من معاناة الإصابة والغياب إلى بطلٍ متجدد..فيدرير الأسطورة

من معاناة الإصابة والغياب إلى بطلٍ متجدد..فيدرير الأسطورة

25 مارس 2017
فيدرير فاز بلقب أستراليا المفتوحة وأنديان ويلز مؤخراً (Getty)
+ الخط -
"لا يأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس". تختصر هذه المقولة ربما ما مرّ به النجم السويسري روجيه فيدرير في الفترة الأخيرة، تختصر هذه الجملة الإرادة التي ولدت داخله وأعادت لاعباً مخضرماً يعيش آخر أيام مسيرته، إلى بطلٍ متجدد يحسب الجميع له ألف حساب.

سنبدأ القصة من عام 2016 والذي لم يكن طبعاً مثالياً للاعب السويسري، إذ عاش خلاله الكثير من اللحظات الصعبة، واضطر لاتخاذ قرارٍ مصيري ربما، قل أن يعود تدريجياً ويفاجئ الجميع في عام 2017.

بداية كارثية
افتتح النجم السويسري موسمه عام 2016 في بطولة برزبين للتنس في أستراليا، ونجح في الوصول إلى المباراة النهائية، في محاولةٍ للدفاع عن لقبه الذي ظفره به في عام 2015، لكنه واجه في النهائي اللاعب الكندي ميلوس راونيتش ليخسر أمامه 6-4 و6-4.

خاض فيدرير بعدها غمار بطولة أستراليا المفتوحة للتنس، وتقدم نحو نصف النهائي إلا أنه سقط أمام الصربي نوفاك ديوكوفيتش، ليودّع البطولة ويعلن في اليوم التالي عن تعرضه لإصابة في الركبة ليفاجئ الجميع بذلك ويُحزن الكثيرين.

خضع فيدرير في شهر فبراير بعدها لعملية جراحية في الركبة بسبب تمزق في الغضروف الهلالي، وبالتالي فوّت المشاركة في بطولة روتردام الهولندية ودبي، وبعدها بشهر فقط، أي في مثل هذ الأيام تقريباً (شهر إبريل)، أعلن أنه لن يشارك في بطولة أنديان ويلز، مؤكداً أنه سيتحضر لخوض دورة ميامي.

جاءت بطولة ميامي ولم ينجح فيدرير في المشاركة بسبب تعرضه لفيروس في المعدة، ليُسجل عودته في بطولة مونتي كارلو إلا أن الأمور لم تسر على ما يرام، إذ ودّع المنافسات أمام الفرنسي جو ويلفريد تسونغا في دور الربع نهائي، قبل أن يعتذر عن المشاركة في بطولة مدريد الإسبانية بسبب آلام في الظهر.

شارك فيدرير بعدها في بطولة إيطاليا وسقط أمام دومينيك ثيم بسبب تفاقم الإصابة في ظهره، ليُحرم من اللعب بعدها في بطولة "رولان غاروس" الفرنسية، ثاني بطولات الغراند سلام الأربع الكبرى.

رغم الراحة القصيرة والفترة التأهيلية البسيطة التي خضع لها اللاعب في تلك الفترة، تعرض فيدرير للخسارة أمام ثيم في نصف نهائي بطولة شتوتغارت الألمانية، ليشارك في بطولة هاله ويسقط أمام ألكسندر رفيريف، ليدخل بعدها منافسات بطولة ويمبلدون ثالث بطولات الغراند سلام ويخسر أيضاً فيها.

قرارٌ مصيريّ
يوم 26 يوليو/ تموز فاجأ فيدرير الجميع، وأكد أنه لن يخوض أي مباراة فيما تبقى من عام 2016، وأنه سيخضع لفترة من الراحة بسبب تفاقم مشكلة ركبته التي عانى منها في بداية العام، ليخسر بذلك شرف الدفاع عن لقبه في بطولة سينسيناتي وبازل.

