100 مليار دولار مختفية من بيانات موازنة العراق

100 مليار دولار مختفية من بيانات موازنة العراق

04 ابريل 2016
في إحدى التظاهرات ضد الفساد (علي السعدي/ فرانس برس)
+ الخط -
توفر الدولة العراقية للمنظمات الاقتصادية والمالية والجمهور، نسبة 3% من المعلومات عن الموازنات المالية فقط، إذ ترفض بشكل علني تطبيق إجراءات الموازنة المفتوحة خشية من كشف ملف تقاسم الموازنات بين الأحزاب الحاكمة. وأكد عدد من المختصين أن مليارات الدولارات، نهبت من العراق لعدم شفافية الموازنة عبر مشاريع وهمية ذهبت لجهات سياسية بارزة.
وفقا لمنظمة الشراكة الدولية للموازنات التي أطلقت مبادرة الموازنة المفتوحة، احتل العراق المرتبة 97 من أصل 102 دولة في تقرير دولي عن تطبيق الموازنة المفتوحة (قياس الشفافية) في عام 2015، حيث يستخدم مسح الموازنة المفتوحة 109 مؤشرات لقياس شفافية الموازنة وتقييم أداء الحكومة.

وقال الاقتصادي سلام عادل لـ"العربي الجديد"، إن "العراق يحتل المراكز الأخيرة في التقارير التي تتعلق بشفافية الموازنة نتيجة الفساد الذي تقوم به الطبقة السياسية وأدت إلى ضياع أكثر من 200 مليار دولار خلال السنوات الأخيرة"، مشيراً إلى أن "العراق يرفض تطبيق الموازنة المفتوحة لأنها تبين حجم الفساد في الدولة ومن هي الجهات التي تقوم به، وذلك عبر إخفاء مصير الأموال العامة وآليات صرفها".
وأكد أن "الحكومة العراقية تخالف قانون الإدارة المالية وذلك لعدم شفافية الموازنة وحجب المعلومات عن الجمهور، مما أدى إلى فوضى في اقتصاد البلد ومنع دخول شركات رصينة إلى الاستثمار في العراق"، مبيناً أن "تقارير المدقق الدولي كشفت عن مشاريع صرفت أموالها البالغة مليارات الدنانير، ولم ينفذ منها شيء وذهبت أموالها إلى جيوب السياسيين لتغطية النفقات المالية الحزبية".
ولفت إلى أن "الحكومات السابقة كانت ترفض إرسال البيانات الختامية إلى البرلمان لإقرارها في موعدها، بينما أرسلت الحكومة الحالية البيانات الختامية منذ عام 2007 وحتى عام 2011 أظهرت فقدان 100 مليار دولار لم يعرف مصيرها حتى الآن"، منوهاً بأنه "من المفترض أن تقوم الحكومة بإظهار تقارير عن استراتيجية الموازنة وخلال مناقشتها في مجلس الوزراء وبعد مناقشتها وبعد إقرارها من البرلمان، وتقرير شهري يظهر مدى تطبيق الموازنة وتقرير نصف سنوي، ومن ثم تقرير الحسابات الختامية، لكن لا تطبق هذه الإجراءات نهائياً، باستثناء تقرير البرلمان".

صعب التحقيق

من جانبه، ذكر أستاذ الاقتصاد في الجامعة المستنصرية، فلاح الربيعي لـ"العربي الجديد"، إن "موضوع الشفافية في الموازنة المالية بالدول النفطية بشكل عام وفي العراق بشكل خاص أمر صعب التحقيق".
وعزا أسباب ذلك إلى "ضعف استقلالية أجهزة الرقابة، وعدم امتلاكها الحصانة والحماية البرلمانية التي تسمح لها بالكشف عن حالات التلاعب والفساد الكبير في الإنفاق العام، فضلاً عن ضعف الاستثمار والتنمية".
وأكمل "سمحت هذه الأمور للحكومات بتدوير تلك الأموال لتعزيز مواقع النفوذ الحزبي والسياسي من خلال تأسيس القنوات الفضائية وشراء الذمم والولاءات وشراء الأصوات الانتخابية"، مضيفاً أن "كل تلك الفاعليات تمول من الأموال التي تم الحصول عليها من المال العام من خلال استغلال الثغرات العديدة التي تسمح لهم بذلك".
بينما، قال أستاذ الاقتصاد في جامعة بغداد، أحسان جبر لـ"العربي الجديد"، إن "هناك عدة أسباب وراء عدم تطبيق الموازنة المفتوحة منها عدم عقلانية النفقات وخصوصاً النفقات السيادية ومخصصات الرئاسات الثلاثة وتخصيصاتها الكمالية، وكذلك المشاريع الاستثمارية وتخصيصاتها ومستويات إنجازها والمبالغ التي تنفق لكل مرحلة من مراحل الإنجاز. إذ قد تخصص أموال لمشاريع على أساس أنها اجتازت مراحل متقدمة من الإنجاز في حين أنها ما زالت تراوح عند نقطة البداية".

وأضاف جبر إن "تطبيق الموازنة المفتوحة يحتاج إلى أجهزة وإدارات مختصة ووسائل الإعلام نشيطة. إذ يجب اعتماد ما يسمى بالموازنة الإلكترونية التي يستطيع من خلالها المواطن الدخول إلى موقع أي وزارة واستخراج حساباتها الختامية. ويجب أن تورد البيانات الخاصة بالنفقات والإيرادات لكل وزارة وبشكل يومي ولكل عملية مالية". وأكد أن "موازنات العراق تخطط وتقر على أسس بعيدة عن معايير الإدارة المالية السليمة وتتضمن في طياتها وثناياها المحسوبية الحزبية، فضلاً عن مراعاة أسس المحاصصة. أي أنها تخطط وتنفذ بعيداً عن الإطار الذي يخدم المصلحة الوطنية باتجاه تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وباختصار إن موازنة مليئة بالعورات والعيوب يستحال أن يتجرأ معدوها على كشفها أمام العلن".
وترفض اللجنة المالية في البرلمان تقرير الموازنة المفتوحة الذي صنف العراق على أنه دولة غير شفافية في عرض موازنته، وتؤكد أن جميع البيانات متاحة أمام الشعب العراقي. وقال مقرر اللجنة احمد حمه لـ"العربي الجديد"، إن "المعلومات عن الموازنة المالية متاحة لجميع العراقيين وتبدأ من إنتاج وتصدير النفط الذي تعتمد الموازنة عليه بشكل شبه كلي وتنتهي عند مصادقة رئاسة الجمهورية عليها".
وبيّن أن "البيانات الختامية لأعوام 2005 و2006 و2007 قدمت للبرلمان وأنجزنا تقارير كاملة عنها"، مضيفاً أن "هناك ضعفا في الموازنة المالية عند التطبيق بسبب ضعف الأجهزة التنفيذية أدى إلى وجود حالات فساد تناقض بنود الموازنة".




المساهمون