قهر اللجوء.. السوريون في الأردن متروكون على أبواب الشتاء

قهر اللجوء.. السوريون في الأردن متروكون على أبواب الشتاء

14 أكتوبر 2015
لاجئون في مخيم الزعتري في الأردن (فرانس برس)
+ الخط -
"يخبرنا سامر عن أحلام مليوني طفل سوري لاجئ. سامر ليس ساحرا، بل هو طفل كغيره من الأطفال السوريين ممن لديهم أحلام بسيطة. هؤلاء، أصبح أقصى ما يطمحون إليه هو قطعة ثياب، أو غطاء، أو خيمة تحميهم من برد الشتاء، سيساهم دعمك في تأمين غطاء أو خيمة أو موقد لأناس لم يختاروا أن يصبحوا لاجئين"... مع نهاية هذا الإعلان، تجد المفوضية السامية لشؤون اللاجئين نفسها اليوم أمام امتحان صعب. فأكثر من 4 ملايين طفل وامرأة ورجل وعجوز سوري لاجئ، منهم 629,128 وفق إحصاءاتها داخل الأردن، يحتاج معظمهم إلى مستلزمات الشتاء الأساسية قبل أن تشتد الظروف المناخية، تجنباً لما حدث في شتاء العام الماضي.

سامر الذي أصبح للسنة الثانية على التوالي محور إعلان إنساني مستمر، وتحاول المفوضية من خلاله جمع التبرعات المالية لإنقاذ حياة الأطفال والعائلات الأكثر احتياجاً، هو أحد الذين تعنيهم خطة تقديم المساعدات إلى اللاجئين السوريين في المخيمات والمجتمعات المحلية الأردنية. حيث من المفترض أن تتلقى نحو 21,000 عائلة مساعدات نقدية غير مشروطة شهرياً، وكذا أن تحصل على 190 ديناراً أردنياً إضافياً لتغطية تكاليف التدفئة أو شراء اللوازم المنزلية شهرياً في فصل الشتاء.

اليوم، المفوضية السامية عاجزة عن أداء التزاماتها المالية اتجاه آلاف العائلات، التي خسرت دعمها الإنساني والمادي، عقب وقفها للمساعدات منذ أكثر من أربعة أشهر تقريباً. في المقابل، يتراجع حجم الدعم العالمي لقضايا اللاجئين في عدد من البلدان المصنّفة كنامية، في مقابل ارتفاع الإنفاق على الحروب والسلاح. تناقض يراه عدد من الخبراء الاجتماعيون بمثابة أزمة تعصف بالمفاهيم الإنسانية، وتترك آلاف السوريين بلا أمل ولا قدرة على العيش والاستمرار، خصوصاً مع وصول فصل الشتاء، وتكرار حالات الوفاة برداً بين السوريين النازحين داخلياً واللاجئين إلى بلدان الجوار.

تزايد الصعوبات
يخشى الناشط في المجال الإغاثي حيدر الزعبي أن تتكرر أزمة الشتاء الماضي، هذا العام، ويضيف لـ "العربي الجديد": هناك مشكلة أخرى منسية، وهي تزايد الصعوبات التي يواجهها السوريون خارج مخيمات اللجوء في الأردن، إذ يعيش حوالي 86% من اللاجئين الموجودين منهم تحت خط الفقر المحدد بـ 3.2 دولارات أميركية يومياً، بعدما استنفدوا مدخراتهم التي أتوا بها أثناء فرارهم، منهم على سبيل المثال 168.5 ألف لاجئ تقريباً في العاصمة عمان، و154.5 ألفاً في مدينة المفرق، و139 ألفاً في مدينة إربد، و80 ألفاً في مدينة الأزرق، وجميعهم توقفت عنهم مؤخراً المساعدات".

ويتابع الزعبي: "هؤلاء اليوم أصحاب معاناة صامتة، لا أحد يدري حقيقة حجمها، ومن المتوقع أن تزداد أوضاعهم سوءاً بحلول فصل الشتاء، لأن تكاليف الطاقة والتدفئة أكبر من مقدراتهم المالية المتاحة".

