مانشستر سيتي لا يرحم..."تيكي-تاكا" غوارديولا عادت بنسخة مُعدلة

مانشستر سيتي لا يرحم..."تيكي-تاكا" غوارديولا عادت بنسخة مُعدلة

15 أكتوبر 2017
غوارديولا يُقدم فريقاً هجومياً (Getty)
+ الخط -

"لن أغير تكتيكي على أرض الملعب، حتى لو كنت في "البريميرليغ"، هذه فلسفتي وسأطبقها مع اللاعبين وسأحقق النتائج"، هذه كانت كلمات المدرب الإسباني بيب غوارديولا بعد تعرضه لانتقادات واسعة في أول موسم له من قبل المحللين الكرويين بسبب أسلوب لعبه الذي لا يتناسب مع الكرة الإنكليزية.

اليوم مانشستر سيتي بقيادة غوارديولا أمسى أول فريق إنكليزي يُسجل 29 هدفاً في أول ثماني مباريات من الدوري منذ أن فعل فريق إيفرتون ذلك في موسم 1894-1895، أي منذ حوالي 123 سنة. هذه القوة الهجومية تؤكد للجميع أن فلسفة غوارديولا لم تمت بل عادت بنسخة مُعدلة قريبة إلى "تيكي تاكا" برشلونة لكن بأدوات مختلفة.

واجه غوارديولا في الموسم الأول له مع مانشستر سيتي بعض الصعوبات التكتيكية، أولها أنه حضر إلى دوري سريع وقوي، مختلف عن الدوري الألماني صاحب الإيقاع العادي والدوري الإسباني الذي كان يملك فيه تفوقا كبيرا أمام معظم الأندية بسبب فارق الإمكانات الشاسعة بين برشلونة وسائر أندية "الليغا".

لكن في الموسم الثاني ظهرت الفوارق التكتيكية بشكل واضح على أرض الملعب، وأصبح مانشستر سيتي غوارديولا الفريق الذي يضرب الخصم ولا يرحمه، حتى لو كان متقدماً بخمسة أهداف نظيفة. وربما هذه الميزة تؤكد أن غوارديولا لم يُغير فلسفته التكتيكية، ومن يذكر برشلونة في أيامه الذهبية يعرف جيداً ميزة ضرب الخصم حتى يسقط أرضاً من دون رحمة مهما كانت النتيجة.

"تيكي تاكا" في الأداء
مثلثات وثنائيات وتمريرات سريعة بين جميع الخطوط من الدفاع إلى الهجوم، هذا ما قدمه غوارديولا مع مانشستر سيتي في الموسم الحالي. صناعة الخطورة على مرمى الخصم تأتي من كل الجهات، فالأجنحة تصنع الفارق بوجود رحيم ستيرلينغ وليروي ساني والعمق الهجومي أصبح نارياً بوجود لاعب بحجم غابريال خيسوس الذي يعرف جيداً كيفية انهاء الفرص خصوصاً داخل منطقة الجزاء.

مرر الكرة إلى الخلف وإلى الأمام، الأهم أن تستمر عملية تدوير الكرة بين اللاعبين من دون خوف وذلك لمنع الخصم من الحصول عليه واستهلاك قوته ومن ثم ضربه في الخلف من دون رحمة. فلسفة غوارديولا أصبحت واضحة على أرض الملعب ولاعبو مانشستر سيتي يطبقون الخطة بحذافيرها من دون أخطاء تُذكر.

صنع مانشستر سيتي في مباراة ستوك 816 تمريرة، ونجاح التمريرات الصحيحة وصل إلى نسبة مرتفعة جداً وهي 91%، وهو الأمر الذي يؤكد أن اللاعبين على دراية كاملة بكيفية تطبيق الخطة وصناعة التمريرات السريعة والانتقال المُميز من الدفاع إلى الهجوم من دون صعوبات تُذكر.

