الإنصات الجيد مهارة لرجال الأعمال

الإنصات الجيد مهارة لرجال الأعمال

12 أكتوبر 2015
الاستماع الفاعل والمميز ليس بالأمر السهل (Getty)
+ الخط -
إن المستمع الماهر ينصت للآخرين بهدف فهمهم، فهو يتنبه لأي إشارات أو تلميحات تساعده على معرفة ما يدور في فكر من يحادثهم، ويكون واعياً لكيفية اختيار الآخر لعباراته، ونبرة حديثه، ولغة جسده. كذلك فإن المستمع المميز، يعي أيضاً عباراته ونبرة حديثه ولغة جسده. والاستماع الفاعل والمميز ليس بالأمر السهل، لذلك لا يمتلك كل الناس مهارة الاستماع المميز والفاعل.

إن المقدرة على الاستماع، هي مهارة مميزة وحساسة وعلى قدر كبير من الأهمية. وقد تكون من أعظم القدرات الإنسانية، ومن المؤكد أن هذه المهارة هي التي تجعل التواصل المباشر والشخصي فعلاً مميزاً ومجزياً لطرفي التواصل.

وللاستماع المميز قيمة تجارية، فمن الممكن تجنّب الكثير من الاضطرابات في العمل، والعلاقات السيئة في مجالات عديدة فقط لو أن القادة والمديرين يحسنون الاستماع والإنصات حين يتصاعد الضغط والضيق. ذلك أن الاستماع السيئ يسبّب الكثير من المشاكل والتعقيدات في مستويات العمل كافة، فهو يعيق القيادات العليا وقادة الأعمال، كون معظم أعمالهم تتم من خلال الكلمة الشفوية أو العبارة المنطوقة. فتكلفة وعواقب الاستماع السيئ مكلفة وكبيرة، إذ يتسبب في إحداث فجوات كبيرة بين القائد – الرئيس وبين الذين نريد أن نفهمهم، ونحاول تنفيذ أهدافنا من خلالهم. وفي أغلب الأوقات يكون سبب سوء الفهم أمراً واحداً فقط، وهو غياب الإنصات المميز.

يساعد الإنصات المميز رجال الأعمال أو القادة على التواصل مع الآخرين والتعلّم منهم. وفي حين أن الكثير من الأمور تحتاج إلى مهارات استماع مميزة، كبناء الأسرة والمجتمع والمشاركة في النشاطات الاجتماعية، فإن من الأهمية بمكان استخدام هذه المهارة لتحقيق النجاح في الأعمال. وقد قال الرئيس الأميركي السابق كالفين كولدج "لم يحصل سابقاً أن تسبب الاستماع الجيد في فقدان أحد لوظيفته".

إن "الفهم" هو هدف أساسي وحيوي لعملية الاستماع. و"الفهم" ليس بالضرورة أن يعني "الموافقة" أو "الالتزام" بما يُقال، بل هو معرفة ما يريد المتحدث إيصاله، فمن الممكن أننا نريد أن نتذكّر أفكار شخص ما، بهدف قبولها، أو بهدف رفضها، لذلك علينا أولاً أن نفهمها.

أجريت دراسات عديدة في السنوات الأخيرة، حول مهارات الاستماع، وأظهرت النتائج أن الاستماع بحاجة إلى مجهود كبير لتحسينه، فالناس لا يستمعون جيداً. وللاستماع المميّز مكونات رئيسية، كون هذه العملية اختيارية يكون الفرد في وسطها، لذلك يتطلب من الفرد أن يتنبه إلى الرموز الصوتية وأن يسمعها ويفهمها. وبذلك يكون الاستماع المميز متضمناً أربع عمليات مستقلة، مترابطة بعضها ببعض في الوقت عينه.

فالانتباه يدل على تركيز الإدراك على المؤثرات البصرية و/ أو السمعية (ما يرسله المتحدث من رسائل)؛ والسمع يشير إلى العملية الفيزيولوجية المسؤولة عن تلقي المؤشرات السمعية؛ والفهم هو إضفاء المعنى على ما تم تلقيه من رسائل. والمقصود بالمعنى هو ما في نية المرسل، والتذكر يشتمل على تخزين المعلومات ذات المعنى والفائدة في العقل بهدف استرجاعها في وقت لاحق.

تم التأكد من ارتباط الاستماع القوي بالذكاء والقدرات الدراسية واللفظية والتعبير والمفردات. كذلك يرتبط الاستماع بتحلي القائد أو المسؤول المستمع بالدافع في مواقف التواصل؛ أي حين يُظهر اهتماماً حقيقياً بما يتم الحديث عنه، أن يتعرّف المتلقي المغزى الأساس خلال المناقشة، وكذلك الفضول باتجاه محور المناقشة.

من النصائح الاستماع المميز:
- تركيز الانتباه بشكل كامل.
- إبداء الاهتمام الشديد بمن يتحدث.
- التواصل البصري الكامل والمستمر.
- أن يكون العقل مع المتحدث.
- أن تكون هناك انحناءة جسدية بسيطة نحو المتحدث مع مراعاة المسافة الخاصة.
كذلك يجب التحدث والتكلم الدائم، فعدم الحديث وترك الآخر يتحدث وحده يجعله يصاب بالضيق ويصيبه شعور بعدم الراحة. لذلك فالمستمع المميز يقوم بإمداد المتحدث بالتغذية الراجعة المناسبة Feedback. كذلك يجب أن يعطي من حين إلى آخر للمتحدث إشارات تدل على الفهم والاتفاق، وعلى المستمع أن يشجع المتحدث على مواصلة الحديث. ويبقى من المهم ألا يخشى المستمع من إبلاغ المتحدث عدم فهمه لنقطة أو عدة نقاط مرتبطة بموضوع النقاش.
(باحث وأكاديمي لبناني)

المساهمون