هل تستطيع دول الخليج الاستمرار في دعم الدول العربية؟

هل تستطيع دول الخليج الاستمرار في دعم الدول العربية؟

22 يونيو 2015
من اليمين حسين النجم وعثمان كاير (العربي الجديد)
+ الخط -
أمام استمرار الاستقرار الهش لأسعار النفط، وارتفاع تكلفة المخاطر الأمنية في منطقة الشرق الأوسط. يطرح السؤال حول قدرة دول الخليج على الاستمرار في دعم الدول العربية مالياً؟

عثمان كاير: لن تتأثر سياسات الدعم الخليجية


قال الخبير الاقتصادي المغربي، عثمان كاير، إن سياسات الدعم المالي التي توجهها دول مجلس التعاون الخليجي لعدد من الدول العربية، لن تعرف أي تغيير في المديين القريب والمتوسط، وذلك لعدة اعتبارات سياسية أولاً، ونظراً للعناصر الاقتصادية القوية التي تضمن التوازن المالي للدول الخليجية، سواء تعلق الأمر- يضيف المتحدث ذاته- بالإنفاق الداخلي، أو الإنفاق الموجه للخارج.

وأوضح الخبير الاقتصادي، عثمان كاير، في تصريحه لـ"العربي الجديد"، أنه يجب التمييز بين الدول الخليجية الكبرى المصدرة للنفط، وذكر من بينها المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، وباقي الدول، حيث اعتبر كاير أن تأثر الفئة الأولى ظهر خلال هذه السنة بحدة أقل من تأثر الفئة الثانية.

وأضاف عثمان كاير أن دول الخليج سوف تحافظ، خلال السنوات الأخيرة، على نفس الإنفاق الخارجي، سواء تعلق الأمر بالاستثمار في الدول العربية، أو الدعم المالي لبعض المشاريع التنموية الموجهة للبنى التحتية، أو عبر توجيه هبات مالية لدعم المشاريع الاجتماعية.

وشرح الخبير الاقتصادي المغربي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، ضرورة وضع عدة عناصر مع بعضها لفهم سياسة الإنفاق الخارجي لدول مجلس التعاون الخليجي، وهي: حجم الاحتياطي، والصادرات من البترول، وحجم الإنفاق الداخلي، وحجم الالتزامات الخارجية، والاحتياطي من العملة الصعبة، وحجم الموجودات في الصناديق السيادية. ووصف كاير العنصر الأخير بالقوي، حيث اعتبر أن الصناديق السيادية الخليجية، تعتبر صمام أمان الوضع الاقتصادي فيها، قبل أن يضيف: "إذا وضعنا العناصر كلها التي ذكرنا في سياق واحد، سنجد أن الدول الخليجية قادرة على الصمود إلى حين استقرار أسعار النفط، وعودتها إلى معدلاتها الطبيعية أو أكثر، وهذه الخطوة مرتبطة بقرار سياسي تملك دول الخليج القدرة على تحريكه".

وأشار عثمان كاير إلى الوضع في الجزائر، حيث قال: "إن المثال الجزائري مهم لفهم تأثير تراجع أسعار النفط على الإنفاق الخارجي، إذ أوضح أن الجمهورية لها خصوصية ديموغرافية مختلفة عن دول الخليج العربي، وهو عامل مهم لصالح الأخيرة. إضافة إلى أن ميزانية الجزائر تعتمد بأكثر من 90% على المداخيل النفطية، وكلها مرتبطة بشركة واحدة محتكرة لجميع أصناف الصناعات البترولية في الجزائر. واسترسل كاير في شرح أوجه الاختلاف بالقول: "ما حصل هو أن سياسة الإنفاق الخارجي الجزائرية عرفت العديد من المراجعات، بل أعلنت الحكومة الجزائرية، مع أول هزة في الأسواق العالمية للنفط واستمرارها، عن خفض الدعم المالي الموجه للعديد من دول أفريقيا جنوب الصحراء، وهو الشيء الذي لم تقم به دول الخليج العربي، رغم استمرار الاستقرار الهش لأسعار البترول بعد مدة من تراجعها".

وشدد كاير على أن دول مجلس التعاون الخليجي، فطنت منذ مدة إلى خطورة الاستمرار في الاعتماد على المداخيل النفطية بشكل أساسي، لذا اتجهت نحو تنويع اقتصادها، وتوجهت بالأساس نحو الاستثمار في المنتوجات البتروكيماوية والتصنيع وقطاع الخدمات، وكذا تأهيل القطاع السياحي.

