الفائز بنجوم العلوم: إياكم والاستهانة بأفكار أبنائكم

الفائز بنجوم العلوم: إياكم والاستهانة بأفكار أبنائكم

29 ديسمبر 2015
يمان أبو جيب، الفائز بالموسم السابع لنجوم العلوم (المصدر)
+ الخط -
تربي الأمهات أبنائهن منذ الصغر آملات أن يكونوا ضمن هؤلاء العلماء الذين قد يفيدون البشرية على أي مستوى من مستويات العلوم، تتنبأ بعضهن بمستقبل أبنائهن الباهر منذ الصغر حيث تبدو عليهم علامات التفوق والذكاء المبكر، قد تصيب الأم في تقييمها لابنها فتدفع به دفعاً للطريق الذي يجب أن يسلكه، وقد تخيب تصورات الأم نظراً لاختلال ميزان الاهتمام والتوجيه الصحيح وما أسرع أن تكبت موهبة داخل طفل صغير. 

اقرأ أيضا:شيماء زيارة .. قصة نجاح آتية من غزة

أما يمان أبو جيب الفائز بالموسم السابع من برنامج نجوم العلوم، فقد حقق بالتأكيد حلم أمه الكامن فيه والمتنبئ بمستقبله الرائع، وذلك بعدما تعددت اختراعاته وفاز آخرها الغسالة "جلين" بأفضل اختراع، وفقاً لتقييم لجنة تحكيم نجوم العلوم، وهو البرنامج التلفزيوني العلمي الأول في العالم العربي، والذي أطلقته مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع لدعم الجيل الجديد من المبتكرين العرب، والذي بدأ موسمه الأول في عام 2009، وأعلن عن موسمه الثامن لعام 2016.

يقول يمان عن أمه، وذلك في معرض حديثه لـ"العربي الجديد": "والدتي هي من أعطتني قوة الشخصية اللازمة لخوض مثل هذه التجربة، ليس من السهل أبدا أن تواجه لجنة عالمية وأنت بعمر الـ 21 فقط، وتنجح في إقناعها وتنال رضاها".
وفي المقابل يعتب يمان على دور المعلم العربي مع الطالب فيقول: "واجهت العديد من المعلمين الذين كانوا يظنون أنه لا يجب أن يكون هناك طالب متميز في شخصيته حتى لا يصل لمرحلة يربك فيها أستاذه بسؤال أو ما شابه".

البداية والنشأة
عن نفسه يقول يمان، اكتشاف قدرتي على الاختراع هو موضوع تراكمي بامتياز، فمنذ الصغر وجهتني عائلتي لدورات الفيزياء والروبوتات، والتي نمت حب الابتكار في داخلي إلى أن وصلت لكلية الهندسة، والتي بدأت منذ دخولي إليها العمل في موضوع تركيب المنظومات الشمسية ودراستها.
أما ابتكاراتي فهي ليست بالكثيرة، بل كانت محصورة في إيجاد حلول رخيصة الثمن للمشاكل التي نعاني منها نتيجة الأزمة في بلدي سورية، ففي الصيف الماضي على سبيل المثال، صممت ملطف جو يعمل على الطاقة الشمسية بكلفة لا تتجاوز 40$ كانت كفيلة بتزويد مستخدميه بالهواء البارد طيلة فصل الصيف الحار.

وعن سر اهتمامه بالطاقة الشمسية بشكل خاص حتى إنه أطلق عليه لقب "فتى الطاقة الشمسية"، يقول أبو جيب: "أنا مؤمن جدا أن الطاقة الشمسية هي حجر الأساس لنهضة أمتنا العربية المتمتعة بالشمس أغلب أيام السنة، خاصة أنها علم حديث لم يسبقنا إليه الآخرون بمراحل بعيدة".

رحلة الفوز
تعليقاً على فوزه بالبرنامج يقول يمان "شعوري لا يمكن أن تصفه الكلمات كوني أول سوري يحقق هذا الإنجاز، ولكن سأقول إنه مزيج من الفخر والفرح بآن واحد".
ويتذكر أبو جيب خطواته الأولى في الاشتراك بالبرنامج، فيقول: "فور إصدار إدارة نجوم العلوم لإعلان الموسم السابع لم أتردد في تعبئة الاستمارة اللازمة لدخول البرنامج". وقد كانت مراحل البرنامج على التسلسل الزمني التالي:

