مستقبل الاقتصاد السوري ينتظر الخلاص

مستقبل الاقتصاد السوري ينتظر الخلاص

17 يونيو 2015
النظام السوري يحول الثورة إلى كارثة اقتصادية (Getty)
+ الخط -
في عام 2000، تعهدت معظم الحكومات العربية بتحقيق مجموعة أهداف إنمائية على مدى خمسة عشر عاماً. أهداف وصفت بأنها "طموحة وترتقي بواقع وحياة الإنسان في كل مكان". أما اليوم، وبعد إدراك نهاية الفترة المحددة، يبدو ما تحقق بعيداً تماماً عن الارتقاء بحياة الإنسان. على العكس، انحدر الوضع الاقتصادي والاجتماعي للسكان في بلدان عربية عديدة، وفي مقدمتها سورية التي هبط نظامها بقيمة الإنسان إلى مستوى سحيق.

في سورية وقبل اندلاع الثورة، عمل عدد كبير من الخبراء الاقتصاديين على استشراف المستقبل من خلال "مشروع سورية 2025". وتوقعوا أن يكون الناتج المحلي الإجمالي "متواضعاً" بحلول ذلك العام مقارنة بما كان عليه في عام 2005. كما توقعوا أن تكون سورية دولة "ذات اقتصاد خدمي متفاوت النوعية" يعاني اقتصادها من "ضعف كفاءته الداخلية والخارجية في آن واحد إزاء تعرضه للمنافسة طردا مع تحرير التجارة الخارجية". أما توزيع الناتج المحلي الإجمالي فلن يكون عادلا، إذ يتوقع تزايد عدد الفقراء وتراجع نمو الرواتب والأجور وزيادة عرض قوة العمل بمعدل أكبر من تزايد الطلب عليها وهكذا سترتفع نسبة العاطلين عن العمل بشكل تراكمي من 8% عام 2005 إلى نسبة مرتفعة جداً وهي 41%.
كذلك الأمر مع معدلات التضخم التي ستواصل ارتفاعها، كما سيتواصل عجز الموازنة العامة للدولة وعجز الميزان التجاري. ويشير التقرير في لمحة استشرافية هامة إلى أن هذا السيناريو، الذي افترض استمرار السياسات الاقتصادية ذاتها، ربما يحمل "بعض عناصر سيناريو الانهيار والكارثة ولا سيما في الأقاليم الضعيفة".

اقرأ أيضا: اقتصاد اليوم التالي بعد الأسد

لم تحل الكارثة في سورية وإنما حلت الثورة التي حولها النظام السوري إلى كارثة اقتصادية واجتماعية وإنسانية دمرت البلاد، كما دمرت كل العمل البحثي الذي كان يحاول الخبراء الاقتصاديون القيام به لاستشراف مستقبل سورية الاقتصادي في عام 2025.

"مشروع سورية 2025" استشرف تناقضاً بين نمو السكان المتزايد حتى عام 2025 من جهة، ومحدودية وضيق الموارد المتاحة من جهة أخرى والذي "يفرض التوجه إلى الاستثمار في القدرات البشرية والمعرفية". لكن ما حصل أن النظام السوري فرض سيناريو آخر تماماً إذ استثمر في تدمير القدرات البشرية وتهجير الخبرات المعرفية وهو ما يجعل المستقبل الاقتصادي للبلاد أسود جداً.

اقرأ أيضا: النظام السوري ينشر الأوهام حول المناطق الصناعية

وتبقى كل التوقعات في إطار "الاقتصاد المنشود" وذلك بافتراض توقف الحرب في لحظة ما. هكذا، وانطلاقاً من واقع الدمار المتواصل في سورية، يمكن القول إن استشراف آفاق الاقتصاد السوري في السنوات العشر المقبلة يتوقف على سيناريوين اثنين. الأول هو استمرار الحرب وهو ما سيقود إلى دمار اقتصادي واجتماعي أقسى من الدمار الحالي. أما الثاني فيعتمد على توقف الحرب وبدء عملية البناء الاقتصادي. وسيعتمد هذا السيناريو بدوره على النموذج الاقتصادي الذي تنتهجه الحكومات اللاحقة. ففي حال جرى تبني رؤية اقتصادية ليبرالية فسيكون لتلك السياسة نتائج اقتصادية تختلف بدرجة كبيرة عنها في حال تبني مقاربة تنموية تدعو إلى التنمية المستقلة وتتمسك بالدور التدخلي للدولة في وضع السياسات وفي العملية الإنتاجية ذاتها.

المساهمون