنبأ بانخفاض أسعار النفط في السوق الدولية. ووصلت توقعات البنك لسعر خام برنت وخام غرب تكساس الوسيط الأميركي في عام 2015 إلى 57.3 دولاراً و51.7 دولاراً للبرميل على التوالي، إضافة إلى تنبؤاته لسعر خام برنت والخام الأميركي في عام 2016 بمقدار خمسة دولارات إلى 60 دولاراً و55 دولاراً للبرميل.

ولو نلاحظ على صعيد السوق الدولية ومؤشرات المستهلك في العالم، نجد أن مسار أسعار العقود الآجلة للنفط الخام مستمرة بالانخفاض وتتجه صوب تسجيل أطول موجة من التراجعات منذ بداية العام وذلك تحت ضغط من هبوط أسعار البنزين مع قرب انتهاء موسم الرحلات الصيفية لعام 2015.

وعلى صعيد متصل، فإن مؤشر التأثير على الدول الريعية من حيث انخفاض أسعار النفط بات أكبر التحديات الكبيرة لدول منطقة الشرق الأوسط. ولو نأخذ مثالاً واضحاً عن ذلك نجد أن المملكة العربية السعودية أفضل مثال للاستقراء والاستشراف، فالعديد من الخبراء الاقتصاديين يرون أن المملكة تواجه فجوة كبيرة في ميزانيتها مدفوعة بانخفاض أسعار النفط وارتفاع حجم إنفاقها العسكري، الأمر الذي دفعها للجوء إلى احتياطاتها من العملات الأجنبية والاقتراض من المصارف المحلية.

السعودية، وفقاً للبيانات المالية، لجأت إلى استهلاك 62 مليار دولار من احتياطاتها من العملات الأجنبية إلى جانب اقتراضها لأربعة مليارات دولار من المصارف المحلية في يوليو/ تموز 2015، في الوقت الذي يتوقع فيه أن تبلغ نسبة العجز 20% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد في العام 2015. ووفقاً لتقرير "كابيتال إيكونوميكس"، فإن موارد الحكومة السعودية ستتراجع بقيمة 82 مليار دولار في العام 2015، أي ما تعادل نسبته ثمانية في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، في الوقت الذي يتوقع فيه صندوق النقد الدولي عجزاً في الميزانية سيستمر حتى العام 2020.

وعلى أثر ذلك، فإن أكبر شركات النفط العالمية تعهدت بخفض النفقات في مشروعاتها الكبيرة لمواجهة تراجع أسعار الخام، ولذلك نجد إمكانية قيام الشركات بخفض أكبر في المصروفات مع هبوط الأسعار إلى أدنى من مستوى 50 دولاراً للبرميل، وهذا ما دفع شركة "بي بي" إلى تجربة مشروعات جديدة للربحية، حول مستوى 60 دولاراً للبرميل بدلاً من 80 دولاراً في العام الماضي. كما تجري شركة "شل" تجارب على مشروعات بربحية عند مستوى 50 دولاراً للبرميل، على الرغم من توقعاتها لأسعار تراوح بين 70 دولاراً و110 دولارات للبرميل. كما أن شركة "توتال" الفرنسية أعلنت خلال العام الحالي أنها خفضت نقطة التعادل لسعر النفط بأكثر من الثلث، لتصل إلى 70 دولاراً للبرميل من 110 دولارات في العام الماضي. بذا، نجد أن الشركات تعمل على إجراء حزمة من التخفيضات تبدو أنها صارمة جداً في موازنتها المالية لعام 2016، خصوصاً مع تقليص المصروفات بمليارات الدولارات نتيجة انهيار أسعار النفط، بدءاً من التنقيب إلى المشروعات الهندسية، ومعدات البناء، وآلات الحفر. أما الدافع الأساس لهذه الإجراءات فجاء بسبب تعاملات النفط في الأسواق العالمية حيث سجلت أسعار النفط للعقود الآجلة أدنى مستوياتها في عدة أشهر.

وبينما ينتظر المستثمرون أرقام الوظائف الأميركية وبيانات بشأن تجارة الصين، بالإضافة إلى جانب وفرة المعروض العالمي، فإن العامل الرئيسي الآخر في دفع أسعار الخام إلى الهبوط من مستوياتها المرتفعة هذا العام، التي سجلتها في مايو/ أيار، هو القلق بشأن الطلب على النفط في الصين، مع تباطؤ نمو ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
(خبير نفطي عراقي)

المساهمون