• مرحلة المقابلات التي تجري في ست عواصم عربية.. مقابلتي كانت في بيروت ونلت حينها صوتين من أصل ثلاثة كانت كفيلة لتؤهلني للمرحلة القادمة.
• مرحلة المجلس العلمي: والتي يجتمع فيها جميع الحكام المحليين بالمرحلة السابقة ليختاروا أفضل 12 مشتركاً ليدخلوا إلى مختبرات نجوم العلوم، أذكر أني تلقيت اتصالاً من البروفيسور المصري عبد الحميد الزهيري ليبشرني بأني كنت من ضمن أفضل 12 مشتركاً بالبرنامج.
• مرحلة الهندسة: سافرت فيها مع زملائي المشتركين إلى الدوحة لإثبات أفكارنا وتحويلها من وعود على ورق إلى منتجات أولية. نلت المركز الثاني في تصفيات هذه المرحلة بعد صديقي الدكتور المهندس مراد بن عصمان، وتأهلت بموجبها إلى مرحلة التصميم مع خمسة من المشتركين.
• مرحلة التصميم: وكانت هي المرحلة الصعبة، نظراً لشعوري بضغط كبير كوني على بعد خطوة واحدة من كسر حاجز لم يسبق لأي سوري كسره خلال ستة مواسم سابقة. وقد أطلقت اسم Glean على مشروعي خلال هذه المرحلة، وبعدها تأهلت إلى النهائي الحلم.

• النهائي: كان الوصول له حلماً قد تحقق، كنت مسروراً جداً بالمشاركة فيه وكنت أعلم تماما أني فائز بغض النظر عن النتيجة، وبفضل الله حققت اللقب. فالثقة بمشروعي كانت تزداد مع كل يوم ومع كل مشكلة أتخطاها، لم أكن أفكر هل سأصل للنهائي أم لا، كنت أركز على كل مرحلة بذاتها لأني أعلم أن تركيزي الكبير على كل خطوة أخطوها وإن كانت صغيرة سيؤدي إلى النجاح في النهاية.

سر الثقة والفوز
يتحدث يمان عن الثقة كأحد عناصر فوزه الرئيسية، يقول إن الثقة بمشروعي كانت تزداد مع كل يوم ومع كل مشكلة اتخطاها، لم أكن أفكر هل سأصل للنهائي أو لا، كنت أركز على كل مرحلة بذاتها لأني اعلم أن تركيزي الكبير على كل خطوة أخطوها وإن كانت صغيرة ستؤدي إلى النجاح في النهاية.

كما يؤكد أبو جيب على أهمية دور الأهل فيقول: لولا دعم أهلي لي طيلة حياتي سواء في مرحلة الاختراع أو ما قبلها لما كنت قد وصلت إلى ما أنا عليه اليوم. فوالدي كان سببا مهما في دخولي مجال الهندسة وبالتالي مجال الابتكار، لم يبخل علي أبدا بالنصح سواء في الأمور الهندسية أو الحياتية، فكان بالفعل قدوة بالنسبة لي، أما والدتي فلها أدين بقوة شخصيتي وثقتي بنفسي، كما كان للجو العائلي المستقر وميوله العلمية أعظم الأثر في نجاحي، فالتناغم الأسري بين الأفراد أمر أساسي قد لا يقدر أهميته البعض لكنه على المدى البعيد من أهم عوامل النجاح.

اقرأ أيضا:الأسباب التي جعلت النظام التعليمي في اليابان متميزاً

ويوجه يمان نصيحته الأولى للأهل فيقول: "اياكم والاستخفاف بأفكار أبنائكم أو السخرية منها، فهي مدمرة لهم ولابداعهم، حاولوا دعمهم حتى لو كانت أفكارهم عادية، فثقتكم بهم ستطور تفكيرهم وتدفعهم نحو الأفضل".

أما عن روشتة نجاحه الخاصة فيقول أنها تمثلت في معادلة تحقيق التوازن بين العلم الأكاديمي الجامعي والخبرة الحياتية، فإن أوجد أي إنسان التوازن بينهما فستفتح له آفاق جديدة لأنه مؤهل أكاديميا من جهة وبنفس الوقت أصبح مدركا للمشاكل التي يجب حلها في الواقع العملي وليس بين أوراق الكتب. 

