ولد علي لـ"العربي الجديد":جئت لفلسطين من بلد التحديات الجزائر

ولد علي: جئت لفلسطين من بلد التحديات الجزائر..ونسعى للمفاجأة في بطولة آسيا

05 يناير 2019
مدرب فلسطين يتحدث إلى "العربي الجديد" (معتصم الناصر)
+ الخط -
أبدى الجزائري نور الدين ولد علي، المدير الفني للمنتخب الفلسطيني الأول لكرة القدم "الفدائي"، إيمانه المطلق بحظوظ "الفدائي" في الظهور بصورة مشرّفة بنهائيات كأس آسيا 2019 في الإمارات، لافتاً إلى أنه لا يوجد شيء صعب أو مستحيل بعالم كرة القدم، وكشف المدرب الجزائري الكثير من الأسرار في حواره مع "العربي الجديد".


س : كيف تقيّم المنتخب الفلسطيني قبل نهائيات أمم آسيا؟

يمكنك القول إنني أعرف الكرة الفلسطينية منذ عام 2010. لقد مررت بمراحل حتى أفهم وأتعايش مع ظروف البلد، إذ إن فلسطين بلد محتل وفيه خصوصية بكل مجالات الحياة، لكن ما يعنيني، وأتحدث هنا عن كرة القدم، أن هناك خصوصيات فلسطينية تنبع في أغلب الأحيان من الظروف التي يعيشونها.

الخبرة أصبحت متراكمة فيما يتعلق بالكرة والرياضة الفلسطينية، والشيء الذي شجّعني على القدوم إلى هنا هو الواجب الإنساني، لأن علينا أن نخدم الفلسطينيين، الذين يُعانون في كافة مجالات الحياة، أقل ما يمكنني فعله هو منحهم خبراتي بعالم كرة القدم.


س : هل لك أن تصف لنا معاناة الكرة الفلسطينية بسبب الاحتلال ؟

"احتلال"؛ يعني أن تكون مقيّداً بكل شيء، ونحن كمدربين نتغاضى عن هذه المشاكل في الملعب، خاصة أن اللاعب اعتاد على هذا الشيء في حياته اليوميّة، كمدربين علينا تخليصهم من هذا الروتين وتحويل تركيزهم إلى الكرة، لأننا نتحدث بجانب الكرة والرياضة، وأهم شيء هو منحهم الحوافز رغم التحديات الشخصية التي تخصّ فلسطين بالمجمل.

 


س : كيف ترى حظوظ "الفدائي" في أمم آسيا بمجموعة حديدية ؟

الناس تتحدث عن أنها مجموعة صعبة، لكن أنا أريد أشياء موثوقة وتدلّ على أنها صعبة، هناك من يريد تصعيب الأمور وبث الخوف في نفوسنا، لكن هناك يوغوسلافيا التي خاضت كأس أمم أوروبا عام 1992 ودون أي توقع حصلت على اللقب، وكذلك الدنمارك، لذلك أعتقد أن هناك أموراً تاريخية تؤكد أنه لا شيء مستحيل أو أمر صعب بكرة القدم.

أنا جئت إلى فلسطين من بلد التحديات الجزائر، حيث تعلّمنا أنه لا يوجد منافس، وعلينا القتال وخوض الحرب بكرة القدم، وهذا الشيء يجب أن يعرفه اللاعبون، سواء كان المنافس سورية أو أستراليا أو الأردن، فإن هناك جهداً وقتالاً ومنافسة، وإذا كانوا أفضل منّا ونحن بذلنا جهداً كبيراً ولم نوفق بالمباراة، علينا ألا نحزن.

الفروقات أصبحت قليلة بعالم كرة القدم، إذ إن الفروقات الكبيرة كانت في الثمانينيات والتسعينيات، باختصار فإن الإنسان الذي يُحب الكرة يفهمها، نحن اليوم في وقت السرعة، وإن شاء الله نكون مفاجأة هذه الدورة، لأن الجماهير تنتظرنا وتؤازرنا.

س : كيف ترى جاهزية لاعبي "الفدائي" للحدث ؟

هناك تسعة لاعبين شاركوا في نهائيات أمم آسيا بنسخة عام 2015 في أستراليا، يجب بناء تشكيلتنا الحالية بين الخبرة وتجريب اللاعبين في كأس آسيا، إذ إن هناك لاعبين يخوضون تجربة كأس آسيا لأول مرة وهناك لاعبين لديهم الخبرة الدولية.

