هشام مطر ضيفًا في أدنبره

هشام مطر ضيفًا في أدنبره

09 اغسطس 2016
الكاتب الليبي هشام مطر (ناديا مطر)
+ الخط -
تبدو تجربة الروائي باللغة الإنكليزية، هشام مطر، ذي الأصل الليبي، مثيرة للاهتمام، من حيث امتزاج السيرة الشخصية فيها بالمتخيل الروائي، ولعل هذا ما يميز روايتيه "بلد الرجال" و"اختفاء". يقول عن رواية "اختفاء" في حديث له مع "ملحق الثقافة": "من الصعب الفصل بين الأحداث، لأنّها لم تحدث له، لكنّه عاش تجربة الاختفاء. يظل الأمر معقدًا لدى الروائي، فإن قلت إنّها ليست قصتي في الرواية، يكون ذلك صحيحًا وغير صحيح في الوقت ذاته. وإن قلت إنها حياتي فهذا أيضاً غير صحيح".
وتروي "اختفاء" قصّة طفل في نهاية السبعينات في ليبيا، حيث حدثت في تلك الفترة تغيّرات سياسية كبيرة في البلاد، لكنّها لا تهتم بتسجيل الأحداث السياسية بقدر اهتمامها بتأثير ذلك الجو على الحياة العائلية.

ومع ذلك، فإن نقاط الالتقاء بين واقع اختفاء والد الكاتب ووجود ذلك في الرواية، دفع مطر إلى توضيح أوفى: "رواية "اختفاء" لا تسرد قصّة حياتي بالمعنى التجريدي. ثمة الفروقات الكبيرة في الظروف والأوضاع بيني وبين ردّة فعل نوري بطل الرواية، التي اختلفت عن ردة فعله حين اختفى والده. فنوري لم يهتم بالبحث عن والده بشكل كبير، بينما قمت بحملات ومحاولات جاهدة للعثور على والدي".
ولا تشذ روايته الأخيرة "العودة" الصادرة هذا العام، عن المزج بين المتخيل والسيرة الذاتية، بل على العكس، إذ فيها يسرد بوضوح سيرته الشخصية، وذلك بعد عودته إلى وطنه ليبيا عقب غياب دام 33 عاماً. غياب يصفه مطر بـ "مثابة لقاء الماضي مع الحاضر". ويسرد الكتاب أحداث العودة وبحثه عن والده وعن الوطن. في وقت يؤكّد فيه، مطر، أنّ لا أمل لديه في العثور على والده الذي يبدو واضحاً أنّه توفى.

وقد سأل "ملحق الثقافة" الروائي الليبي، عن رأيه في ما يخص طرق معالجة الرواية من ناحية بنيتها، فقال: "بنية الرواية معقّدة جداً، وتحتاج إلى تجارب ومعلومات كثيرة"، وشبّه الأمر بالعمارة، وذكر كيف عثر على مفاتيح روايته الأولى: "ذات يوم استيقظت في الصباح الباكر، وفي بالي قصيدة تحكي عن طفل في الحديقة يتذوّق التوت للمرّة الأولى.

قد يعد الموضوع كلاسيكيًا عن طفل يكتشف الطبيعة وعبرها يكتشف ذاته، لكنّي سرعان ما اكتشفت وبسرعة أنّها ليست قصيدة بل نثر، ورحت أكتب وأكتب إلى أن أنتجت ما سميته قصّة قصيرة لأوّل ثلاثين ألف كلمة، وذلك عقب أشهر من العمل. بعد ذلك أدركت أنّ هذا الأسلوب من الكتابة يحتاج إلى نمط مختلف أو جدول عمل مختلف، ولا ينفع أن أكتب فقط في الإجازة الأسبوعية بل ينبغي أن أكتب كلّ يوم. ومنذ ذلك الوقت، بدأت أستيقظ في الصباح الباكر عند الساعة الخامسة، وأخصّص ساعتين للكتابة لأتوجّه بعدها إلى مكتبي. عملت على هذا المنوال لمدّة ستّة أشهر. حتى أنهيت المسودة لروايتي الأولى "في بلد الرّجال" ونشرتها "دار الشروق" في مصر، وحازت على مجموعة من الجوائز كما ترجمت إلى 28 لغة".

يشرح مطر أنّ قصة الطفل كانت مفتاح دخوله إلى عالم الرواية الواسع، وأنّه يكتب بطريقة التحقيق أو الاكتشاف، وأنّ مشهداً واحداً كفيل أن يتضمّن مفاتيح عديدة لمشاهد أخرى، كنبرة الحزن لدى الطفل، وغيرها من الأمور التي شكّلت مفاتيح الرواية ودافعاً لاكتشاف ذلك الطفل بشكل أكبر.
وكان لا بد بالطبع من سؤال الروائي عن اختياره لغة شكسبير لا الضاد سبيلًا للتعبير، فقال: "إن ظروفًا معينة أدت إلى ذلك، ومنها دراسته"، ويستطرد "أنّ لغته العربية في صغره كانت قويّة جداً". إلا أن الظروف دفعته إلى مغادرة ليبيا مع عائلته، فأقاموا في مصر. وتابع: "مثل كثيرين من الطلّاب العرب هناك، لجأت إلى الدروس الخاصة".

وفي ما يخص روايته الجديدة، أفصح مطر أن موضوعها يتعلق بالإنسان وكيفية تعايشه مع الظروف التي يتواجد فيها إن كانت هجرة أو اختفاء أو غيرها. وهو ينشغل حالياً في قراءة سيرة القديس أغوسطينوس من شمال أفريقيا، الذي يعتبره نموذجاً للتعصّب. ويتابع: "لست مهتماً بآراء الكاتب كقارئ، بل مهتم بقلب الكاتب وروحه وفكره، فالكتابة تتميّز بعزيمة مستقلّة وحرّة حين نستشعر روح الكاتب فيها".

إلا أنه يضيف شيئًا عن علاقته الغريبة بالفن، إذ هو يزور منذ يفاعته المتاحف الكثيرة في مدينة الضباب وبشكل منتظم، وكشف أنه يقف متأملًا إحدى الأعمال الفنية لفترة زمنية ليست بالقصيرة، وإن تلك "التقنية" إن جاز التعبير، وعلاقته بالفن واللوحات، كانت موضوعًا أساسًا في كتابه "العودة" الذي سيقدمه للجمهور في مهرجان أدنبره العالمي للكتاب في 13 أغسطس/ آب.

لا يخفي هشام مطر تأثره بكبار الروائيين العالمين، وقد ذكر منهم الفرنسي مارسيل بروست، والمصري الحائز على جائزة نوبل للآداب نجيب محفوظ، وكذلك الشاعر المصري أمل دنقل، والعراقي بدر شاكر السياب.

المساهمون