وعن الدول العربية التي يمكن أن تتضرر في حال استمرار واقع تراجع أسعار النفط العالمية، أوضح الخبير الاقتصادي عثمان كاير، أن الدول المرتبطة أساساً بالمساعدات أو الاستثمارات الخليجية هي مصر والأردن والمغرب، وعن هذه الأخيرة، قال كاير إنها عرفت تاريخيا بعدم ارتباطها أساسا بمساعدات جهة معينة، ومنحها موقعها الجغرافي واستقرارها السياسي قوة جذب لاستثمارات أجنبية متنوعة. أما بالنسبة للأردن فشدد كاير على أن دعم المملكة مسألة استراتيجية لدول الخليج، ولا يمكن بأي حال التخلي عنها. أما مصر فقال كاير إن الجمهورية دائما رهينة تقديرات سياسية خليجية مختلفة.

اقرأ أيضا: هل تستطيع الدول العربية تحقيق معدلات النمو المتوقعة؟

حسين النجم: الدعم الخليجي ضرورة وليس اختياراً

اعتبر الخبير الاقتصادي الدكتور حسين النجم، أن نهاية العام 2015 والفصل الأول من العام 2016، سيشكل مرحلة مهمة في تاريخ السياسات المالية والاقتصادية الخارجية لدول مجلس التعاون الخليجي، بحيث ستتضح الرؤية أكثر نحو تبعات انخفاض أسعار النفط عالمياً على هذه الدول، وسوف تتضح كذلك الرؤية نحو أسعار النفط ومستواها على المدى المتوسط.

وأوضح النجم، في تصريحه لـ "العربي الجديد"، أن أسعار النفط إذا ما استمرت تتأرجح بين أقل من 70 دولاراً وأكثر من هذا السقف بقليل، فالأكيد أن موازنات دول الخليج العربي سوف تتضرر بشكل كبير، وسوف تدفعها لإعادة التفكير في سياسة الإنفاق الخارجي لديها لصالح الإنفاق الداخلي. وقال الخبير الاقتصادي العراقي إن التزامات دول الخليج أصبحت متعددة، والإنفاق الخارجي من أجل الاستقرار عوض التنمية الاقتصادية، أصبح على رأس أولويات المانحين الخليجيين، وخاصة تجاه دول مثل مصر، اليمن، تونس، ليبيا، وفلسطين كذلك. ونظراً لهذا الوضع، قال المتحدث ذاته، إن مسألة إنفاق دول الخليج على الدول العربية غير النفطية أساساً، يتم عبر الاستثمارات والهبات والمشاريع الاجتماعية، وهي بالتالي ضرورة وليست اختياراً.

وأشار الدكتور حسين النجم إلى أن المعني الأول بالإنفاق الخارجي، هو المملكة العربية السعودية، وحجم الالتزامات الكبيرة التي تربطها بالعديد من الدول العربية، خاصة منها التي وافقت على المشاركة في عملية "عاصفة الحزم"، وذلك لإبعاد الخطر عما ترى فيه "باحتها الخلفية" (اليمن). وشدد على أن هذه الالتزامات السعودية المالية الخارجية، من المؤكد سوف ترهق ماليتها خلال السنوات القادمة، بل توقع حسين النجم أن يظهر أثر ذلك إن استمرت الحرب في اليمن حتى نهاية العام الجاري، خلال الفصل الأول من سنة 2016. وما يعزز هذه الفرضية، حسب النجم، هو أسعار النفط العالمية وهشاشة استقرارها، ما يقلص مصادر مداخيل مهمة للمملكة.

وذكر حسين النجم، في تصريحه لـ "العربي الجديد"، أن المشكلة التي ترفع دائماً قيمة الدعم الذي توجهه دول الخليج للعدد من الدول العربية، تكمن أساساً في ابتعاد الدعم عن مشاريع تنموية، وتوظيف مباشر في القطاعات الإنتاجية ذات القيمة المضافة المرتفعة، وكذا عدم توجيهه نحو البنى التحتية الأساسية في الدول التي تتنظر الدعم كل سنة. وربط المتحدث ذاته، بين هذا الوضع، واستمرار حاجة الدول العربية النفطية المستمر للدعم الخليجي، خاصة وأن الدول التي تعاني من الحروب والاضطرابات الأمنية ترى في النفط الخليجي، طوق النجاة الوحيد لمواجهة الإرهاب، أمام تخلي المجتمع الدولي عنها.

وختم الحسين النجم تصريحه بالقول: "إذا استمر الدعم الخليجي الخارجي كما هو اليوم سوف تتضرر ميزانية دوله أمام تزايد المخاطر الأمنية في المنطقة وعدم استقرار أسعار النفط، وإن تغيرت طرق الدعم ووجهاته الاستثمارية، فعلى الأقل سوف تتحسن الاقتصادات العربية غير النفطية خلال العشر سنوات القادمة".

اقرأ أيضا: هل تستطيع الدول العربية تحمل كلفة الحروب؟

المساهمون