كرة القدم تحتاج إلى لاعبين موهوبين يمتلكون النضج والخبرة، ونحن بنينا المنتخب وبدأنا منذ شهر إبريل/ نيسان من العام الماضي 2018 بخوض المباريات الودية، وحتى اليوم خضنا قرابة الخمس عشرة مباراة ومعظمها قوية وكانت جميعها في غضون 6 أشهر فقط وكأنك تلعب في دوري، فلو خسرنا نتعلم، لأن كل مباراة يجب أن نستفيد منها، وأخذنا على عاتقنا هذه المخاطرة لخوض هذا العدد من المباريات، وتعاون الاتحاد يُشجّعك كمدرب على بذل مجهود أكبر.




س : هل سيكون هناك فرق بأداء المنتخب الفلسطيني في عام 2015 عن 2019؟

استنتجنا أشياء كثيرة من المشاركة السابقة في نسخة عام 2015. أنا أعتبر نفسي ابن فلسطين وابن الرياضة الفلسطينية، واعتبر نفسي واحداً من أفراد الشعب هناك. ما أود الإشارة إليه هو أنه في عام 2015 كانت تجربة أولى، واكتسبنا الخبرة اللازمة خلالها. لقد كانت التجربة مفيدة بالنسبة للرياضة الفلسطينية، وفتحت آفاقاً جديدة للرياضة وكرة القدم الفلسطينية، وفي عام 2015 وضعنا الاستنتاجات وبدأ مشروعنا من نقطة الصفر، وبات مكتملاً اليوم.

 

س : كيف وجدتم "حفاوة" الاستقبال القطري للبعثة الفلسطينية ؟

عندما طلب اتحاد الكرة الفلسطيني مني إيجاد مكان مناسب لمعسكر "الفدائي"، طلبت منهم التواصل على الفور مع قطر، التي لا تبخل في استضافتنا، إذ إن هذه الأمور أصبحت معروفة عن قطر، لأن هُناك بلداناً عسكرية واقتصادية، لكن قطر بلد رياضي بحت، فعندما تدخل وتشاهد المنشآت، تُشاهد بلداً يتنفس الرياضة.

جميع الأشياء العالمية في الرياضة موجودة بقطر، كما أن الإشقاء القطريين في الاتحاد فتحوا لنا الأبواب، ومنحونا الملاعب ومكان الإقامة ووفروا لنا كل شيء من تحضير ومباريات لضمان نجاح المعسكر، وكما يعلم الجميع هُناك حوالي 10 منتخبات استقبلتها قطر خلال شهر واحد فقط، بما أنّ كل شيء متوفّر من ملاعب وحكام ومرافق وهناك كل مقومات النجاح لأي معسكر.


س : كيف ترى استعدادات قطر لاستضافة كأس العالم، وما هي أمنيتك ؟

في تاريخي الرياضي كانت هناك رؤية وأحلام جسدتها من خلال الفوز بالدوري واللعب أمام عدد كبير من الجماهير، وعلى المستوى الرياضي حققت العديد من الأحلام مع الأندية من خلال الفوز في الألقاب والكؤوس واللعب أمام 80 ألف متفرج. أعتقد أن قطر مستعدة لتنظيم بطولة كأس العالم، لأنها تمتلك الرغبة والرؤية والاستعداد، بالإضافة إلى عمل بروفة للمونديال للحصول على الخبرة، من حيث عدد خوض المباريات وتأمين المعسكرات للمنتخبات والأندية الأوروبية، كل شيء يتوفر في قطر، فقد كنّا نتدرب في استاد خليفة قبل المباراة وكانت درجة الحرارة 36، لكن خلال المباراة أصبحت 24 درجة وهذا شيء معتدل واستثنائي.

 

س : أنت من الجزائر التي يعشقها الفلسطينيون، ماذا يعني لك ذلك؟

أنا من مواليد جيل الثورة والاستقلال، عشنا حب الحرية والتحرر من الاستعمار، وعندما تشاهد بلداناً تحت الاستعمار، فأنت تلقائياً تكون مع الضعيف والمضطهد، وبالتالي هذه الأمور تتعلمها في صغرك، وأنا ذهبت إلى فلسطين وعشت فيها.

