استمع إلى الملخص
- رغم التحديات، يواصل المدربون الفلسطينيون تطوير الفئات السنية في الأكاديميات والأندية، مع إعداد ثلاثة منتخبات للفئات السنية في الضفة الغربية.
- يتمتع المدربون الفلسطينيون بعزيمة وإصرار، مما يعزز قدرتهم على التأقلم والإبداع، ويؤهلهم لتحقيق النجاح في الخارج رغم الظروف الصعبة.
توقف أكثر من 1300 مدرب كرة قدم فلسطيني عن ممارسة مهامهم، منذ بداية حرب الإبادة، التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة والضفة الغربية، في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، بسبب توقف المنافسات الكروية على الأراضي الفلسطينية.
وتُشير أرقام الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم إلى أن الفترة من العام 2010 حتى العام 2023 شهدت تطوراً استثنائياً في عدد المدربين الفلسطينيين، إذ وصل عددهم إلى 1363 مدرباً معتمداً في الضفة الغربية، وفي قطاع غزة، وفي الشتات، بعد أن كان العدد "صفراً"، من خلال دورات تدريبية متخصصة عقدها الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، بالشراكة مع الاتحادين الآسيوي والدولي لكرة القدم.
وفي تصريحات لـ"العربي الجديد"، قال المدير الفني للاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، عبد الناصر بركات: "تمكنا من عقد أكثر من 65 دورة تدريبية متخصصة للمديرين الفنيين في المستويات أ، ب، ج، في السنوات القليلة الماضية، إلى جانب تطويرنا كادراً متخصصاً في تقديم الدورات، يضم اليوم 17 محاضراً معتمداً من الاتحادين الآسيوي أو الدولي، ولكن كل ذلك توقف، منذ بداية حرب الإبادة على شعبنا الفلسطيني في شهر أكتوبر عام 2023".
وأضاف بركات، الذي شغل منصب المدير الفني لمنتخب فلسطين في وقت سابق: "كنت في قطاع غزة قبل الحرب بأيام قليلة، وكانت تلك الدورة هي الدورة الأخيرة للمدربين، التي شهدتها الأراضي الفلسطينية. بعد ذلك تغير كل شيء، إذ كنا نعمل بوتيرة قوية لتجهيز نوعية مختلفة من المدربين الفلسطينيين، تراعي في عملها تطوير الجانبين العلمي والعملي، ولكن في ظل توقف المنافسات الكروية، فإن التطوير من الناحية العملية تحديداً أصبح مستحيلاً".
وشدد بركات، على الأثر الكبير الذي تركه استشهاد عدد من المدربين الفلسطينيين خلال حرب الإبادة، على النواحي الفنية للكرة الفلسطينية، أو النفسية لزملائهم، مضيفاً: "رحل عنا عدد كبير من المدربين في الأشهر الماضية، منهم مساعد مدرب المنتخب الوطني الأولمبي، هاني المصدر، ومثل هذا الفقد يترك تأثيره. حالياً يعاني المدربون في فلسطين آثاراً نفسية واضحة؛ لأنهم ودّعوا الكثير من أقاربهم، أو أصدقائهم، ونتمنى أن تتوقف الحرب لكي لا تتضاعف الآثار السلبية لدى مدربينا، بالإضافة لأهمية توقفها على الصعيد الإنساني والوطني".
وعن إمكانية خروج المدربين الفلسطينيين من حالتهم الصعبة الحالية، في عادت عجلة المنافسات الكروية في فلسطين للدوران، أكد بركات: "نحن الفلسطينيين، نعيش دائماً في ظروف غير طبيعية، ونستخدم عامل التأقلم من أجل التغلب على آثارها، والدليل ذلك أن ظروف الحرب لم تنعكس على نتائج منتخب فلسطين لكرة القدم بصورة سلبية، بل بصورة إيجابية. الرياضيون هنا متسلحون بعوامل الرغبة والإصرار أكبر، وهذه عقلية الإنسان الفلسطيني عموماً، لذا أتوقع أن يعود الكل للإبداع، في حال توقفت الحرب الحالية".
وركز عدد من المدربين الفلسطينيين، خلال الأشهر الماضية على العمل في جوانب تطوير الفئات السنية في الأكاديميات الرسمية، أو الخاصة، إلى جانب استمرار عدد منهم في عمله داخل الأندية الفلسطينية، بينما قرر الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم استحداث فكرة إعداد ثلاثة منتخبات للفئات السنية تمثل فلسطين في مناطق الضفة الغربية، للتغلب على عرقلة الحواجز حركة التنقل اليومية للمواطنين، بواقع منتخب في الشمال، وآخر في الوسط، وأخيراً في جنوب الضفة الغربية.
وحول قدرة المدرب الفلسطيني على إثبات نفسه خارجياً، أكد بركات، الذي قاد "الفدائي" سابقاً إلى أفضل تصنيف دولي في تاريخه (73 على مستوى العالم)، ثقته في المدرب الفلسطيني، مشدداً: "مثلما أثبت اللاعب الفلسطيني قيمته في الملاعب المختلفة، فإن المدرب الفلسطيني يمكنه فعل ذلك أيضاً. في حال حصل المدرب الفلسطيني على فرص حقيقية من أجل العمل في الخارج، فإن الأندية أو المنتخبات ستكون قد تعاقدت مع مدرب قادر على تطويع مختلف الظروف الصعبة، والاستثنائية لخدمة فريقه؛ إذ اعتاد المدرب الفلسطيني، في حياته الخاصة أو المهنية، على التأقلم مع خيار واحد، بالإضافة إلى امتلاكه صفتي الإصرار والرغبة، وهذه الصفات قلما تجدها مجتمعة في مدرب واحد، ولهذه الأسباب أتمنى أن يحصل المدرب الفلسطيني على فرصته".