خرج بذلك السويسري من المراكز الخمسة الأولى في تصنيف لاعبي التنس المحترفين للمرة الأولى منذ مارس 2014، وما يؤكد أن ذلك العالم كان كارثياً كان خروجه من قائمة العشرة الأوائل بعد ذلك لأول مرة منذ سنة 2002، إضافة إلى أنه لم يحقق أي لقب وهذا لم يحصل معه منذ سنة 2000.



فترة التحضير
بدأ فيدرير على إثر ذلك فترة الراحة التي كان يحتاجها، ابتعد كما عرف الجميع عن أجواء المنافسات والضغط، وحاول زيارة أماكن بعيدة عن عدسات الشهرة والأضواء، فقضى فترة في الجبال وكذلك على البحر، وهذا ما ظهر جلياً من خلال الصور التي نشرها على حساباته الرسمية في مواقع التواصل الاجتماعي، بينما كان الجميع يخوض البطولات والمنافسات وكذلك الألعاب الأولمبية في ريو دي جانيرو.

من دون شك لم تكن تلك الفترة سهلة على اللاعب السويسري، فبينما كان يحاول الخلود للراحة، كان يواظب في الوقت عينه على التمارين من أجل المحافظة على لياقته البدنية، وكذلك العمل على إعادة تأهيل ركبته التي عاندته قبل التوقف.

رفع فيدرير النسق تدريجياً، فتلقى مساعدة من الخبير توني روكي (71 عاماً) والذي كان قد أشرف على فيدرير بين عامي 2005 و2007، وقد ساهم اللاعب الأسترالي السابق بشكل كبير في تمارين التقوية، مثل تبادل الكرة من مسافة قريبة بدون مضرب وكذلك القفز على قدم واحدة وضرب كرة كبيرة بالأخرى من أجل إعطاء التوازن اللازم للركبة.

وقبل نهاية عام 2016 أي في شهر ديسمبر، اقترب فيدرير أكثر من الهدف المنشود، وخضع لتدريبات مكثّفة في دبي بالإمارات العربية المتحدة بتواجد روكي وكذلك مدربه الخاص إيفان ليوبيسيتش (38 عاماً) وهو لاعب تنس سابق تميّز بأسلوبه الهجومي، وهناك ارتفع مستوى التمارين وشاركه الشاب لوكاس بويل التدريب.

مفاجأة 2017
لم يكن أكثر المتفائلين بفيدرير يظن أنه قادرٌ على بداية العام الجديد بشكل مميز، خاصة أنه تقدم في السن (35 عاماً) أكثر من بقية اللاعبين، على غرار البريطاني آندي موراي وكذلك نوفاك ديوكوفيتش وتقدم مستوى الإسباني رافائيل نادال أكثر.

أتت اللمسة الأخيرة في كأس هوبمان الاستعراضي، حين فاز فيدرير في مباراتين قبل أن يخسر أمام زفيريف، لتنطلق الرحلة بعد ذلك في أستراليا المفتوحة، وهناك تحققت المفاجأة، حين تخطى فيدرير لاعبين مميزين على غرار توماس بيدريتش والياباني كي نيشيكوري ثم مواطنه ستان فافرينكا، قبل أن يعود في المباراة النهائية بشكل دراماتيكي أمام الإسباني رافائيل نادال ويهزمه بواقع مجموعتين لاثنتين.

لم يصدق كثيرون ما حصل لكن ذلك أعجب عشاق رياضة التنس فتلقى إشادة وتشجيعاً عالمياً، كيف لا وفيدرير يعتبر أسطورة في هذه اللعبة، إذ وصل للقب رقم 18 في البطولات الأربع الكبرى معززاً رقمه القياسي.

جاءت بعدها بطولة دبي للتنس ولم ينجح فيدرير في تحقيق المطلوب منه، فخرج أمام الروسي إيفغيني دونسكوي المصنف 116 عالمياً، فظن البعض أن ما تحقق في أستراليا المفتوحة كان مجرد صدفة، لكن بطولة أنديان ويلز الأميركية أكدت أن النجم "المتجدد" عاد بقوة واستعاد حياة وزخم الشباب حين وصل للنهائي وهزم فافرينكا.