س : لنتحدث عن منتخب بلادك قليلاً.. ما هي رسالتك لجمال بالماضي وكيف ترى منتخب الجزائر ؟

لا يمكنني أن أقوم بتقديم النصيحة للمدرب، لكنني أود أن أخبره بأنه شجاع لموافقته على تدريب منتخب الجزائر، فليس من السهل التعامل مع الجمهور الجزائري ولا أقول هنا إنه صعب جداً كذلك، لأنه يعرف الكرة وكل صغيرة وكبيرة وله رؤية، ويحب الخير لبلاده ويحب كرة القدم.

كما تعلم فإن تاريخ كرة القدم الجزائرية بدأ مع مرحلة الاستعمار. هناك لاعبون تركوا الأندية وذهبوا إلى منظمة التحرير، كما أن هناك جيل التسعينيات الذي بكأس أفريقيا، وجيل 82 أفرحنا وجيل الستينيات جاء بعد الحرب، وبعدها أصبح لدينا جيل التسعينيات، حيث كان من الصعب ممارسة كرة القدم، ولم يكن عنده التكوين الكروي المناسب.

خلاصة القول، بعد رحيل رابح ماجر دخل الشك إلى المنتخب الجزائري بوجود جمال بلماضي، إذ كان في البداية يُراقب، لكنه سرعان ما بدأ يتخذ خطوات شجاعة لإعادة الكرة الجزائرية إلى الواجهة.


س : ما رأيك بقضية رابح سعدان والاتحاد الجزائري ؟

أنا أعتقد أن رابح سعدان يريد الخروج من الباب الواسع، لأنه قدّم الكثير للكرة الجزائرية، وعلى المسؤولين أن يُقدروا العمل الذي قام به في نهاية مشواره. رابح قدّم للجزائر وكان حاضراً في مشاركات الجزائر الثلاث بكأس العالم أعوام 1982 و1986 و2010.

على الاتحاد أن يحترمه ويعمل له "حجة الوداع" إذا لم يتفاهم معه، وأن يقوم كذلك بتقييمه والإبقاء عليه كمستشار، ويكون الحُكم بعدها للجماهير، إذ إن هناك تسارعاً في الأحداث، والجزائري بطبيعته مندفع، وهذه الأمور جدّية وفيها مستقبل كرة القدم، وبالتالي سوف تمّس شريحة كبيرة من الشباب الجزائري، ويجب أن يتحلى الجميع بروح المسؤولية.


س : رياض محرز لاعب ذو قيمة عالية، ما رأيك به، وهل هو الأفضل في تاريخ الجزائر؟

هو لاعب موهوب وتم اكتشافه عن طريق الصدفة، لقد خضع للعديد من الاختبارات بالجزائر في دوري الدرجة الأولى ولم يتم قبوله، ثم تولى أمره أحد الكشافين وطوّر مستواه لينضم إلى ليستر سيتي، واستطاع أن يُحقق الدوري مع ليستر الذي كان أشبه بـ "المعجزة"، ومؤشرات ليستر بذلك الوقت كانت على أنه فريق قوي، وعمل أشياء استثنائية في دوري استثنائي.

محرز يختلف عن المصري محمد صلاح، إذ يصنع محرز مشاكل في اللعب، وصلاح يعمل في آخر 25 متراً بالتهديف وهو مهاجم حر، كما أن محرز يميل للعب على الجهة اليمنى، وكل لاعب له أسلوبه الخاص، لكن الإحصاءات تميل نسبياً إلى صلاح على أنه أفضل من رياض محرز، لكن ذلك لا يمنع أن محرز عنده أسلوب وقاد فريقه لإنجاز تاريخي في البريميرليغ، وهو أمر سيُخلده التاريخ.

س : ما هو الفريق أو النادي أو المنتخب الذي تتمنى تدريبه في المستقبل ؟

أنا ابن العاصمة الجزائر، النادي الذي أحبه هو شبيبة القبائل، وأنا فخور بهذا الطبع. أمنيتي أن أدرب هذا الفريق وأن أخدم الكرة الجزائرية، وكل شخص يتمنى أن يُساعد فلسطين، وهذه إحدى أمنياتي التي تحققت. كل شخص يُحب أن يساعد الفلسطينيين، ورب العالمين أعطاني هذه الأمنية التي تضاهي الوصول إلى كأس العالم، وإن شاء الله نكون عند حسن الظن.   

المساهمون