مسار التصفيات.. الأرجنتين بدون فريق والبرازيل فقط المنتخب الأفضل

مسار التصفيات.. الأرجنتين بدون فريق والبرازيل فقط المنتخب الأفضل

25 مارس 2017
المنتخب البرازيلي يواصل تألقه (Getty)
+ الخط -

قلت الإثارة في معظم المباريات الدولية بسبب زيادة عدد الفرق والتغييرات الطارئة على نظام تصفيات أكثر من قارة، وحدها أميركا الجنوبية لا تزال محافظة على رونقها وقيمتها، بسبب النظام المعروف منذ سنوات طويلة، وإجبار كل المنتخبات هناك على مواجهة بعضها بعضاً في مباريات مثيرة من البداية إلى النهاية، خصوصاً في ظل وجود فرق بحجم الأرجنتين والبرازيل وتشيلي وكولومبيا والأوروغواي، وكلها منتخبات تصنع الكثير في بطولات العالم، ولها صولات وجولات في المعتركات الدولية.

النقاط الثلاث
يقول فيلسوف الكرة الأرجنتينية جورجي فالدانو، "كل الفرق بلا استثناء تريد الفوز، كل المدربين يفكرون في النقاط الكاملة، لكنّ قليلين منهم يهتمون بالأداء، وكثيرين في حالة خصام تام مع الجمال"، ويبدو أن المدرب الحالي للأرجنتين، إدواردو باوزا، من أصحاب الطريق الثاني المعاكس دائماً لفالدانو وبييلسا ومينوتي وكل عرابي الكرة الأنيقة في بلاد الفضة، فهو حتى هذه اللحظة يستعين فقط بقدرات لاعبه الفذ ميسي، ويحاول خطف أكبر قدر ممكن من النقاط، مع أداء في غاية السلبية والعشوائية أمام مختلف المنافسين، لا فرق بين كبير وصغير ضد الأرجنتين.

من الصعب لأي مواطن غير أرجنتيني إكمال الدقائق التسعين لمباريات المنتخب، هكذا يقول مينوتي بعد مواصلة رفاق ميسي أداءهم الباهت أمام تشيلي، ليكتفي الملك رقم 10 بهدف الفوز من ضربة جزاء، ويصعد الفريق إلى المركز الثالث في التصفيات، لكن مع حالة شك واضحة بين الجميع، بأن هذه المجموعة لن تفعل الكثير في روسيا 2018، بسبب التركيز فقط على الجانب الفردي، وابتعاد الأداء الجماعي عن الصورة، مع اعتماد شبه كلي على ميسي في كل مباراة. تقول الإحصاءات إن الأرجنتين من دون ميسي فريق صغير جداً، حصل فقط على 7 نقاط في 7 مباريات.

لعبت الأرجنتين ضد التشيلي بهيغواين وأغويرو وميسي ودي ماريا، خطة قريبة من 4-2-4، بوجود أربعة مهاجمين دفعة واحدة في الأمام، لكن من دون خطورة تذكر على مدار الشوطين، لأن باوزا لا يعترف بقيمة خط الوسط، ولا يضع من الأساس لاعب ارتكاز قادراً على البناء من الخلف في منطقة المحور، مما يجعل هجوم فريقه منفصل بشكل شبه كلي عن بقية الخطوط، ويتم إجبار ميسي على العودة إلى نصف ملعبه كثيراً، من أجل استلام الكرات وإرسالها إلى لاعبي الثلث الأخير في الملعب.

ينسف الجهاز الفني لراقصي التانغو قيمة لاعبي الارتكاز، وفي نفس الوقت يضع مزيدا من قلوب الدفاع على الطرفين، وبالتالي يفقد المنتخب أي قوة إضافية عن طريق الأظهرة، مما يجعل العبء مضاعفا على النجوم فقط بالقرب من مرمى المنافس. من الصعب جدا الحصول على بطولة بهذا النسق الفردي والعزف المنفرد، ستظل الأرجنتين بهذا الضعف مهما فعل ميسي في كل مباراة، لأن الفوز ببطولة كبيرة في حجم كأس العالم أمر يحتاج إلى فريق جماعي متكامل، وليس فقط لنجم تختبئ خلفه عشرة أسماء.

المنتخب الأفضل
يقدم المنتخب البرازيلي أفضل نسخة كروية ممكنة منذ سنوات طويلة، لقد استعاد السيلساو بريقه القديم، ونجح المدرب المخضرم تيتي في وضع بصمته الناجحة في أسرع وقت، ليحصل نيمار ورفاقه على الثقة المفقودة، ويفوز الفريق في أكثر من مباراة متتالية، مع صدارة التصفيات بفارق شاسع عن أقرب ملاحقيه. ويمكن القول حاليا إن الفريق البرازيلي هو أفضل منتخب في العالم خلال الفترة الحالية، بسبب النتائج المبهرة والأرقام المعبرة مع الحفاظ على شكل الأداء، وبزوغ نجم أكثر من لاعب كفيرمينو وكوتينهو وأوغستو، مع عودة الشغف لباولينيو ونجومية نيمار غير العادية.

