مسجد خالد بن الوليد

مسجد خالد بن الوليد

25 يناير 2016
مسجد خالد بن الوليد (Getty)
+ الخط -
في حمص، مدينة الأحجار السود، حيٌ استمدّ اسمه من اسم ضريح شهير فيه: حي الخالدية، والنسبة كما هو ظاهر إلى الصحابي خالد بن الوليد. 
قد لا يحتاج المرء فعلًا إلى التعريف بخالد بن الوليد، فالبطل الإسلامي صديق طلاب المدارس في الديار الشامية. وربّما لا يمكن لدرس التاريخ الخاص بالفتوحات الإسلامية وأصحاب الرسول، إلا التوقف عند ابن الوليد، وقوله الشهير عن آثار المعارك في جسده.
في حمص "العدية"، - ولقبها هذا بسبب هوائها العليل - ضريح ابن الوليد المتوفى في القرن السابع للميلاد. ولعل الرقم السحري: سبعة، آن تضاعف وغدا القرن الرابع عشر للميلاد، ميّز الصحابي، ببناء جامع على اسمه في حمص.

اقرأ أيضًا: كنيسة أم الزنار في حمص

كانت تلك أيام المماليك في الديّار الشامية، وكان الظاهر بيبرس، سلطان مصر والشام، شغوفًا بالعمارة والعمران. فكما نعلم، لا حدّ لفتنة الصروح والمباني الضخمة في عيون السلاطين والحكّام. للظاهر بيبرس في الشام مكتبة باسمه: المكتبة الظاهرية التابعة للمدرسة الظاهرية. وله في مصر جامع باسمه. وله أكثر فأكثر، لا لأنه سلطان هاوٍ للعمارة، بل لأن مصر والشام أجلّ من أن تُحدا ببصمة حاكم أو سلطان، وأوسع وأعرق من أن تضما أبنية وصروحًا قليلة.
أُنشئ المسجد أولًا أيام بيبرس، ثم في القرن التاسع عشر، قام السلطان العثماني عبد الحميد الثاني بتوسيعه ليصير لائقًا بذكرى الصحابي الجليل.

المسجد من حجر أسود، مكتحل بآخر أبيض، يؤطّر ويزنّر زواياه الخارجية. التناقض بين اللونين يكون عادةً صارخًا، إلا أن الحجر البركاني الأسود المستعمل، وأخيه الأبيض، يؤلفان معًا تناغمًا شبه طبيعي. تناغم سنراه واضحًا جدًا آن ندخل المسجد: باسم الله.
مدماك أسود، يليه مدماك أبيض، فأسود آخر، فأبيض آخر، هكذا هي العمارة المملوكية، التي نجد آثارها وصروحها في مصر والشام.

اقرأ أيضًا: كسوة الكعبة

يتناوب اللونان الملتبسان، إذ لا الأسود أسود حقًا، ولا الأبيض أبيض حقًا. يسمى هذا التناوب الأبلق. ولو عاد المرء إلى قاموس عربي، لقيل إن الأبلق هو ما "في لونه سواد وبياض"، ولعادت الصفة إلى الشعر، مرتبطةً بالسموأل الجاهلي، وحصنه الشهير: حصن الأبلق. الشعر الجاهلي جميل، لذا لا بدّ من قطف بيت: "بالأبْلَقِ الفردِ بيتي بهِ/ وبيتُ المصيرِ سوى الأبلقِ". لكن وبقطع النظر عمّا يرد في القاموس، يقول أهل الشام الأبلق نسبةً إلى الحمام ولون ريشه الأسود الملتبس، والأبيض الخجول. دقّة وصف اللونين وتخيّل الجناحين، يحتمان: ما شاء الله. أمّا منظر المسجد اليوم، فيحتم: لا حول ولا قوة إلا بالله.



المساهمون