الأردنيون يشكون اقتصادهم: "أخبرونا من أين نصرف؟"

الأردنيون يشكون اقتصادهم: "أخبرونا من أين نصرف؟"

07 مارس 2016
أثناء حركة احتجاجية للشارع في الأردن(خليل مزرعاوي/ فرانس برس)
+ الخط -
يختصر رسم كاريكاتيري نُشر في صحيفة محلية، طبيعة العلاقة المهتزة بين المواطن الأردني واقتصاد بلاده. يصوّر الكاريكاتير الاقتصاد على هيئة بقرة حلوب يقوم شخص بلباس الأثرياء بتجميع الحليب الذي أنتجته البقرة على شكل دولارات في أوعية امتلأت جميعها، لكنه يستمر في استخراج الحليب آملاً أن يستفيد من كميات أخرى يضيفها إلى ما ملكت جيوبه.
فقد الاقتصاد الأردني خلال السنوات الخمس الماضية، وعلى خلاف توقعات الحكومة، من نمو بطيء، انعكس على معيشة شرائح مختلفة داخل المجتمع. هكذا، ازداد ثراء طبقة لا تشكل وفق دائرة الإحصاءات العامة أكثر من 8.1% من مجموع الأسر الأردنية، وانحدرت فئات أخرى إلى الطبقة الفقيرة، لتشكل حسب تقدير مصادر غير رسمية نسبة 60% من مجموع السكان.

الرسم الكاريكاتيري مأخوذ طبعاً من شكاوى المواطنين، الذين يخترعون مصطلحات جديدة لوصف وضعهم الذي يزداد سوءاً يوماً بعد يوم، مع تعليق البعض آماله على شعار "النمو المتوازن وعدالة توزيع الثروات" الذي رفعته الحكومة، وباشرت تنفيذه ضمن برامج وسياسات واستراتيجيات، آنية وسنوية وعشرية.
هذا الأمل، كما يقول المواطن أحمد السعيدات، كان بحاجة إلى جرعات حكومية مهدئة أكثر "تبقينا على قناعة به، وسط مشهد حطم كل ما له علاقة بطموحاتنا وآمالنا. فحتى على المستوى الشخصي، لم يعد أمامنا غير أن نتجرع الفقر بقرار رسمي، ونعيش مهمشين بلا حياة فاعلة تحت مظلة أرقام لا أعرف من سيقتنع بها، طالما أن محصلة مجموعها تذهب إلى جيوب طبقة متخمة تدير اقتصاد البلاد".
أحمد الذي يعيش من مهنته الخاصة بمدخول سنوي أقرب إلى خط الفقر الرسمي، غير مقتنع تماماً بالطريقة التي يدار بها اقتصاد بلاده، ويرى أن الذين "أوقعوا البقرة"، كما هو المثل الشعبي، فتحوا المجال أمام السكاكين كي تنهال عليها، كل بطريقته، لتنهش من لحمها، وتتركها لنا مجرد هيكل عظمي.
يصر أحمد على وصف اقتصاد الأردن بالبقرة الحلوب، وهو وصف شائع على نطاق واسع في الأردن. ويرى أن المواطن الذي يعيش على الوعود منذ سنوات عديدة، بانتظار نتيجة ما وصف بالإصلاحات الجوهرية في جسم الاقتصاد، هو مواطن صابر.
ولهذا التوصيف ما يبرره، حسب الخبير الاقتصادي محمد ملكاوي، فالسياسة التي اتبعتها الحكومات في إدارة اقتصاد البلاد، "لم تثمر منافع، تنعكس بإيجابياتها على المواطن. وأخفقت حين استعانت بالضرائب لتعويض النقص الحاصل بحجم الإيرادات، وكان المواطن هو ضحية هذا الخيار، وأضافت إلى أعبائه عبئاً آخر حين اعتمدت أيضاً على الديون من أجل سد العجز في موازناتها، وحملتها له". ويضيف لـ "العربي الجديد": "مع ذلك، تركت قطعة الكيك لتقتسمها نسبة ضئيلة جداً من المستفيدين، جففت مصادر الارتياح لدى عامة المواطنين. حتى لم يعد أمام الشرائح المنهارة اقتصادياً سوى انتظار معجزة تهبط من السماء ومعها عائدات النمو التي لا نعرف أين تذهب، أو من يستفيد منها".
أما المواطن محمد الشريف الذي فرض التقشف على نفسه وأسرته المؤلفة من زوجة وأربعة أطفال أكبرهم في العاشرة من عمره، لا يعلم إلى متى ستظل أسرته تحت وطأة هذا الإجراء. يقول: "توقعنا أن تخصص الحكومة في موازنتها للعام الحالي مبالغ من أجل تحسين أوضاعنا المعيشية، وزيادة الرواتب، ورفع مخصصات الأسر الفقيرة من صندوق المعونة الوطنية. لأن تغيرات كبيرة طرأت على أسعار المواد الغذائية وغير الغذائية، في الحقيقة لا أعرف فيما إذا كانت الحكومة تستطيع أن تقول لنا من أين سننفق؟ وكيف سنعيش؟".
ويرى الخبير الاقتصادي إبراهيم الحيالي: "نحن أمام مشكلات عديدة يعاني منها اقتصاد البلاد، وعلينا توليد نمو صحيح، بطريقة سليمة، يلمس نتائجه المجتمع وخصوصاً فئاته الضعيفة". ولذلك، يضيف لـ "العربي الجديد": "لابد من إصابة الأهداف المطلوبة بخطط متوازنة وفاعلة، على خلاف ما يعمل عليه الآن وهو القيام بكل شيء دفعة واحدة. إما أن نستفيد من الأخطاء التي وقعنا فيها ونوفر الفرص لنمو اقتصاد متوازن، أو نترك الاقتصاد أشبه بمعادلة ناقصة، يثبت وجوده فيها طرف واحد فقط".

اقرأ أيضاً:السياسات الاقتصادية الحكومية تستفز الأردنيين