اليمنيون يتنقلون على الحمير والفخّار سيّد الموائد

اليمنيون يتنقلون على الحمير والفخّار سيّد الموائد

18 مايو 2015
أزمة المحروقات دفعت اليمنيين للهروب على الحمير (فرانس برس)
+ الخط -
يبدأ الستيني محمد حسين مشواره لطلب الرزق منذ الصباح الباكر. يتجه بقافلته المكونة من ثلاثة جمال والمحملة بالحطب ومخلفات المواشي لبيعها في سوق حزيز في العاصمة صنعاء، وذلك بدلاً من زراعة القات التي اعتاد مزاولتها. يقول حسين لـ"العربي الجديد" إنه يبيع حمولة الجمل الواحد من الحطب بـ20 ألف ريال، أو ما يعادل 93 دولاراً، وحمولة الجمل من المخلفات الحيوانية بـ8 آلاف ريال، أو ما يعادل 37 دولاراً.

مواد بدائية بديلة
فقد ظهرت في اليمن من جديد مواقد الفحم وأفران الطين التي تعمل بالحطب كبدائل من الأفران الغازية، كما يتواجد حالياً في مختلف الأسواق اليمنية بديل من الخبز يعرف بـ"التنور السفري". ويصنع الحرفيون في صنعاء القديمة مواقد الفحم التي تحفظ الحرارة لمدة طويلة وتستخدم للطبخ وصناعة الخبز والشاي وغيرها. وفي النقل والمواصلات عاد اليمنيون إلى استخدام الحمير والجمال، بالإضافة إلى الشمع والفوانيس للإنارة.


وفي سوق الحدادة، وسط صنعاء القديمة، تبدو الحياة أكثر حيوية على خلاف باقي أحياء العاصمة التي تدور فيها عجلة الحياة ببطء شديد، من جرّاء غياب المشتقات النفطية.

ومنذ نهاية آذار/ مارس الماضي دخل اليمن في أزمة حادة للمشتقات النفطية صاحبها انقطاع للتيار الكهربائي، وتوقف للأعمال. يرى الباحث الاجتماعي سمير العبسي أن ما يعيشه اليمن حالياً من أوضاع إنسانية كارثية سلطت الضوء على قدرة الأسر اليمنية على توفير بدائل للعيش. فـ"ما يزيد عن 50% من الأسر اليمنية لا تزال تحافظ في منازلها على وسائل العيش التقليدية من الأفران الطينية التي تعمل على الحطب ومواقد الفحم وفوانيس الإضاءة، بالإضافة إلى الأدوات الأخرى المتصلة بها كأواني الطبخ والأواني الفخارية المصنوعة من الطين، التي تستخدم لتبريد الماء والمعروفة بالجرّة، فضلاً عن الأواني الفخارية التي تحفظ الأكل المطبوخ وتمنعه من التعفن".

أمّا الحرفي أحمد علي الجماعي الذي يصنع أفراناً منخفضة التكلفة وتستخدم للتدفئة والطبخ وصناعة الخبز، فيما تعمل بنشارة الخشب، فقد استأنف مزاولة هذه الحرفة بعدما كان قد أجبر على التوقف بسبب ظهور الغاز المنزلي. يقول لـ"العربي الجديد" إن غياب الغاز المنزلي جعل الناس تبحث عن البدائل القديمة والتقليدية، لافتاً إلى أنه غير قادر على تلبية الطلب المتزايد على أفران نشارة الخشب، حيث ينتج في اليوم الواحد ما بين 6 و8 أفران، كما يزداد الطلب على مواقد الفحم التي تزداد مبيعاتها يوماً تلو الآخر، حيث يبيع في اليوم الواحد ما بين 20 و30 موقداً. هذا وتشهد الحدادة في العاصمة صنعاء نشاطاً كبيراً في ظل إقبال الناس على شراء الفؤوس التي تستخدم لتقطيع الحطب.

ويرى وكيل وزارة الصناعة والتجارة اليمنية لقطاع الصناعة عبدالإله شيبان لـ"العربي الجديد" أن الصناعات والحرف التي عاودت الظهور مجدداً في ظل الأزمة التي يعيشها اليمن، تلبي حاجات آنية فرضتها قسوة الأوضاع الحالية، مؤكداً أنه لا يمكن أن تعود هذه الصناعات والحرف للاضطلاع بدورها في العقود السابقة، حيث كان لها دور كبير في توفير حاجات الاستهلاك المحلي، كونها اليوم تسدّ جزءاً من المتطلبات الحياتية فحسب.


وبرأي الباحث الاقتصادي عامر عبدالوهاب، إن البدائل التي اتجهت إليها أغلب الأسر اليمنية عبارة عن مهدّئات فقط، ولا يمكن أن تعالج الأزمات القائمة أو تحد من آثارها السلبية، واصفاً البدائل التي ظهرت حالياً في مناطق مختلفة بالإسعافات العاجلة، خصوصاً أنها ذات طابع بدائي يقتصر على صناعة لقمة العيش.

ويحذر عبدالوهاب من وقوع أزمة كارثية في اليمن سيذهب ضحاياها مئات الآلاف من الناس، حيث زادت أسعار المواد الغذائية الأساسية بنسبة 100%، وتغيب المشتقات النفطية تماماً في السوق، ويصل سعر 20 ليتراً من البنزين إلى 120 دولاراً. كما تعاني السوق من شح في الغاز المنزلي الذي تتراوح أسعاره ما بين 25و30 دولاراً للأسطوانة الواحدة، فيما يقابل ذلك تراجع في القوة الشرائية للأجور، وخسارة ما يزيد عن 70% من العاملين في القطاع الخاص لأعمالهم.

إقرأ أيضا: سوق "سكوار" الجزائرية: دولة داخل دولة