ثلاث مدارس غير تقليدية على الإطلاق.. تعرف إليها

ثلاث مدارس غير تقليدية على الإطلاق.. تعرف إليها

02 ابريل 2016
على الوالدين اختيار المنهج الذي يحقق التعلم البنّاء (Getty)
+ الخط -

على الرغم من تجاوزنا منتصف العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين تظل المدرسة كما هي منذ أكثر من مئتي عام. فالمدرسة غالبا عبارة عن مبنى مكدس بالفصول وقاعات الدرس حيث يقوم المعلمون بتدريس عدد من المواد الدراسية للطلبة خلال حصص ذات وقت محدد. هذا هو حال المدارس في شتى بقاع الأرض، ولكننا في هذه المقالة نستعرض ثلاث مدارس مختلفة للغاية وغير تقليدية على الإطلاق.

التدريس بواسطة الألعاب

مدرسة "السعي للتعلم" في مدينة نيويورك الأميركية منذ عام 2009 تنتهج نهجا مختلفا للغاية في طريقة التعليم المتبعة، وهي "التعلم القائم على الألعاب"، إذ تتبنى تلك المدرسة فكرة استخدام الألعاب في تدريس المناهج الدراسية المختلفة، ما يؤدي إلى زيادة انخراط الطلبة في عملية التعلم. ويقصد بالألعاب هنا أنشطة تعليمية مصممة بعناية لتلائم احتياجات الطلبة المعرفية وتوفر تجربة تعليمية تفاعلية ممتعة في الوقت ذاته.

ولكن كيف يبدو ذلك الأمر داخل قاعات الدرس؟على سبيل المثال يشارك الطلبة في لعبة تقوم فكرتها على العمل بشركة تقنية حيوية خيالية تسعى لاستنساخ ديناصور وتوفير بيئة ملائمة لمعيشته، ويقوم الطلاب بتقمص شخصيات العلماء العاملين بتلك الشركة. ومن خلال الانغماس في تلك اللعبة يتعلم الطلاب عن علوم الأحياء والوراثة والبيئة. وهكذا عبر المشاركة في ألعاب مختلفة يمكن للطلاب لعب أدوار مختلفة تشمل أطباء ومهندسين ومحققين، يتعلمون خلالها مختلف المعارف والخبرات الضرورية.

اقرأ أيضاً:علم طفلك وفق نوع الذكاء الذي نياسبه ...هذا أسهل

يعد اختيار الألعاب وسيلة لتحقيق غاية تعليمية أمرا لم يأت من فراغ، إذ يوصي به العديد من الباحثين في مجالات التربية والتعليم. فقد وجد أولئك الباحثون أن الألعاب توفر تجربة تعليمية ثرية للغاية تساعد الطلبة على التعلم عن طريق الممارسة، كما أنها تغرس فيهم قيم التعاون وروح الفريق، والسعي الدؤوب للوصول إلى الهدف، والإصرار والمثابرة لتحقيق النجاح. بجانب هذا فالتعلم عبر الألعاب يخلق شغفا وتعلقا بعملية التعلم لدى الطلاب بدلا من النفور منها.


العالم بأكمله قاعة للدرس

"لكي تتعلم أي شيء عن العالم، يجب أن تكون موجودا في ذلك العالم" هذه هي فلسفة مدرسة "مركز ليجر للتعلم" في العاصمة الكمبودية بنوم بنه، والتي ترتكز بشكل أساسي على "التعلم القائم على المشروعات". فبدلا من أن يقوم الطلاب بدراسة موضوع معين أو مادة دراسية محددة يطلب منه تنفيذ مشروع ما، ومن خلال عملية تنفيذ هذا المشروع يتمكن الطالب من اكتساب المعرفة والمهارات المطلوبة. ومن خلال تنفيذ مشروعات تحاكي ما يتم إنجازه في العالم الحقيقي، يصبح العالم بأكمله قاعة للدرس.

يمثل التعلم القائم على المشروعات نهجا أكثر فاعلية يوفر تجربة عميقة للتعلم كبديل للتعليم التقليدي. حيث يعمل الطلاب على مشاريع تهدف إلى إيجاد حلول لمشاكل حقيقية تواجه مجتمعاتهم والعالم الذي يعيشون فيه. وذلك بغرض إكساب الطلاب مهارات التفكير النقدي والإبداع والابتكار وحل المشكلات واتخاذ القرارات، بجانب عدد من المهارات الاجتماعية الضرورية كالتواصل والقدرة على التشبيك.

تركز تلك المشاريع التي ينخرط فيها الطلبة على ريادة الأعمال بشكل خاص، بالإضافة إلى مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والفنون والرياضيات. ويتمثل الهدف من كل هذا في تنشئة وتهيئة جيل من القادة القادرين على صناعة التغيير في الدول النامية، مثل كمبوديا، بالإضافة إلى مساعدة الطلاب على النجاح في رحلة تعليمهم ومسارهم الوظيفي على السواء.

اقرأ أيضاً:مناهجنا تقتل الإبداع...وإليك الاسباب


مدرسة بلا قاعات للدرس

"مناطق التعلم" هذا هو البديل الذي استعاضت به مدرسة "أورستيد" في العاصمة الدنماركية كوبنهاغن عن قاعات الدرس والفصول الدراسية. حيث يتميز التصميم المعماري الفريد لهذه المدرسة بأنه عبارة عن مساحات مفتوحة ملائمة لمختلف أنواع الأنشطة تدعى "مناطق التعلم".

تتبنى تلك المدرسة نظاما تعليميا غريبا بعض الشيء، ذلك أن المعلمين مسؤولون عن نصف العملية التعليمية فقط، بينما النصف الآخر يقوم على تعلم ذاتي يقوم به الطلبة بأنفسهم. فالمعلمون لا يقومون بالتدريس بالشكل المتعارف عليه، فهم بدلا من ذلك يقومون بالتجول في مناطق التعلم لمساعدة الطلبة خلال تعلمهم الذاتي.

إن هذا النهج التعليمي الفريد يقوم بتحويل الطلبة من مجرد مستهلكين للمحتوى التعليمي إلى منتجين له، حيث يمكنهم تحديد احتياجاتهم التعليمية ووضع الطرق المناسبة للدراسة والتعلم بأنفسهم لتلبية تلك الاحتياجات. وتحض تلك الفلسفة طلبة المدرسة على التعلم قدر ما يستطيعون دون التقيد بحدود المناهج الدراسية المعدة مسبقا، لتظل آفاق التعلم والمعرفة مفتوحة بلا نهاية ينهل منها الجميع كما يشاء.

إن تلك النماذج للمدارس غير الاعتيادية التي استعرضناها آنفا تشترك جميعا في شيء واحد. هو أنها تتجاوز المفهوم التقليدي للمدرسة لتواكب أكثر عالم القرن الحادي والعشرين المليء بالتحديات، وذلك عبر التركيز على إعداد الطلبة وتزويدهم بالمهارات الأساسية اللازمة لمجابهة تلك التحديات بدلا من انتهاج الأساليب العقيمة التي عفى عليها الدهر.

اقرأ أيضاً:ما المشترك بين ابنك و بيل غيتس

(أكاديمي في مجال التواصل العلمي بجامعة إدنبرة في المملكة المتحدة، وكاتب مستقل).