إذا كانت الأرجنتين تعتمد فقط على خطة "مرر الكرة لميسي"، فإن البرازيل في المقابل تضع نيمار على رأس الهرم الجماعي للفريق، من خلال وحدة اللعب برسم 4-3-3، وتقليل الفراغات في وبين الخطوط من دون الكرة، مع التحول السريع من الدفاع إلى الهجوم أثناء الحيازة. ويُحسب للمدرب تيتي الجمع بين الطابع الجمالي للكرة البرازيلية والانضباط التكتيكي الذي يعرفه من خلال مشواره التدريبي. إننا أمام منتخب فاز بكل سهولة خارج أرضه على الأورغواي بالأربعة، في مباراة تفنن خلالها نجوم السامبا في استعراض قدراتهم الفردية داخل بوتقة الجماعية التي تميز مدربهم.

تلعب البرازيل بخطة 4-3-3 بوجود ثلاثي وسط قوي في النواحي البدنية، يقوم كاسيميرو بالتغطية أمام خط الدفاع، بينما يميل أوغستو إلى اليمين وباولينيو تجاه اليسار، من أجل القطع المفاجئ إلى الثلث الهجومي، بالإضافة إلى إتاحة الفرصة أمام كل من ألفيش ومارسيلو للزيادة العددية في الأمام، لذلك يمتاز المنتخب البرازيلي بوجود ظهيرين يقومان بدور الأجنحة على أكل وجه، بينما يحصل نيمار وكوتينهو على الحرية الكاملة في كل مكان بالقرب من مرمى الخصم.

تعرض راقصو السامبا لصدمة قوية بعد إصابة جيسوس نجم مانشستر سيتي، لكن مرونة تيتي وضعتهم بكل سهولة على الطريق الصحيح، من خلال الاستعانة بأفكار يورغن كلوب في ليفربول، ووضع فيرمينو كرأس حربة وهمي، يعود كثيرا إلى المنتصف أمام ثلاثي الوسط، لتكون الطريقة الخططية أقرب إلى 4-4-2 الجوهرة، بصعود ثنائي الأجنحة إلى منطقة الجزاء، والقطع الذكي من الطرف إلى عمق الهجوم، هكذا حصلت البرازيل على أفضل توليفة ممكنة في الطريق نحو روسيا.

صراع البطاقة الأخيرة
بعد فوز منتخب تشيلي بآخر نسختين من بطولة كوبا أميركا، توقع أغلب المتابعين صعوداً سهلاً لهذا الفريق إلى كأس العالم، لكن يبدو أن كتيبة المدرب الأرجنتيني بيتزي تعاني من ضعف واضح منذ فترة، انعكس هذا بوضوح على نتائج التصفيات، ليتراجع المنتخب إلى المركز السادس بالتساوي مع الإكوادور في نفس عدد النقاط. وينص نظام القارة اللاتينية على صعود أول أربعة منتخبات مباشرة، بينما يلتحق المنتخب الخامس بالملحق.

وتعاني تشيلي مؤخرا من انخفاض واضح في مستوى أهم أعمدة الفريق، فالحارس كلاوديو برافو يمر بأسوأ فتراته في مانشستر سيتي، ليتسبب في خسائر عديدة لفريقه ويفقد الخانة الأساسية منذ فترة، بينما لا يعيش سانشيز أفضل أيامه في آرسنال، بعد المشاكل المتواصلة مع المدرب أرسين فينغر، وإراحته في بعض المباريات الهامة، كذلك تراجع أداء كل من أرانغويز وفارغاس وبابلو هيرنانديز، لينعكس هذا الهبوط الحاد على مستوى الفريق ككل خلال الفترة الماضية رغم الفوز بلقب الكوبّا.

قدم بيتزي بطولة كبيرة في الولايات المتحدة، لكن الفرق شاسع بينه وبين سلفه سامباولي، فالمنتخب التشيلي حاليا بات أقل قوة على مستوى الضغط، بالإضافة إلى صعوبة البناء من الخلف، مما جعله فريق أضعف هجوميا، مع التأكيد على عدم قوته الدفاعية قياسا بمنافسين آخرين كالأوروغواي مثلا. والجدير بالذكر أيضا أن بيتزي كعادته يبدأ بشكل مميز مع كل الفرق التي دربها، ثم يبدأ المؤشر في الانحدار شيئا فشيئا، وهذا يحدث الآن رفقة تشيلي.

تبقى البطاقة الأخيرة بين منتخبي تشيلي وإكوادوار حتى الآن، ورغم هبوط أسهم سانشيز ورفاقه، إلا أنهم أقرب كثيراً، بسبب الجدول السهل الذي ينتظرهم، من خلال مباراتي فنزويلا وبارغواي على أرض تشيلي، وتحقيق النقاط الست يعني تحسن وضع الفريق في سلم الترتيب، بينما تنتظر الإكوادور مواجهات معقدة ضد كولومبيا والبرازيل، مما يعني وجود هامش أمل بالنسبة لبطل أميركا الجنوبية في آخر عامين.

المساهمون