حينما تكون المذاكرة وقتاً للحب.. اجعلها كذلك

حينما تكون المذاكرة وقتاً للحب.. اجعلها كذلك

12 مايو 2016
لا تجعله يكره التعلّم بسبب صراخك (Getty)
+ الخط -
أسوأ ما يفعله الآباء بالأبناء أن يزرعوا داخلهم أن التفوق الدراسى دليل الذكاء وطريق النجاح والسبيل الأوحد لنيل حبهم ورضاهم. يبدأ اهتمام الأم بهذا الأمر بداية من دخول أبنائها الحضانة وحرصها على أن يؤدوا واجباتهم على أكمل وجه.  

وتبدأ المعركة اليومية معركة الواجب والمذاكرة فور دخول الطفل إلى البيت.
وتزداد المعارك حدة كلما ازدادت صعوبة المادة الدراسية مع تقدمه في العمر والمراحل الدراسية، ويشعر الطفل مع احتدام هذه المعارك بالتدريج أنه ليس أهلا للحب، طالما أنه لا يحب المذاكرة والدراسة.

وقد يكره العملية الدراسية كليا، فهي الوقت اليومي للصراخ والغضب، وربما السب والضرب والإهانة.

ويقل مع الوقت تقديره الذاتي لنفسه ولقدرته على تحقيق النجاح، وتتكون في ذهنه صورة ذاتية تتسم بالفشل والغباء والتي تنعكس على حياته ومستقبله لاحقا.

قد نقود أطفالنا إلى هذه النتيجة بسوء تعاملنا مع العملية التعليمية وإدخالها التدريجي في حياة الطفل.



نصائح هامة
- يحتاج الطفل فى بداية حياته الدراسية إلى المزيد من التشجيع والتحفيز فمهارة المذاكرة والتعلم مهارة جديدة تحتاج إلى الصبر والتفهم.

- وكما يتعلم الطفل كيف يتحكم في الإخراج أو كيف يتحكم في الملعقة وإطعام نفسه أو كيف يرتدى ملابسه بالتدريج، فإنه يحتاج إلى تعلم هذه المهارة بالتدريج.

- لا يفهم الطفل في بداية حياته لماذا يتعلم ويذاكر فهو بقدراته العقلية لا يفهم أهمية ذلك، ولكن ينصب هدف المربين على جعل العملية التعليمية نشاطا محببا يتلقى فيه الطفل المعرفة بأسلوب اللعب.

- لا يصح في فترة الحضانة أن يكون عمل الواجبات نشاطا ذهنيا، يمنع فيه الطفل عن الحركة واللعب لفترة طويلة لا يتحملها، بل ينبغي أن يتخلل أوقات عمل الواجبات الكثير من اللعب والأنشطة المحببة.

- عند كتابة أحد الحروف أو الأرقام يكتب بقدر ما يستطيع حتى وإن كان سطرا واحدا فقط، ثم نلعب لعبة بالأرقام أو رسم الرقم وتلوينه.. أو القيام بتمثيل الرقم وتقليد وضعه، ثم يعود الطفل مرة أخرى إلى تكملة الواجب. بحيث يكون وقت عمل الواجبات وقتا محببا إلى الأطفال يتخلله الكثير من اللعب والمرح.



وقت الحب
- بدل أن يكون وقت المذاكرة وقت يشعر فيه الطفل أنه إنسان مكروه، يرتبط في ذهنه أنه وقت الحب الذي يجلس فيه الأب أو الأم للعب والضحك والمشاركة معه، وهو الوقت الذي يحظى فيه بالكثير من التربيت على الكتف والتقبيل والاحتضان والتلامس الجسدي الذى يحبه، ومن هنا يحب هذا الوقت ويطلبه.

- عوّد ابنك أيضا على الالتزام بوقت يومي محدد لعمل الواجبات وكن حازما في هذا الالتزام، مهما تكاسل أو حاول تأجيله وتسويفه حتى يعتاد عليه عندما يكبر ويصبح من عاداته اليومية التي لا فرار منها. مع العلم أن الطفل يحتاج إلى التحفيز والتشجيع المتواصل مع مراعاة أنه لا يستطيع التركيز فترات طويلة فقدر التركيز قد لا يتعدى عشر دقائق بشكل متواصل.
 
- اسمح له بعمل أي نشاطات بينية لا تستغرق أكثر من خمس دقائق حتى يستعيد تركيزه.

- اسمح له ببعض اللعب وحرية الحركة.. اسمح له ببعض التلوين.. اسمح له بشرب عصير أو الوضوء والصلاة أو المساعدة في أي عمل بسيط في المنزل أو النزول لشراء شىء ما.

لا تسمح أبدا بمشاهدة التلفزيون أو ألعاب الفيديو أو الأنشطة المحببة إليه والتي يقضي فيها وقتاً طويلاً إلا بعد الانتهاء تماما من عمل الواجبات، وكن حازما تماما في ذلك، ولا تنهزم أمام توسلاته ووعوده، حتى يعتاد على عمل الواجب قبل اللعب والتسلية.

- امدحه دوما على ما بذله من جهد في المذاكرة، ولا تركز على النتائج فقط.

كلما ركز الآباء على فكرة (كيف اجعل وقت الدراسة وعمل الواجبات وقتا محببا للطفل يشعر فيه أنه إنسان محبوب) زاد حب الأطفال لهذه المهارة.

- كلما ركز الآباء على تعليم أولادهم مهارة (كيف يذاكر) بدلا من (إنهاء الواجب) ازدادت ثقة الأبناء في قدراتهم ورغبتهم في الاعتماد على أنفسهم بالتدريج مع الوقت.

وكلما ركز الآباء في (الإثابة على الجهد وليس على النتائج) كلما زادت حافزية الطفل لبذل المزيد من الجهد وترسخت في نفسه مهارة التحفيز الذاتي الذي يدفعه إلى بذل المزيد من الجهد حتى وإن كانت نتائجه غير مرضية.

- كلما ركز الآباء على أن العملية التعليمية ليس هدفها الحصول على شهادة فيها درجات جيدة ولكن هدفها تعليم الطفل كيف يتحمل المسؤولية ويؤدي المهمات حتى إن كانت غير محببة، أحس الطفل بالمسؤولية وأصبح قادرا على القيام بها معتمدا على نفسه.

يحتاج الآباء إلى تغيير الكثير من أفكارهم نحو الدراسة حتى يتغير سلوكهم نحو أبنائهم وحتى يتعلم الأطفال كيف يصبحون مسؤولين عن العملية التعليمية، مهما كانت مهمة غير محببة.


(مستشار أسري واجتماعي)