انتهت أول فترة في تحضيرات النسور لكأس العالم على نتيجة جد إيجابية، بصدارة المجموعة في تصفيات أفريقيا والتتويج بطولة كيرين في اليابان. على هدوء نحاول أن نرى في المرآة حقيقتنا.. هل لتونس القدرة على القيام بمونديال تاريخي وناجح؟
لنبدأ أول حديثنا، بتقديم موجز لا يفي الكورة التونسية حقها، 6 مرات في كأس العالم على 15 محاولة، في نفس أرقام المغرب والسعودية كأكثر المنتخبات العربية مشاركة.
كما أننا أصحاب أول فوز أفريقي-عربي في تاريخ كأس العالم ضد المكسيك سنة 1978، تونس أيضا حققت لأفريقيا أول فوز مونديالي في الشباب عام 1977 أمام اسبانيا.
ونحن على أبواب مونديال قطر، فلتعلم أنه أول تنظيم لـ"الفيفا" لبطولاتها خارج أوروبا وأميركا، كان في تونس عام 1977 بتنظيم كأس عالم للشباب... عراقة الكرة التونسية تتوارث جيلاً من بعد جيل.
ودائما كان حلم التوانسة، هو الوصول لنهائيات كأس العالم وعلى مدى مشاركات خمس سابقة، لم تحض بالقبول إلا المشاركة الأولى لحجم النتائج المحققة وخاصة الأداء المقدم في بطولة 1978، بعدها وإن امتلكنا أجيالاً محترمة كروياً وفنياً خاصة بين 1998 و2006، فإن الحضور كان باهتا، بسبب المبالغة في الحذر أحياناً وكذلك طغيان عقدة النقص، وفي حالات أخرى لغياب الطموح والمحاولة في نحت تاريخ يذكر أو لرواسب في العقلية التونسية والاكتفاء بشرف المشاركة.
لا أدري إن كانت أحلامنا في كأس العالم واقعية أو مبالغ فيها، فمع كل حضور وإطلالة على المونديال، يتجدد حلم شعبنا في نحت مشوار متميز ينتهي بالتأهل للدور الثاني خاصة وأن منتخبات عربية أو أفريقية وصلت وتجاوزت المجموعات ولكن صعوبة المنافسين والضغوط الكبيرة على الفريق منعته من تحقيق ذلك، وشخصياً اعتبر أن أكبر فرصة أهدرناها كانت دورة 2006. الآن حضور اخر، وهذا إنجاز أن نكون في مونديال عربي لن يتكرر.
ماذا بعد الحضور تونس في مجموعة تضم حامل اللقب، وبطل اوروبي سابق وبطل قارتين في تاريخه اوقيانوسيا وآسيا؟ فرنسا والدنمارك وأستراليا، مجموعة جد صعبة، الحل فيها أن نستمتع ونجنب أنفسنا ضغطاً إضافياً وعبئاً ثقيلاً.
نحن لسنا مطالبين بالكأس أو التأهل للدور الثاني، المطلوب من المشاركة تحقق برفع العلم التونسي رفقة 31 منتخبا، وحصل بالترويج لتونس والتسويق لكرتها، كما تجسم من خلال المكاسب المادية، وحصل بالتفاف شعبنا وراء فريقه منذ التأهل الى حدود البطولة، حصل بأن تعيش أجواء المونديال المميزة.
الآن علينا أن نحدد ماذا نريد من مونديال قطر، أول شيء هو الفوز بمباراة أستراليا لأننا في نفس الميزان وفوز ثالث في كأس العالم هو أضعف الايمان.
ثانياً، المحاولة أمام الدنمارك مع الإقرار أنهم أفضل وأقوى ولكن في الكرة روح المجموعة، فورمة المباراة والحظ والأجواء والتوفيق، عوامل كتبت انتصارات بطولية، وتاريخ المونديال شاهد على انتصارات تاريخية ومفاجئة مثل انتصار أمريكا ضد انكلترا وفوز كوريا الشمالية على "الطليان" وتغلب الكاميرون على الأرجنتين.
وحتى نحن العرب، حققنا انتصارات صاعقة في المونديال لم تكن منتظرة مثل فوز تونس التاريخي على المكسيك، وتألق الجزائر ضد الالمان، وتميز المغرب ضد البرتغال أو فوز السعودية على بلجيكا، وبالتالي في الكورة لا يوجد مستحيل.
أتمنى أن نصل مباراة فرنسا وحظوظنا قائمة في التأهل، أمام بطل العالم بنجومه، مرة أخرى هم الأقوى ولكن في "الكورة" حقيقة الميدان هي الفصل... للتاريخ فزنا على يوغسلافيا وبلجيكا، وهزمنا كرواتيا على أرضها وهي وصيفة البطل، ولم نخسر من انكلترا مرة، ولم نخسر من هولندا وفرنسا وألمانيا والبرتغال في مرتين.
الإشكال أننا نلعب الوديات من غير ضغط فنُبدع، ونخوض لهيب الرسميات فنخسر من الخوف! لو هذه المرة عرفنا كيف نجهز الفريق نفسياً لمعارك المونديال، وآمنا بحظوظنا، واستثمرنا الأرض والجمهور قد يتحقق حلم التوانسة الضائع وهو تجاوز المجموعات.
دورة اليابان الودية والفوز بها، وإن كشفت مؤشرات واعدة فإنها لا تحجب النقائص، العمل متواصل، وروح الفريق تبشر بخير، قوتنا في "لمتنا".. نقف وراء منتخبنا ومدربنا، ولم لا على ملعب المدينة التعليمية في الريان نكتب التاريخ.