هزيمة بنين... ذكرى "ثورة" بلماضي مع منتخب الجزائر

هزيمة بنين... ذكرى "ثورة" بلماضي مع منتخب الجزائر

17 أكتوبر 2019
بلماضي مدرب منتخب الجزائر (Getty)
+ الخط -
"أنا لا ألعب ضد الخصوم، بل ألعب ضد الهزيمة"، هي القاعدة الذهبية التي عاش مدرب المنتخب الجزائري جمال بلماضي من أجلها، وجاء من أجل أن يغرسها في لاعبيه، فإنّ من يعرفون الرجل يدركون حقاً أنّه يكره الهزائم، حتى ولو تعلّق الأمر بمباراة مع الأصدقاء، بل يتعدى الأمر كلّ الأوصاف، فإن أنهى الشوطين بهزيمة يخلق قانون جديداً، ويضيف شوطاً ثالثاً حتى يفوز أو يتعادل على الأقل.


هذه الفكرة ليست مجرد مقولة يتغنى بها المدرب أمام الإعلام، بل هي قاعدة لا بد لأي لاعب أن يضعها نصب عينيه، وحلقة في أذنه لشدة ما يسمعها في التدريبات، وأن يفكر في ردّة فعل مدربه في حالة حدوثها، لأنه حتماً سيعيش الجحيم، وسيتمنى أن تبتلعه الأرض قبل أن يقابل بلماضي، ولو صدفة.

وشهد هذا الأسبوع ذكرى آخر هزيمة مني بها المنتخب الجزائري أمام المنتخب البنيني بكوتونو، ضمن مرحلة المجموعات من تصفيات أمم أفريقيا، العام الماضي، ليبدأ بعدها بلماضي في محو آثارها منهياً السنة بـ16 لقاء دون أي هزيمة، كأحسن رقم في تاريخ كرة القدم الجزائرية، وبتتويج قاري في كأس أمم أفريقيا الأخيرة غاب عن الخزائن لـ29 عاماً كاملة، وفوز ودي أمام المنتخب الكولومبي صاحب المركز التاسع عالمياً.

ورغم كره بلماضي للهزائم، إلا أنه يقرُّ لمقرّبيه بأنّ هزيمة كوتونو هي بمثابة الفوز الكبير الذي فتح له أبواب التغيير، وجعله يعرف جيداً لاعبيه فيعيد توزيع الأوراق كما صرّح به في أول مؤتمر صحافي.

بعد تلك المباراة لم يعد رامي بن سبعيني لاعباً في المحور، واقتنع بأنّه عنيف في ذلك المنصب، وفتح باب المنتخب للمدافع الشرس جمال بلعمري الذي منح الخط الخلفي الكثير من الصلابة والثقة، وأبعد ثنائي الوسط سفير تايدر ونبيل بن طالب وكتب نهاية مشوارهما مع المنتخب الوطني، وتمكّن من إيجاد حلّ الضعف الدفاعي بتقوية الجانب الدفاعي للمهاجمين، فـرياض محرز النجم أصبح يعود حتى منطقة جزاء الحارس رايس مبولحي، وياسين ابراهيمي بات حبيس دكة البدلاء، فاسحاً المجال ليوسف بلايلي، ليُولد من جديد بعد أن كتب الجميع نهايته.

ثورة بلماضي بعد الهزيمة أمام بنين، لم تقتصر فقط على جانب اختيار اللاعبين، فالمدرب المتشبع بفكر الإيطالي أريغو ساكي، والإسباني بيب غوارديولا، كما يصرّح عشاق اللعب الجميل، اقتنع بعد أول هزيمة، بأنّ اللعب الجميل لم يكن يوماً من أسباب التفوق في أفريقيا، وأنّ هذه الأخيرة لا تخضع إلا للواقعية واللعب الجميل، فغيّر المنظومة من البناء من الخلف إلى الهجمات السريعة والمرتدة، ليعطي درساً بأنّ العقول تتفاوت، فما فهمه جمال من أول هزيمة وثالث لقاء، هو ما لم يفهمه المدرب السابق وحيد حليلوزيتش إلا بعد مهزلة كأس أفريقيا 2013 بالخروج من الدور الأول، كما رحل المدرب كريستيان غوركوف من المنتخب الوطني، ولم يفهم بعد هذه القاعدة.

اليوم يدخل المنتخب الجزائري مرحلة جديدة، بينما يراود الشك الكثيرين في أنّه سيصاب بالتراخي، ويدخل مرحلة التراجع كما حدث بعد مونديالي 2010 و2014، لكن قاعدة بلماضي الذهبية تنهي كلّ هذا الجدال، فمن يلعب ضد الخصوم، فلن يستهويه هزم الصغار ما دام قد فاز على الكبار، لكن من يلعب ضد الهزيمة، فستؤلمه الهزيمة أمام من هو أقل منه شأناً أكثر مما هو أعلى، ولا منتخب أعلى شأناً من منتخب بلماضي بطل أفريقيا الذي لم ينهزم لسنة كاملة.

المساهمون