إهدار حقوق المصريين:غش تجاري وضعف رقابة ومُستهلك بلا حماية

إهدار حقوق المصريين:غش تجاري وضعف رقابة ومُستهلك بلا حماية

25 يناير 2016
الازدحام اليومي في السوق المصرية (محمد محمود/ الأناضول)
+ الخط -
بدأت قصة المواطن المصري عزت حمدي العام الماضي. حينها اشترى ثلاجة من إحدى شركات الأجهزة الكهربائية المعروفة في القاهرة، واكتشاف وجود كسر داخلي في الثلاجة عند محاولة تشغيلها. يقول حمدي لـ "العربي الجديد": "تسلمت الثلاجة مُغلفة بكرتونة، وعند فتحها وبدء تشغيلها تفاجأت بإصابتها بكسر، واتصلت فوراً بالشركة للإبلاغ عن العيب واستبدال الثلاجة، ولكن الشركة رفضت استبدالها بدعوى أن الكسر ناتج عن سوء الاستخدام رغم أن الثلاجة لم تعمل بالأساس. وبناءً عليه أخبرتني الشركة بأن الثلاجة باتت خارج الضمان، وطالبتني بنقل الجهاز لمركز الصيانة، لإصلاحه على نفقتي الخاصة".

يتابع حمدي: "بالطبع رفضت طلب الشركة، وتقدمت بشكوى إلى جهاز حماية المُستهلك ضد الشركة في أغسطس/آب 2015، وبالفعل قام الجهاز بفحص الثلاجة، غير أن تقرير الفحص أفضى إلى عدم قدرة اللجنة المُشكلة على تحديد المسؤول عن الكسر اللاحق بالثلاجة. ومن ثم أكدت اللجنة عرض المُشكلة على إدارة الشؤون القانونية في جهاز حماية المستهلك لإحالة الشكوى إلى النيابة العامة للتحقيق فيها". لم تصل القصة إلى خاتمة سعيدة، وحمدي لم يستسلم برغم أن المماطلة تصيب العديد من المواطنين بالملل فيمتنعون عن متابعة قضيتهم.
ويُضيف حمدي: "أمضيتُ 6 أشهر كاملة تائهاً بين الشركة وجهاز حماية المُستهلك الذي كُلما أُطالبه بحسم الشكوى يُخبرني بأنه تجري مُتابعة الشكوى مع إدارة الشؤون القانونية. وفي النهاية لم أجد حلاً سوى رفع دعوى قضائية ضد الغش التجاري الذي مارسته الشركة بحقي".
وبالفعل، اطلعت "العربي الجديد" على الرسائل المُتكررة التي أرسلها عزت حمدي إلى الصفحة الرسمية لجهاز حماية المستهلك، وجاءت ردود مسؤول الصفحة ما بين أن الشكوى تجري مُتابعتها مع الإدارة القانونية أو أنه سيتم عرضها على رئيس الجهاز. وحتى الآن، لا يزال حمدي بلا ثلاجة ولا تعويض.
ربما كان حظ المواطن إسلام فايز أفضل بكثير من غيره، حيث بدأت مُشكلته بشراء جهاز تكييف بسعر 6400 جنيه، ما يعادل 817 دولاراً، من خلال أحد مراكز البيع بالتجزئة المشهورة في مصر، ثم اكتشف وجود عطل في اليوم التالي من تشغيل التكييف.
ويقول فايز: "عقب اكتشاف العطل أجريت اتصالاً بمسؤول خدمة العملاء بالشركة المسؤولة عن استيراد الجهاز، حيث أرسلت عاملاً فنياً لفحص الجهاز، وأعلمتني بأن الأمر بسيط ويتعلق بطريقة تركيب جهاز التكييف وبعدها تم شحن الجهاز بغاز الفريون". ويضيف فايز: "ولكن العطل تكرر بعد مرور يومين واستقبلت عاملاً فنياً آخر من الشركة إلا أنه هذه المرة أرجع سبب العطل إلى تسرب الفريون من خط أنبوب التكييف، وأجرى الإصلاحات اللازمة وقام أيضاً بشحن الجهاز بغاز الفريون مرةً أخرى".
