هذه هي المعادلة النفطية الجديدة

هذه هي المعادلة النفطية الجديدة

25 يناير 2016
تغييرات في الخارطة النفطية (Getty)
+ الخط -
تستعد إيران للدخول في معركة مع خصومها، داخل وخارج منظمة "أوبك" على حد سواء، من أجل الحصول على حصة تصديرية أكبر في سوق عالمية تعاني من وفرة المعروض، وذلك بعد رفع العقوبات الدولية عنها، والإعلان عن نيتها بضخ إمدادات إضافية من النفط إلى أسواق الطاقة، ما سيبقي أسعار النفط تحت ضغوط هبوطية متواصلة.
في بيان نشر على موقع وزارة النفط الإيرانية، قال ركن الدين جوادي، نائب وزير النفط الإيراني، إن طهران عازمة على استعادة السيطرة على حصة البلاد في أسواق التصدير والتي تعرضت للانهيار بعد فرض العقوبات الدولية على البلاد في عام 2012. كثير من هذه القيود جرى رفعه، بالفعل، في أعقاب تقرير من الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي ذكر أن إيران قامت بالإيفاء بالتزاماتها، بموجب اتفاق الصيف الماضي، والتي استهدفت، أساساً، الحد من قدرات إيران على صنع أسلحة نووية.

جاءت تصريحات جوادي بالتزامن مع إصدار منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) تقريرها الشهري الأخير الذي توقع استمرار نمو إنتاج أعضاء المنظمة في العام المقبل، مع توقع تراجع الإنتاج "خارج أوبك"، بشكل أساسي، نتيجة لتراجع متوقع في إنتاج الولايات المتحدة، تحديداً. في الواقع، تؤكد الحكومة الأميركية ما جاء بتقرير "أوبك"، إذ صرحت، مؤخراً، بأن وارداتها من النفط الخام قد بدأت تتزايد، وقد تنمو بشكل متسارع مع تراجع إنتاج الولايات المتحدة من النفط ونمو الطلب المحلي.
شهدت إيران، التي تمتلك رابع أكبر احتياطي للنفط في العالم وثاني أقل تكاليف إنتاجية بعد السعودية، انخفاضاً في صادراتها النفطية إلى مليون برميل يومياً بعد فرض عقوبات واسعة النطاق في عام 2012، من ذروة بلغت 2.8 مليون برميل. تقول طهران أنها تتوقع زيادة الإنتاج بمقدار نصف مليون برميل يومياً هذا العام وبنفس الكمية خلال العام المقبل، حيث تنوي القيام بتصدير أغلب الإنتاج الإضافي إلى أن يبدأ اقتصاد البلاد بالتعافي تدريجياً الذي عانى بشدة في ظل العقوبات الدولية.
رغم ذلك، يقول محللون إن الإيرانيين سيواجهون تحديات كبيرة من أجل تحقيق طموحاتهم الإنتاجية، إذ أنه من المرجح أن ينمو الإنتاج الإيراني، حسب توقعاتهم، بواقع ربع مليون برميل يومياً، فقط، هذا العام نتيجة للقيود التقنية التي تتطلب خبرات واسعة واستثمارات غربية ضخمة من أجل دعم الإنتاج.
وفي حين يعزو محللون آخرون التراجع الأخير في أسعار النفط إلى احتمال قيام إيران برفع وشيك لإنتاجها من الخام، إلا أن هذا الاحتمال كان مرجحاً منذ فترة طويلة مع توقع أسواق الطاقة، مسبقاً، قرار رفع العقوبات الدولية على إيران في أي وقت، وبالتالي، فإن هذا العامل لم يكن المسبب الأساسي للتراجع الأخير لأسعار النفط على الرغم من بعض ردود الفعل غير المحسوبة في السوق.
وتوقعت "أوبك"، في ذات التقرير، أن ينمو الطلب العالمي على النفط بواقع 1.2 مليون برميل يومياً هذا العام، في حين ترى بأن الإنتاج "خارج أوبك" سينخفض بمقدار يتجاوز 600 ألف برميل يومياً هذا العام، أيضاً. من شأن هذه الاحتمالات، إن تحققت، أن تعيد التوازن إلى أسواق الطاقة، بحلول أواخر عام 2016، لكن اللافت أن التقرير لم يأخذ بالاعتبار احتمال ارتفاع الإنتاج الإيراني، بعد رفع العقوبات الدولية عليها، ولم يشر، أيضاً، إلى قدرة روسيا في إنتاج نفس مستويات الإنتاج، على الأقل، التي حققتها العام الماضي عندما بلغت مستوى قياسياً لم تصله منذ الحقبة السوفياتية، إلى نحو 11 مليون برميل يومياً.
ومما لا شك فيه، أن منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة سيكونون أكبر الخاسرين هذا العام مع توقعات بتراجع إنتاجهم بمعدل 400 ألف برميل يومياً، في عام 2016 مقارنة مع العام الماضي، إضافة إلى توقعات بتراجع الإنفاق والاستثمار في القطاع النفطي بواقع 20% بعد انخفاضه 41% في العام الماضي. وفي نفس الوقت، فإن الطلب المحلي على النفط في الولايات المتحدة من المتوقع أن ينمو بمقدار ربع مليون برميل يومياً. نتيجة لذلك، فإن الواردات الأميركية من النفط قد تكون في وضع يسمح لها أن تنمو على الرغم من وفرة الإمدادات وامتلاء مستودعات التخزين لديها.
لقد تغيرت الظروف. فبعد أن كانت ورادات الولايات المتحدة من النفط الأجنبي تشكل نحو 70% من احتياجات السوق المحلية في عام 2005، فإن هذا الرقم قد تراجع إلى 40%، فقط، في العام الماضي، مع ازدهار الإنتاج غير التقليدي للنفط. وبعد أن حظرت العقوبات الأميركية قدوم واردات النفط الإيرانية إلى الولايات المتحدة لفترة طويلة من الزمن، فإن اليوم، ومع رفع الحظر على هذه الواردات، يستهدف منتجو النفط الكبار في العالم، بما فيهم السعوديون والإيرانيون، هذه السوق المتنامية.
(خبير اقتصادي أردني)

اقرأ أيضاً: اتجاهات الأسهم الخليجية في 2016

المساهمون