ويتضمن برنامج استعداد المفوضية السامية لشؤون اللاجئين لفصل الشتاء أربعة عناصر أساسية: المساعدات النقدية الإضافية في المناطق الحضرية، والاستعداد لفصل الشتاء في المخيمات، والمساعدات المالية لغير السوريين، والمخزون الاحتياطي للقادمين الجدد. وترى المفوضية أن التبرع بـ 20 دولاراً من شأنه أن يساعد عائلتين في الحصول على فرش للوقاية من النوم على الأرض، بينما يوفر مبلغ 50 دولاراً بطانيات صوفية حرارية تقي عائلة واحدة من الصقيع خلال أشهر الشتاء القاسية، كما يساعد مبلغ 100 دولار في تأمين موقد يمكنها من إعداد الطعام، و500 دولار في توفير خيمة تحميها من عوامل الطقس القاسية.

انقطاع الغذاء
ومنذ سنوات يواجه اللاجئون السوريون ظروفاً معيشية مروعة، و من المتوقع أن تتأثر معظم الأسر من تداعيات الأزمة المالية التي تعيشها المفوضية هذا الشتاء. ويقول الخبير الاجتماعي بلال الضراغمة: "أصبح التمويل المتعلق بوضع اللاجئين السوريين مشكلة ملحة، فقد طالبت المفوضية وشركاؤها بتوفير مبلغ 4.5 مليارات دولار أميركي لعام 2015 للمساعدات الإنسانية والتنموية الدولية، وعلى الرغم من ذلك، لم يتم الحصول سوى على أقل من ربع هذا المبلغ، أي بما يوازي 24% فقط منه. ما يعني أن اللاجئين واجهوا أو سوف يواجهون انقطاعاً حاداً وإضافياً في المساعدات الغذائية، ما سوف يجعلهم يصارعون من أجل تحمّل نفقات الطعام الذي يحتاجونه، والنفقات المترتبة على الخدمات الصحية و إرسال أطفالهم إلى المدارس.

ويضيف الضراغمة لـ "العربي الجديد" أنه "علاوة على ذلك، تسبب عجز التمويل في عدم تمكنهم أيضاً من الوصول المجاني إلى الرعاية الصحية، حيث يعيش 58.3 % من البالغين الذين يعانون من أمراض مزمنة دون أدوية أو خدمات صحية، وقد كانت هذه النسبة تقدر بـ 23 % خلال عام 2014، ما يعني أنها ارتفعت بشكل واضح وملحوظ".

وتقدر الفجوة التي تعاني المفوضية منها بـ 3.47 مليارات دولار تقريباً، إذ لم تتلق سوى 1.06 مليار دولار من أصل 4.53 مليارات دولار، وهو المبلغ المخطط للبرامج المعدة من قبل وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية.

متروكون بلا عمل
ويقول اللاجئ السوري أحمد الحريري الذي يقطن مع أسرته في العاصمة عمان: "إن أربعة أعوام من اللجوء كافية لنصرف كل ما وفرناه من بيع ممتلكاتنا قبل مغادرتنا البلاد، فضلاً عن أننا لا نستطيع العمل هنا من أجل تأمين مدخول مالي يساعدنا على تسديد آجار المنزل ونفقات الكهرباء والماء والتدفئة في فصل الشتاء". يضيف في حديث مع "العربي الجديد": "أغلب السوريين الذين دخلوا سوق العمل، يعملون بشكل غير قانوني، ولذلك هم عرضة للاستغلال في أماكن عملهم وسط ظروف غير آمنة. ومعظم الأسر اليوم تجتهد من أجل استمرار حياتها ولو بالحدود الدنيا عن طريق إخراج أطفالها من المدارس ودفعهم للتسول في بعض الأحيان أو زجهم في سوق العمل. والمفارقة، أن عدداً من الأسر يرى حالياً أطفاله خارج المدرسة، بينما كان تعتبر التعليم فيما مضى هدفاً لا يمكن التغاضي عنه مهما اشتدت الظروف".

ويأتي ذلك، في وقت تشكو المفوضية من شح التمويل، الذي بات يهدد حياة أناس يعيشون ظروفاً معيشية مروعة، وقيوداً تفرضها القوانين المتعلقة باللاجئين، داخل البلدان التي يعيشون فيها.

المساهمون