ويقول فايز: "العطل تكرر مرة ثالثة، وحينها قامت الشركة بسحب الجهاز بغرض فحصه، ثم أبلغني مسؤول خدمة العملاء بأن العطل ناتج عن أنبوب توصيل الفريون، والذي تقع مسؤوليته على مركز التجزئة لأنه هو من قام بتركيب الجهاز. ومن ثم على العميل تحمل تكلفة إصلاحه نظراً لأن مركز التجزئة لا يندرج ضمن وكلاء الشركة". وُيكمل فايز: "عند لقائي بمُدير خدمة العملاء وتهديده بتصعيد الأمر لجهاز حماية المُستهلك، تفاجأت بتأكيد المُدير بأن مركز التجزئة يعد وكيلاً للشركة وبناءً عليه تم إصلاح التكييف دون أن أتحمل أية مصروفات".
وفي اتصال هاتفي أجرته "العربي الجديد" بُمدير خدمة العملاء بالشركة رامي محمود، اكتفى بالقول "لا توجد مصلحة لموظف خدمة العملاء بأن يتحمل العميل مصروفات إصلاح الجهاز بدلاً من مركز التجزئة المسؤول عن العُطل، فالأمر لا يتعدى حاجز السهو، وتم في النهاية تدارُك الخطأ".
قد يكون الأمر هيناً حينما يتعلق بالأجهزة، ولكن عندما يطاول الإهمال الأطعمة فالخطر حينها يصل إلى ذروته. إذ بدأت واقعة أخرى مع حلول المولد النبوي وتهافت المواطنين على شراء الحلوى، فكان من نصيب المواطن إيهاب علي شراء حلوى من أحد المحال الشهيرة في وسط القاهرة، واكتشف وجود حشرة داخل إحدى قطع الحلوى، وعلى الفور تقدم بشكوى عبر الهاتف لجهاز حماية المُستهلك.
ولكن المُفاجأة التي صدمت علي بأنه بعد مرور شهر كامل من تاريخ تقديم الشكوى، تلقى اتصالاً من مسؤول في حماية المُستهلك يطالبه بتقديم قطعة الحلوى لمقر الجهاز! وهنا يتساءل علي في حديثه مع "العربي الجديد": "هل يُمكن الاحتفاظ بقطعة حلوى بها حشرة لمدة شهر في المنزل؟ فلم يكُن بإمكاني سوى التقدم بالصورة التي التقطتها لقطعة الحلوى وبها الحشرة".
وسط حالات تكرر هدر حقوق المُستهلكين في مصر، يطالب الخبير الاقتصادي محمد رشاد بإعادة هيكلة جهاز حماية المُستهلك بحيث يتمتع بالسرعة الكافية في التعامل مع الشكاوى، دون انتظار شهور عدة للرد عليها، خاصةً أن الأطعمة التي يتم التقدم بشكوى بشأنها تتغير حالتها مع مرور الوقت.
ويوضح رشاد أن هُناك تدنياً في جودة العديد من المُنتجات سواء المُباعة في محال معروفة أو مغمورة، وهو ما يتطلب تكاتف كافة الأجهزة الرقابية في الدولة سواء في المحليات أو المحافظة أو هيئة المواصفات والجودة مع جهاز حماية المُستهلك لرصد السلع المُزيفة أو التي لا تتطابق مع المواصفات، حفاظاً على حقوق المُستهلكين.
من جانبه، كان اللواء عاطف يعقوب رئيس جهاز حماية المُستهلك قد أكد خلال مؤتمر صحافي عقد أخيراً على أن الجهاز يتلقى ويفحص العديد من الشكاوى يومياً. وشدد على أن الجهاز يلزم العديد من الشركات باستبدال السلع التي تثبُت إصابتها بأعطال تتعلق بعيوب التصنيع فضلاً عن تحويل شركات أخرى للنيابة في مجالات السيارات والأغذية والاتصالات بسبب عدم مُطابقة المُنتجات للمواصفات الفنية.
وأضاف أن الجهاز حرص على توعية المُستهلكين بحقوقهم وطرق فحص الأجهزة، فضلاً عن بث رسائل توعية خلال المواسم التي تشهد كثافة في شراء سلع مُعينة مثل الحلاوى أو الملابس. كما يعمل الجهاز الآن على توقيع بروتوكول تعاون مع الهيئة العامة للمواصفات والجودة لرفع كفاءة تقييم عيوب السيارات وتحديد مدى جدية الشكاوى المقدمة وإذا كانت العيوب ناتجة عن الصناعة أو الاستخدام.

اقرأ أيضاً: دعم المصريين تحت مقصلة السطو والفساد

دلالات

المساهمون