فواتير الخدمات العامة والضرائب تجفف جيوب الأردنيين

فواتير الخدمات العامة والضرائب تجفف جيوب الأردنيين

01 فبراير 2016
الفئات الهشة الأكثر تأثراً بالأزمة (عواد عواد/ فرانس برس)
+ الخط -
على الرغم من ترتيبه العالمي ضمن الدول ذات الدخل المتوسط العالي، يعاني الأردن من تدهور أوضاعه المعيشية. فقد جففت النفقات المالية المترتبة على فواتير الضرائب ورسوم الخدمات العامة، من كهرباء، ومياه، واتصالات ونقل، جيوب مواطنيه وأرهقتهم. وذلك، بعدما حصدت قيمها العالية آمال شرائح اجتماعية مختلفة، قبل أن تنعم بتصاعد مؤشر التنمية البشرية وتستفيد من نتائجه، وفق الخطط التنموية الجاري تنفيذها بهدف توفير الحماية الاجتماعية لطبقات مازالت تصارع منذ سنوات من أجل البقاء.
حسن، الذي يعمل إلى جانب زوجته في وظيفة حكومية، منذ خمس سنوات، ينفق على أجور النقل كما يقول يومياً نحو 17دولاراً تقريباً، وهو مبلغ ليس بالقليل إذا ما تم احتسابه بشكل شهري، وأضيف إلى نفقات أخرى، مثل إيجار المنزل 211 دولاراً، وفاتورة الكهرباء 42 دولاراً، والمياه 14 دولاراً، بالمقارنة مع راتبه وراتب زوجته معاً، حيث يبلغان نحو 1268 دولاراً في الشهر.

وتقدر الإحصاءات العامة متوسط الدخل السنوي للأسرة الأردنية بـ 12.5 ألف دولار تقريباً، مقابل متوسط إنفاقها البالغ 13.5 ألف دولار، ومتوسط الدخل السنوي للفرد بـ 2.5 ألف دولار، مقابل متوسط إنفاقه أيضاً والبالغ 2.5 ألف دولار تقريباً. حيث يبلغ متوسط الأجور في القطاع العام 730 دولاراً، و 608 دولارات في القطاع الخاص، وفق المصدر ذاته.
لكن أسرا أردنية كثيرة، مازالت على خلاف عائلة حسن، تعيش بمرتب واحد، قد لايتجاوز الـ 500 دولار، تتكبد النفقات ذاتها، وتمارس حياتها بصورة غير مكتملة، تفتقر إلى الأساسيات الغذائية وغير الغذائية، وتأمل أن تتحسن فيما بعد أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية.
ويصف الخبير الاقتصادي أحمد الملكاوي الشرائح هذه بالمستضعفة، يتابع: "إن حصة الفرد فيها من اللحم البلدي سنوياً لا تتجاوز كيلوغرامين، ومن لحم العجل المستورد كيلوغراماً، ومن لحم الدجاج المحلي كيلوغرامين، ومن الأسماك ثلاثة كيلوغرامات، ومن الحليب الطازج 5 كيلوغرامات... وهي معدلات متدنية للغاية". يضيف لـ "العربي الجديد": "الفقر الاقتصادي الذي يعاني منه المجتمع الأردني، يطرح مهمة ضمان الأمن الغذائي لهذه الشرائح كأولوية، بالرغم من وجود فقر آخر نعانيه أيضاً على مستوى شح المياه، وندرة الأراضي الصالحة للزراعة، وملوحة الأراضي المروية، والتصحر، والاعتماد على الواردات الغذائية، وارتفاع أسعارها".
وتتضارب حسب الخبير الاقتصادي سعيد الروسان أرقام الحكومة حول نسبة الفقراء مع أرقام أخرى، مصدرها البنك الدولي ومراكز دراسات محلية، ففيما تحدد دائرة الإحصاءات العامة النسبة بـ 14.4% تشير أرقام غير رسمية إلى أن نسبته تجاوزت 20% مع انحدار حجم الطبقة الوسطى من 40% إلى 29% من عدد السكان، وذلك لصالح الطبقات الأدنى. في الوقت الذي يرى فيه البنك الدولي أن 18.6% من مجموع السكان مهددون بالانضمام إلى الفقراء وأن نسبة 37% من السكان يعيشون فوق خط الفقر مباشرة.

ويضيف الروسان لـ "العربي الجديد": "إن ارتفاع الضرائب واتساعها إلى أكثر من 50 بنداً، ومنها ضرائب غير مباشرة يتحمل المواطن تأثيراتها، وارتفاع الأسعار بنسبة تتراوح بين 20 – 40%، وارتفاع الضريبة على السلع الغذائية، خلق فجوة بين مستوى حياة مواطن دخله محدود أومتقلب، وبين مثيله في الطبقات الأعلى".
وفي الأعوام الأخيرة، حقق الأردن تقدماً على مستوى النمو، وصل حسب الأرقام الرسمية إلى 3.5%، فيما تسعى برامج الحكومة لرفعه خلال عام 2016 إلى 4.5%، ومع ذلك، يرى الخبير الاقتصادي وليد الخطيب عدم فاعلية هذه النسبة وتواضعها أمام النمو السكاني الذي يبلغ 2.2% ونسبة البطالة البالغة %12.4 ونسبة الفقر البالغة 14.4%. ويقول لـ "العربي الجديد": "المشكلة أنه لا يوجد أي نمو حقيقي يخفض هذه النسب، ويؤمن بشكل فاعل توليد فرص عمل، كافية لإستيعاب الباحثين عن عمل من فئة الشباب، الذين يمثلون اليوم أكثر من %60 من السكان". ويضيف لـ "العربي الجديد": "إن التسارع في مستويات تضخم الأسعار، وارتفاع مستوى تكاليف المعيشة، ووجود مخاطر أخرى كارتفاع حجم الدين العام، وعجز مالية الحكومة، وتوسعها في البنود الضريبية والرسوم التي تغطي 90% من نفقاتها، تأتي أغلبها من جيوب المواطنين، علاوة على المخاطر الناجمة عن تدهور الوضع الإقليمي، سيقلل ذلك حتماً من فرص تحسين المستوى المعيشي لفئات ماتزال ترى نفسها مهمشة".

اقرأ أيضاً: أردنيات يستغربن النمو الذي تقابله هجرة أبنائهن

المساهمون