السياحة الاستشفائية... قطاع إنقاذي للاقتصاد الأردني

السياحة الاستشفائية... قطاع إنقاذي للاقتصاد الأردني

25 اغسطس 2016
تعاني السياحة الأردنية من تراجع متواصل (Getty)
+ الخط -
يجتذب الأردن أكثر من 300 ألف زائر بقصد الاستشفاء سنوياً. فإلى جانب مياه ينابيعه الغنية بالأملاح والمعادن، يمتلك هذا البلد مشافي متطورة، وشبكة طبية واعدة، قد تكون خشبة الخلاص الاقتصادي، بعد اختلال ميزان السياحة نحو الخسائر المتواصلة. 
حافظت المملكة، التي فازت قبل عامين برئاسة الجمعية الدولية للسياحة العلاجية، على قوة هذا الجانب من قطاعها السياحي، بالرغم من تدهور الظروف الإقليمية، والحروب الدائرة على مقربة من حدودها الشمالية والشمالية الشرقية، التي أربكت القطاع السياحي برمته، وكبدته خسائر للسنة الثالثة على التوالي.
وتقر وزارة السياحة أنها ما تزال تعاني من تراجعات في المؤشرات السياحية، وتحاول التخفيف من حدة هذا التراجع. وعلى الرغم من الإجراءات الإنقاذية، بقيت بيانات البنك المركزي الأردني تشير إلى وجود انخفاض في إجمالي الدخل السياحي، حيث بلغ في عام 2015 نحو 4 مليارات دولار، متراجعاً عن عام 2014 الذي كان نحو 4.4 مليارات دولار. فيما خسرت السياحة أيضاً وفق مؤشرات مؤسسات الإيواء السياحي، نصف مليون نزيل فندقي خلال موسم عام 2015.
وأمام هذا التدهور، لم يبق للأردن، وفق الخبير في شؤون الترويج والتسويق السياحي فيصل هنية، سوى الرهان على دعم السياحة العلاجية وإنجاحها، كرافد للسياحة بأنواعها المختلفة. ويقول لـ "العربي الجديد" إنه في الوقت الذي كانت فيه السياحة الترفيهية تتراجع، ويتقلص عدد زوارها، سجل الأردن قصة نجاح على المستوى الصحي، ووصل إلى مراتب متقدمة على خريطة السياحة العلاجية العالمية. ولا يزال إلى الآن الوجهة الرئيسة لطالبي العلاج بنوعيه الطبي والطبيعي، وذلك بفضل الخدمات الطبية التي يقدمها.
ويشير إلى أن عمان تضم اليوم العديد من المستشفيات المتخصصة بمعالجة السرطان وأمراض القلب والأمراض البصرية والعقم، علاوة على مجالات تخصصية. كما تشتهر المواقع السياحية الغنية بالمياه المشبعة بالمعادن والوحل البركاني، ما يجعل منها منتجعات استشفائية، كالبحر الميت، وحمامات ماعين، وينابيع الحمة، وحمامات عفرا.
وتقدر عائدات المملكة من السياحة العلاجية بأكثر من 1.2 مليار دولار، حيث تستقبل سنوياً نحو 300 ألف زائر بغرض العلاج. وخلال السنوات الأخيرة ارتفع عدد المشافي إلى 103 مشافٍ، بطاقة إجمالية تبلغ نحو 13 ألف سرير.
ووفق بيانات وزارة السياحة والآثار، فقد بلغ مجموع الاستثمارات في قطاع السياحة العلاجية، نحو 3 مليارات دولار، وهناك مساع حثيثة لرفع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي من 14% إلى 17% في عام 2020.
ويعتمد اقتصاد الأردن البالغ عدد سكانه 9.5 مليون نسمة وتشكل الصحراء نحو 92% من مساحته، إلى حد كبير على دخله من قطاع السياحة، ويؤكد الخبير الاقتصادي، عبد الله شاهين، أن التراجع الذي شهده القطاع نتيجة الوضع الإقليمي لا ينفي وجود عوامل أخرى محلية أثّرت عليه. ويضيف لـ "العربي الجديد": "علينا إعادة دراسة موضوع تسويق البلد وتعزيز موقعه على خارطة السياحة العالمية، وإضافة محفزات أخرى تستقطب الزائر أو السائح، تعيد للسياحة الأردنية صورتها المشرقة".
وتدعم السياحة العلاجية قطاعات عديدة ترتبط بقطاع السياحة، كالفنادق والمطاعم والاتصالات والمواصلات. ويعتبر قطاع المستشفيات ثاني أكبر قطاع في حجم الاستثمار بعد الاستثمار الصناعي في المملكة. ويزيد معدل إنفاق السائح العلاجي كما تشير بيانات حكومية بنسبة خمسة أضعاف، عن إنفاق السائح العادي.
ويقول الخبير في شؤون القطاع الصحي أحمد الدهيشات إن عائد القطاع الطبي من السياحة العلاجية يصل إلى 35% من الدخل، وباقي النسبة تستفيد منها القطاعات الاقتصادية والخدمية، وهناك مخاوف من تعرض السياحة العلاجية لانتكاسة أيضاً، بسبب الضغوط المالية التي تعاني منها المشافي، وعدم السماح لبعض المرضى أو تأخير دخولهم إلى المملكة.
ويرى في تصريح إلى "العربي الجديد"، أن اشتراط الأردن تأشيرات دخول على العرب القادمين للعلاج من دول ليبيا والعراق واليمن والسودان، إلى جانب وجود أزمة مالية في المستشفيات الخاصة، من شأنه أن يشكل عقبة أمام تطوير سياحة العلاج، خاصة أن دولاً عديدة تنافس الأردن على هذا الصعيد. وسيزداد الضرر ما لم تقم الجهات الحكومية بتبسيط إجراءات الدخول. وقد استُحدثت مؤخراً مديرية للسياحة العلاجية، تتبع وزارة الصحة، لافتتاح مكاتب في المطارات تستقبل المرضى وتروَج الأردن طبياً على مستوى العالم.

دلالات

المساهمون