تهديد بيكر يتحقّق: العراقيون خارج التاريخ

تهديد بيكر يتحقّق: العراقيون خارج التاريخ

18 مايو 2015
النزوح يغيّر أسلوب حياة العراقيين (Getty)
+ الخط -
بعد ربع قرن على قول وزير الخارجية الأميركي الأسبق، جميس بيكر، لنظيره العراقي طارق عزيز: "إننا سنعيدكم إلى العصر الحجري"، وبعد أكثر من عقدٍ على احتلال العراق، ها هم العراقيون يرجعون إلى أساليب العيش البدائية.

ميدانياً، يعيش العراقيون حالة مأساوية من نقص الخدمات وانعدام الأمن وغياب الاستقرار في المناطق الساخنة. حيث دفعت هذه الظروف السيئة،عدداً كبيراً منهم، إلى النزوح الجماعي داخل وخارج محافظاتهم وبلدهم، حتى بلغ عددهم الملايين، وفقاً لتقديرات عدد من المنظمات الدولية والمحلية.

ويرى مطلعون على الوضع الميداني، أن الحرب الدائرة أدت إلى تدمير جميع مرافق الحياة والبنى التحتية في المدن الساخنة ونواحيها، نتيجةً للقصف الجوي والصاروخي والمدفعي العشوائي، شمل ذلك "تدمير المنازل والمدارس والمساجد والأسواق والمستشفيات ومحطات تصفية المياه ومحطات الكهرباء وغيرها. ما أدى بالغالبية العظمى من العائلات التي تقطن في تلك المناطق إلى ترك منازلها والهجرة والنزوح الى مناطق أخرى بحثاً عن الأمان المفقود.

بدوره، يقول أبو محمد، الذي لا يزال في الفلوجة برغم الظروف السيئة التي تواجهها المدينة، لـ "العربي الجديد": إن "الحرب أدت إلى كارثة إنسانية حقيقية"، حيث "قفز سعر قارورة الغاز من 6 آلاف دينار (حوالي 5 دولارات)، وهو سعر المبيع قبل عامين، إلى مستويات غير مسبوقة تراوح بين 120 -250 ألف دينار (103 – 215 دولاراً) للقارورة الواحدة. كما ارتفع سعر لتر البنزين، النادر الوجود، بشكل جنوني. ما دفع الناس شيئاً فشيئاً الى طرق بدائية في الطبخ والتدفئة عبر استعمال الحطب، وقد اختفى الكثير من المنتزهات بسبب قطع أشجارها لاستعمالها تحت وطأة الاضطرار".

ويشير الفلوجي إلى أن "الكثير من الناس باتوا يستخدمون الدراجات الهوائية في تنقلهم، وبعضهم عاد إلى العربات التي تجرها الحيوانات للتنقل". ونتيجة للانقطاع المستمر للتيار الكهربائي، منذ شهور عدة عن المدينة، ونقص المواد الغذائية نتيجة للحصار الخانق، "رجع الناس الى آلة الرحى، وهي آلة حجرية بدائية وقديمة جداً، تستخدم في طحن الحنطة والشعير، وذلك لصناعة الخبز".

وكنتيجة، أيضاً، لانقطاع الكهرباء والماء "عاد كثير من الناس، خصوصاً في أطراف المدينة، إلى طرق بدائية في الإنارة، أما النقص في مياه الشرب فدفع المواطنون إلى الشرب من مياه الأنهار غير المعقمة، بسبب ضرب محطات التصفية".

بدوره، يصف المواطن علي السلماني، الظروف التي يواجهها القطاع الزراعي في المناطق الغربية من الأنبار بأنها الأسوأ منذ عشرات السنين، برغم ظروف الحروب والحصار الاقتصادي التي شهدها العراق منذ الثمانينات. يشكو السلماني الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي، منذ أربعة أشهر، ما "أدى إلى التأثير على ري المزروعات"، بينما "أثر نقص الوقود والارتفاع في أسعاره إلى توقف آلات البذر والحصاد، وإلى زيادة كلفة نقل المنتجات الزراعية، وتالياً توقف الكثير من النشاطات والمشاريع الزراعية في المنطقة".

أمّا في الموصل، فقد "عاد المزارعون إلى استخدام الطرق البدائية، مثل استعمال المحراث الذي تجره الحيوانات، والبذر والتنظيف والتسميد اليدوي"، حسب المحامي أبو راشد المجمعي.
ويلفت المواطن فاروق الظفيري إلى أن النزوح من المناطق الساخنة "أدى إلى ترك الطلاب لمدارسهم، ومن بقي منهم في المدن لا يستطيع المداومة بسبب ترك الكثير من المدرسين مدنهم، أو بسبب تدمير المدارس، أو استخدامها لإيواء المهجرين".

إقرأ أيضا: التعاونيات: واجهة التنمية وملاذ المهمشين لاحتراف الاستثمار

المساهمون