ساينس شوب: متعة العلم وبساطة التعلم

ساينس شوب: متعة العلم وبساطة التعلم

26 اغسطس 2015
توصيل العلوم بشكل سلس للأطفال (GETTY)
+ الخط -
في عام 2006، أطلق سلمان خان قناة أكاديمية "خان" على موقع "يوتيوب" لتصبح بعدها المدرسة الإلكترونية الأكبر حول العالم بعدد طلاب تجاوز عشرة ملايين طالب. هذا الأمر جعل من سلمان خان ومبادرته، المبادرة التعليمية الأكثر إلهاماً وتميزاً، حيث ساهمت في إحداث طرق تعلم جديدة، بالإضافة إلى كونها، كانت سبباً في انطلاق عصر كورسات أونلاين بدءاً من عام 2011. 

تأثراً بمبادرة سلمان خان، انطلقت مبادرة ساينس شوب، لتعمل على النهج نفسه بهدف إحداث ثورة علمية في قطاع الوطن العربي. بدأت ساينس شوب رحلتها كصفحة علمية على "فيسبوك"، والتي تأسست في سبتمبر عام 2013 من أجل نشر الموضوعات العلمية المعقدة بأبسط صورة ممكنة.

تناولت الصفحة العديد من الموضوعات المتنوعة مثل أساسيات الفيزياء، الكيمياء، البيولوجي، الطب، الرياضيات، والهندسة، بجانب نشر أحدث الأخبار العلمية حول العالم، وأهم إنجازات العلماء العرب على مدار التاريخ. استطاعت الصفحة خلال وقت قصير الوصول الى عددٍ كبير من المتابعين، وساهمت في زيادة عدد المهتمين بالموضوعات العلمية عن طريق أسلوب الطرح، التفاعل مع المتابعين، والرد على جميع الاستفسارات العلمية التي تصل الى الصفحة. 

إقرأ أيضأمصر: أكاديمية التحرير بديل ثوري

بعد شهرين من إنشاء الصفحة، بدأت المبادرة في اتخاذ شكل العمل المؤسسي عن طريق البدء في طرح مشروعات علمية مختلفة. بدأ الأمر في مجلة علمية بالعامية المصرية، حيث تُعد الفكرة الأولى من نوعها في عرض القضايا والموضوعات العلمية في شكل مجلة إلكترونية تصدر بلهجة عامية مصرية. صدر عن هذا المشروع ثلاثة أعداد، تم تناول العديد من الموضوعات والملفات، من خلالها، مثل ملف علماء الشباب العرب، تاريخ جوائز نوبل، أشهر معارض التقنية حول العالم، وأبرز الاختراعات التي يتم الإعلان عنها حول العالم بشكلٍ شهري. 

مسار الأفكار 
بعد نجاح المجلة العاميّة، بدأ فريق العمل في إعادة تشكيل الهيكل الخاص به من أجل ضمان استمرارية العمل بالجودة المطلوبة. تم تقسيم فريق العمل وفق الشريحة المستهدفة إلى ثلاثة فرق مستقلة تشمل: 
- فريق يستهدف الشباب والكبار. 
- فريق يستهدف الأطفال من السابعة حتى الخامسة عشرة. 
- فريق تعليمي يشرح ويبسط المقررات التعليمية. 

يتبع فريق الشباب والكبار هيكلًا مؤسسياً يشبه هيكل الدوريات والمبادرات العلمية العالمية المتخصصة مثل دورية نيتشر، حيث يعمل الفريق على توصيل العلوم إلى فئة الشباب والكبار من الجمهور العام غير المتخصص عن طريق مجلة علمية تصدر بالعربية الفصحى، وموقع علمي إلكتروني. 

يتألف الفريق من عدة أقسام تحريرية مختلفة، يمثل كل قسم منها مجالًا علميًا محددًا، حيث يوجد قسم للطب، وللبيولوجي، وللكيمياء، وللفيزياء والرياضيات، والهندسة، والتقنية، وعلوم الأرض، والعلوم الانسانية والاجتماعية. يشرف على كل فريق محرر علمي متخصص في هذا القسم، حيث يقوم بالمراجعة والتدقيق العلمي لجميع الموضوعات الخاصة بهذا القسم، والتي يقوم بكتابتها طلاب ومحررون متخصصون في تلك المجالات استنادًا الى مصادر علمية موثوقة وعالية السمعة.

بعد اعتماد  التحرير العلمي للموضوعات، يقوم المحرر الرئيسي باعتمادها للنشر وفق طريقة العرض التي تتناسب مع الموضوع، ويتم عرض الموضوعات بشكل أساسي من خلال الموقع الإلكتروني، ويتم اختيار بعض الموضوعات المحددة من أجل عرضها في المجلة العلمية الإلكترونية.

يحتوي الموقع على أكثر من عشرين قسم علمي مختلف، ويتم تحديثه بشكلٍ يومي عن طريق إضافة الموضوعات والتقارير العلمية العامّة، بجانب الملفات التي تتناول القضايا العربية المعاصرة من وجهة نظر علمية.

