الليبيون يعودون إلى زمن غابر

الليبيون يعودون إلى زمن غابر

18 مايو 2015
الفقر يتسع في ليبيا ويضرب القدرة الشرائية للمواطن(فرانس برس)
+ الخط -
ماذا يحدث في ليبيا؟ كيف يعيش الناس في ظل حرب طاحنة؟ كيف تستمر الحياة في بلد يصارع الموت يومياً؟ هي ليست أحجية، بل واقع شعب يخترع أدوات الصمود، ويعود إلى زمن الأجداد محاولاً البحث عن طرق يمكن أن تبقي الأسر على قيد الحياة.

إذ تشهد ليبيا اشتباكات دامية منذ سنوات، بين المجموعات المسلحة في غرب البلاد وشرقها. وخلال هذه الاشتباكات تم استهداف بعض محطات توليد الطاقة، ما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي في العديد من المدن الليبية، إضافة إلى اختفاء المحروقات من الأسواق في الكثير من المناطق.

في ظل هذا الواقع المعتم، لجأ المواطن الليبي إلى محاولة حل هذه الإشكالية. فالكهرباء ليست خدمة ثانوية، بل تعتبر حاجة أساسية في الحياة اليومية خصوصاً مع الارتفاع الكبير في درجات الحرارة.

هكذا، عاد المواطنون إلى خمسينيات القرن الماضي، واسترشدوا بما فعله الأجداد قبل وصول التغذية الكهربائية إلى المنازل. بذا، انتشر استعمال "الفنار"، وهو شبيه بفانوس رمضان، معبأ بمادة الكيروسين، وبه شريط مغمس بهذه المادة، ويتم إشعاله للإنارة إلى حين عودة الكهرباء. وكذلك، نشطت سوق بيع الشمع في المناطق الليبية خلال الفترة الماضية، لتكون بديلاً فاعلاً يعوّض غياب الكهرباء لمدة تتجاوز أحياناً العشر ساعات يومياً.

كذلك، وجد الليبيون خصوصاً في المناطق الغربية، طريقة للتحايل على ارتفاع درجات الحرارة صيفاً ومعدلات الرطوبة المرتفعة، إذ من المعلوم الاعتماد الكلي لليبيين على أجهزة التكييف. ومع انقطاع الكهرباء، أُجبر المواطنون على تذكر ما فعل الأجداد قديماً، أي اللجوء إلى بيوت تحت الأرض (موجودة حتى هذه اللحظة في غرب ليبيا وتسمى ببيوت الداموس)، تكون باردة ولا تدخلها الرطوبة.

لتعويض غياب الغاز، وعدم القدرة على شراء الخبز حين تتصاعد حدة الاشتباكات، إضافة إلى اعتماد غالبية المخابز على الكهرباء، اضطرت النساء إلى انتاج خبز البيت أو ما يعرف في ليبيا بـ "خبزة الفرن"، حيث تستعمل النساء فرناً مصنوعاً من الطين أو الإسمنت، مملوءاً بالحطب، ويتم وضع العجين فيه ليتحول إلى خبز.

أصحاب المزارع كان لهم النصيب أيضاً من تراجع نوعية الخدمات الحديثة، برجوعهم إلى الأدوات التقليدية في العملية الزراعية. حيث عادت البغال لحرث الأرض في بعض المناطق بسبب غياب المحروقات وتراجع المخزون في الأسواق بين فترة وأخرى نتيجة الاشتباكات الدائرة.

لا ننسى أيضاً انقطاع مياه الاستخدام عن بعض البيوت السكنية والعمارات، حين سيطرت المجموعات المتناحرة على منظومة المياه التي تستجر من النهر الصناعي الى المنازل. ما يدفع المواطنين إلى اللجوء للآبار لجلب المياه للاستحمام ولاستعمالات الطهي والغسيل...

بطبيعة الحال، لم يعد تأثير الحرب في ليبيا يقتصر على دمار الحجر، والموت والفوضى، فقد امتدت التأثيرات إلى بنية الحياة الاجتماعية، وإلى تفاصيل الحياة اليومية، في ظل أزمة أعادت المواطنين إلى التاريخ القديم... ومع استمرار هذا الواقع، يزيد التقهقر الاجتماعي والاقتصادي، وينجرف الليبيون أكثر إلى الحياة البدائية، عبر اعتماد بدائل تزيد على صعوبة الحياة صعوبات لا تنتهي.

إقرأ أيضا: سرّ التفاوت: ثروات مناطق جنوب الأردن لا تغني سكانها

المساهمون