وبالنسبة لمعدل ونوعية التمريرات في المباريات، فهي تصل إلى حوالي 653 تمريرة قصيرة و48 تمريرة طويلة مقابل 23 كرة عرضية. ويعتمد غوارديولا على خط الوسط كمنطقة عمليات لصناعة كل الخطورة على مرمى الخصم، إذ تصل النسبة إلى حوالي 45% مقابل 20% في المنطقة الخلفية و35% في منطقة الهجوم.

القوة الهجومية
عندما كان غوارديولا مع برشلونة، كان يعتمد بنسبة كبيرة على القوة الهجومية الضاربة التي تشلُ أي فريق وترهقه على أرض الملعب، ويبدو أن هذا الأسلوب لم يتغير مع مانشستر سيتي رغم كل الانتقادات، وها هو يُثمر في الموسم الثاني من وجود المدرب الإسباني مع الفريق.

سجل مانشستر سيتي 29 هدفاً في ثماني مباريات، وهو رقم قياسي تاريخي لم يتحقق منذ 123 سنة، كما سجل الفريق في آخر خمس مباريات محلياً وأوروبياً 17 هدفاً (معدل 3.4 في المباراة الواحدة). وربما الأهم أن القوى الهجومية جعلت الفريق يفوز في 10 مباريات حتى الآن، ويتعادل في واحدة من أصل 11 منذ بداية موسم 2017-2018.

وسجل مانشستر سيتي 80% من أهدافه الـ 29 من هجوم تكتيكي وصناعة لعب بين اللاعبين، إذ سجل الفريق 23 هدفاً. في وقت سجل ثلاثة أهداف فقط من ركلات ثابتة بنسبة حوالي 10% من مجموع الأهداف، وهدف وحيد من هجمة مرتدة وهدف من ركلة جزاء وهدف عن طريق الخطأ.

والمثير أن مانشستر سيتي الذي سجل 29 هدفاً في ثماني مباريات، لم يُسجل سوى هدف من هجمة مرتدة، وهو الرقم الذي يؤكد ميزة بيب غوارديولا الذي يعتمد على اللعب المفتوح والمهاجمة من كل الاتجاهات وعدم الاعتماد على الهجمات المرتدة، وهو الأمر نفسه طبقه مع برشلونة الإسباني عندما كان مدرباً للفريق.

ومثل أي فريق يعتمد غوارديولا على عامل الأرض والجمهور لضرب الأندية، فالفريق سجل 18 هدفاً من أصل 29 (62%) على أرض ملعب "الاتحاد"، بينما سجل 11 هدفاً خارج الديار (37%). وهو نفسه ما كان يحصل في ملعب "كامب نو" عندما كان النادي "الكتالوني" يفوز على خصومه بالخمسة والستة ويتفوق خارج الديار بثلاثة أو أربعة وأحياناً بصعوبة كبيرة.

ويتذكر العالم كيف حول غوارديولا ملعب "كامب نو" إلى مقبرة لكل من يفكر التجرؤ على هذا الملعب، وهو الأمر نفسه يحصل الآن، بعد أن أصبح ملعب "الاتحاد" حصناً حصيناً يُدمر أي فريق يزوره ويكرمه بغلة من الأهداف الرائعة والمُميزة والأهم من دون رحمة.

ومقارنة بالموسم الماضي حقق مانشستر سيتي انطلاقة مُميزة أيضاً وفاز في أول ست مباريات في الدوري ثم تعثر في ثلاثة (خسر من توتنهام وتعادل مع إيفرتون ساوثهامبتون)، كما فاز في أول مباراة في دوري الأبطال وتعادل في الجولة الثانية وخسر الجولة الثالثة أمام برشلونة بأربعة أهداف نظيفة، فهل يُتابع غوارديولا عروضه التكتيكية القوية ويستمر في صناعة "تيكي-تاكا" بنسخة مُعدلة مع مانشستر سيتي؟

المساهمون