مقال من دون عنوان يُشبه "ميلان"

مقال من دون عنوان يُشبه "ميلان"

22 ديسمبر 2019
مالديني عام 2005 في مؤتمر صحافي (Getty)
+ الخط -
لا أعرف إن كان الرثاء أم الانتقاد هو الأنسب في الوضع الحالي لنادي ميلان الإيطالي. لم أعد حتى أريد القول إنه فريقٌ عظيم وأسطوري، فمن كان في القمة يوماً لا يقبل التراجع إلى هذا الحدّ، ولا يرضى بالانحدار عاماً بعد آخر.

هل يكون ميلان بروفيرتشيلي الجديد؟ ذلك الفريق الإيطالي الذي حقق لقب الدوري أكثر من مرة قبل أن يسقط إلى الدرجات الدنيا لاحقاً...

قد لا يحصل هذا الأمر، لكنني بتُ أشعر أنّ ميلان سيصبح من فرق إيطاليا المتوسطة المتواضعة، التي تصارع للعب في الدوري الأوروبي أو حتى البقاء في الدرجة الأولى.

البعض سيرى أنّ ما أقوله مبالغة ليس لها داعٍ، وأن لكلّ حصانٍ كبوة ولكلّ فارس غفوة، لكن الكبوات باتت بالعشرات بل بالمئات، ودخلنا مرحلة ما قبل الموت السريري. إكلينيكياً، من وجهة نظري، ميلان انتهى إلا إذا حصلت معجزة بمقدورها إطاحة "الطربوش" المتمثّل بالعديد من اللاعبين وحتى الإدارة.

للمرة الأولى سأكون قاسياً بحق باولو مالديني، هو يتحمّل مسؤولية العديد من الخيارات إلى جانب الكرواتي زفونيمير بوبان، فهما من قبِلا بهذه الأسماء في ميلان. ميلان الذي من المفترض أن يكون في قلب مالديني أكثر من أي مشجع آخر في هذا العالم، هو الذي خرج من عباءته لاعباً بعدما تسلّم المشعل من والده تشيزاري، ثم سلّمه لدانييل نجله.

السقوط في المباراة الأخيرة أمام أتلانتا بخماسية هو استكمالٌ لسلسلة من القرارات الخاطئة في السنوات الأخيرة، هو نتيجة تخلّي سيلفيو برلسكوني وأدريانو غالياني عن النادي، وحتى اللحظة يخرجان في كلّ مرة لإتحافنا بشعر الحب والهوى والعشق عن تاريخٍ رحل، وكأنهما "مجنون ليلى" يبكي على الأطلال.

يحدثنا سيلفيو دائماً بثقة، وهو الذي صنع لنا مستقبلاً قاتماً ووضعنا في نفق مظلم صنعه بيده، بفضل تعنّته وسياسته في ترحيل النجوم واستقدام أشباه لاعبين.

من في ميلان الآن يستحق ارتداء القميص، لن أدخل في جدالٍ مع أحد عن هوية أي اسم، لكنني سأقارن من كان في السابق على الدكة مع اللاعبين الحاليين، كاخا كالادزه أفضل من جميع مدافعي ميلان الآن، كريستيان بروكي يتقدم لاعبي الارتكاز الحاليين بمراحل، أشعر بالخجل إذا قلت أنّ فيليبو إنزاغي كان احتياطياً لأندريه شيفشينكو أو أنّ ألبيرتو جيلاردينيو جلس على الدكة بعد وصوله عام 2005.

في نهائي دوري أبطال أوروبا بإسطنبول الشهير، كانت دكّة بدلاء نادي ميلان تضمُّ كريستيان أبياتي وكالادزه والعملاق أليساندرو كوستاكورتا والبرتغالي روي كوستا والسهم سيرجينيو والدنماركي جون دال توماسون والفرنسي فيكاش دوراسو، فكيف الحال مع اللاعبين الأساسيين؟

لا أريد بكاءً على ما رحل، أريد الحديث عن "سيدي البرزيدنتي"، أتساءل لماذا اتبّعت سياسة التجويع فينا؟ لماذا اتبعت سياسة إفقارنا؟ أتحفتنا بحبك لميلان وعملك من أجله وفي النهاية رميته لمجموعة صينية "مش معروف أصلها من فصلها"، أم ربما كانت واحدة من عملياتك السرية لنقل أموالك من القارة الآسيوية إلى أوروبا بطريقة ذكية على طريقة "المافيا"؟

أرجوك لا تتحدث ثانية عن ميلان... عزيزي برلسكوني، سأشعر بالقرف حين تتفوه بتلك الكلمات "يعتصرني الألم وقلبي يتمزق حين أرى وكذا وكيت وكيت"، يكفي يكفي اهتمّ بمونزا أفضل الآن.

لننقل حديثنا إلى الإدارة الحالية، مشكورة تحاول إخراجنا من الأزمة المالية التي وقعنا فيها، لكن هل يريد بنك إيليوت أن يفهم أننا لسنا عقاراً أو شركة تجارية تتوخى الربح؟ هل يريد المصرف الأميركي أن يحولنا إلى مشروع ليكسب منا ملايين الدولارات لاحقاً؟

على الهامش، ما يزعجني هو الطريقة التي يدير فيها إيفان غازيديس المشروع إلى جانب مالديني وبوبان، ندفع من أجل مدافع مثل البرازيلي ليو دوراتي مبلغاً مالياً يفوق العشرة ملايين يورو، ثم نجلسه على مقاعد البدلاء، لا أعلم أصلاً إذا ما كان يستحق فرصة الوجود حتى على الدكة ومثله كثر، فكيف الحال باللاعبين الأساسيين؟

لا حلّ للخروج من الورطة الحالية سوى باستقدام أسماء كبيرة، تمتلك خبرة وشخصية، لا أرى في ميلان لاعباً صاحب شخصية قيادية، اسماً قادراً على شدّ أزر البقية في أوقات الظلمة أو داخل غرف الملابس، حتى المدرب كالـ"فزاعة" التي توضع في الحقل لإخافة الطيور، اعتادتها الأخيرة وباتت كما يقول المثل "لا بتكش ولا بتنش" أي وجودها من عدمه لا يُقدّم ولا يُؤخر.

هاتوا السويدي زلاتان إبراهيموفيتش والصربي نيمانيا ماتيتش في "الميركاتو" الشتوي، واستقدموا جناحاً مميزاً، ليكن المغربي حكيم زياش أو الفرنسي أنتوني مارسيال أو الهولندي ممفيس ديباي، إلى جانب مدافعٍ عليه القيمة للعب إلى جانب الإيطالي أليسيو رومانيولي، لن أقول لنتخلّص من البعض لأن قائمتهم ستطول.

على كلٍ سنرى ما سيحصل قريباً، وحتى ذلك الوقت ابحثوا عن ميلان في صفحات الإنترنت، عن صورٍ وألقاب ولّت، وربما لن تعود يوماً، لن أكون "كثير" OVER، لكن برأيي GAME OVER"...

دلالات

المساهمون