على سبيل المثال عند إطلاق الموقع تم عرض ملف خاص عن تأثير قناة السويس الجديدة على البيئة المائية في البحر المتوسط، مع توضيح آراء العلماء والمتخصصين حول العالم في هذا الشأن. هذا بالإضافة الى عرض الموضوعات العامّة التي تمثل ثقافة علمية للجمهور العام مثل موضوعات فصائل الدم، طرق البناء الحديثة في مجال الهندسة مثل استخدام الخشب في بناء ناطحات السحاب، وبعض الأسئلة والإجابات العلمية مثل سبب كون المحيط يظهر باللون الأزرق، وسرّ امتلاك البشر لرموش العين.

الأمر ذاته بالنسبة للمجلة العلمية، حيث يتم اختيار بعض الموضوعات المتخصصة في تلك المجالات من أجل عرضها في مجلة شهرية إلكترونية تصدر بالعربية الفصحى. صدر عن هذه المجلة حتى الآن خمس أعداد، ويتم التركيز فيها على عرض دروس وشروحات علمية عالية الجودة، بجانب تسليط الضوء على بعض الأخبار العلمية العالمية.

 
إقرأ أيضاًمتى تصبح التقنية مفيدة؟

شريحة الأطفال 
أما عن الفريق الخاص باستهداف شريحة الأطفال، فلديه هيكل مختلف بشكلٍ كلي عن هيكل فريق الشباب، حيث يحتوي الفريق على مسئولين ومُعلمين متخصصين في التعامل مع الأطفال من أجل ضمان الوصول إلى أفضل طريقة لتوصيل العلوم بشكلٍ سلس إلى طلاب المرحلة الابتدائية والإعدادية. 

يتألف الفريق من كتّاب متخصصين في تبسيط العلوم الى أبعد حدٍ ممكن، حتى يسهل على الأطفال فهمه دون حاجة إلى شرحٍ أو تفسير. يصوغ هؤلاء الكتّاب ويحررون موضوعات علمية في مجالاتٍ مختلفة، مع التركيز على تعليم الأطفال أساسيات العلوم الحديثة التي لا يتم تدريسها في المدارس مثل النانوتكنولوجي، الخلايا الجذعية، الروبوت، والبرمجة.

بعد كتابة الموضوعات، يتم مراجعتها من الناحية العلمية عن طريق محررين علميين متخصصين في مجالات الكتابة، ثم على يد متخصصين في التعامل مع الأطفال من أجل تحديد ما إذا كان الأسلوب مبسّطاً بالقدر الكافي، ويسهل على الأطفال فهمه أم لا. حتى الآن، أصدر الفريق نسخة تجريبية من مجلة علمية للأطفال، اشتملت على أكثر من عشرين موضوعاً علمياً مختلفاً. 

في الوقت الحالي، يطور فريق العمل قسماً خاصاً بالموقع الإلكتروني، يستهدف فئة الأطفال فقط، حيث سيتم من خلال هذا القسم نشر موضوعات علمية مبسطة للأطفال، بجانب موضوعات تربوية تهم أولياء الأمور، والتي سيتم إمداد أولياء الأمور من خلالها ببعض النصائح والمصادر التي تساعدهم في تعليم أبنائهم من المنزل عن طريق الإنترنت. 

مهرجانات علمية
أما الفريق التعليمي، فهو يجمع الأنشطة الخاصة به بشكلٍ ميداني، على عكس نشاط فرق الأطفال والشباب الذين يقومون بمعظم أعمالهم بشكلٍ إلكتروني. يقوم الفريق التعليمي بتنظيم المهرجانات العلمية التي تستهدف شريحة الأطفال والكبار، ويتم عادة تنظيمها بالمدارس والنوادي الاجتماعية.
كذلك يقوم الفريق بتنظيم ورش العمل، المحاضرات العامة، والمؤتمرات المتخصصة بهدف نشر الثقافة العلمية في مختلف التخصصات سواءً كانت للجمهور العام أم للمتخصصين. أيضاً يقوم الفريق بتصوير بعض الحلقات التي تتناول شرح موضوعات علمية بشكلٍ مبسط من أجل عرضها على موقع "يوتيوب" بهدف المساهمة والتأثير في حركة التعلم الأونلاين عبر الإنترنت.

من صفحة على الفيسبوك بهدف تبسيط العلوم، إلى مجلة عامية، ثم مبادرة متكاملة متخصصة في توصيل العلوم، هذا هو التطور الخاص بساينس شوب، والذي ربما يقودها في يومٍ من الأيام الى إحداث تأثيرٍ عربي يشبه التأثير الذي أحدثته أكاديمية خان في ملايين المتعلمين حول العالم.

إقرأ أيضاً: هل يصبح التعليم المنزلي بديلاً لمشكلات المدارس؟

المساهمون