الغسالة "غلين"
وكيف توصل يمان لتصميم غسالته الشمسية وما هي مميزاتها، يقول: إن غسالة "غلين" كانت محصلة مقولة (الحاجة أم الاختراع)، إذ يعتبر تكرار انقطاع الكهرباء والمياه في سورية وفي أنحاء كثيرة من العالم أمراً مزعجاً يؤثر على الحياة الروتينية. وقد كان منزلي يعمل بشكل كامل على الطاقة الشمسية باستثناء 3 أجهزة أهمها الغسالة، والتي تعتبر من الأحمال الكهربائية العالية التي تحتاج إلى عدد كبير من الألواح الشمسية لتشغيلها وبالتالي تكلفة اقتصادية كبيرة.

من هنا بدأت بدراسة عمل الغسالة وعناصرها، وبدأت الفكرة بالتطور في ذهني مع التجارب العملية في المنزل حتى استطعت تخفيض استطاعة الغسالة بمقدار 88%، وخلال إحدى التجارب لاحظت أن المياه الخارجة من الغسالة هي مياه ذات جودة ليست بالسيئة، ومن هنا نتجت فكرة الغسالة الصديقة للبيئة الموفرة للمياه والطاقة في آن واحد.

ويدل اسم "غلين"، على الكلمة "غرين" (Green) للدلالة على أن الغسالة صديقة للبيئة، و"كلين" (Clean) للإشارة إلى مهمتها الأساسية وهي التنظيف. وتتميز "غلين" بكفاءة عالية في توفير الماء والكهرباء، وبقدرتها على استخدام الطاقة الشمسية الكهرو- ضوئية لتوليد الطاقة اللازمة لأداء عملها، كما تستطيع غسالة "غلين" استخدام الطاقة الشمسية أيضا لتسخين المياه في عملية الغسيل، تبعا لرغبة المستخدم.

اقرأ أيضا:عبد المؤمن... كيف جعلته أمه عالماً صغيراً؟

المدراس العربية
وعن رأيه في الدور المنوط بالمدارس العربية مع الطلبة في ما يتعلق بتنمية قدراتهم واكتشاف مواهبهم، يقول أبو جيب إن دور المدارس أساسي ليس فقط من الناحية العلمية التي يتفق عليها الجميع بل من نواحي عديدة قد تكون مساوية في الأهمية للنواحي العلمية مثل اكتشاف ورعاية الموهوبين وخلق جو من التنافس والابتكار داخل المدرسة.

يضيف أبو جيب: "بالنسبة لي أغلب المعلمين كان لهم دور في تطوير شخصيتي نحو الأفضل، لكن لا أنكر أني واجهت العديد من المعلمين الذين كانوا يظنون أنه لا يجب أن يكون هناك طالب متميز في شخصيته حتى لا يصل لمرحلة يربك فيها أستاذه بسؤال أو ما شابه، والرسالة التي أريد إيصالها هي أنه لا يجب أن يقتصر دور المدرسة على التعليم الأكاديمي بل يجب أن يكون داعما أساسيا مشاركا في بناء شخصية الطفل أو الطالب ليكون خير سفير للمدرسة في المستقبل.

اقرأ أيضا:اكتشف موهبة ابنك بعيدا عن برامج الـ Tv 

الإعلام العربي
وفي ما يتعلق ببرنامج نجوم العلوم بشكل خاص ومقارنته ببقية برامج تلفزيون الواقع التي تركز على اكتشاف المواهب الفنية، يقول يمان: برنامج نجوم العلوم ليس برنامجاً وحسب وإنما هو رسالة علمية سامية يسلمها لكل خريجيه ومتابعيه، وأتمنى أن تصل رسالته، كما وصلت لي وللشباب العربي، إلى مستثمرين لديهم الرغبة بتطوير الشباب العربي واكتشاف إمكاناته، وبذلك يصبح من الممكن أن نرى نجوم العلوم بنسخ عربية أخرى، في مقابل العديد من البرامج التي تركز على المواهب الفنية للشباب، وبالرغم من أنه لا أحد ينكر أن للفن دوراً كبيراً في حياه الشعوب إلا أن التركيز على هذا الجانب فقط يكرس واقعا مريرا في الوطن العربي، حيث إنه لا يجب على الإعلام إغفال دور المبتكرين الذين ستكون عليهم المهمة الرئيسية في إعادة مجد أمتنا العربية خاصة في الظروف العصيبة التي نعيشها.

وعن خطته القادمة يقول أبو جيب إنه يريد متابعة دراسته الأكاديمية ونيل لقب مهندس، والحصول على شهادتي الماجستير والدكتوراه في نفس المجال، كذلك البحث عن مستثمر للنهوض معه بـ Glean لتصل إلى الأسواق العربية والعالمية.

اقرأ أيضا:28 فكرة لخلق بيئة ابتكار في المنزل

المساهمون