وحده وحده في الكلاسيكو..الأرقام وحدها لا تكفي لوصف ميسي!

24 ابريل 2017
ميسي نجم الكلاسيكو بلا منازع (Getty)
+ الخط -

 

أعاد برشلونة الليغا الإسبانية إلى الملعب من جديد بعد فوزه الهام على الريال في الكلاسيكو، ونجح الكتالان في تحقيق أغلى ثلاث نقاط هذا الموسم، بعد عرض خيالي من جانب ميسي بتسجيله الهدف القاتل في آخر ثانية، ليتصدر برشلونة الترتيب بفارق المواجهات والأهداف، لكن مع بقاء مباراة مؤجلة للريال أمام سيلتا فيغو في شهر مايو/ أيار.

لم يندم زيدان على إشراك بيل في حديثه بعد المباراة، مؤكدا أن فقدان السيطرة على بعض اللحظات تسبب في الخسارة القاسية. بينما تحدث لويس إنريكي عن إمكانية العودة في ما تبقى من عمر الموسم، بعد السقوط المدوي أمام يوفنتوس والخروج مبكرا في دوري الأبطال، ليبقى الأمل حيا في بطولتي الدوري والكأس خلال أشهر الحسم.

غاريث بيل
لعب برشلونة بنفس طريقته المعتادة 4-3-3، بعد استبعاد رسم 3-4-2-1 نتيجة غياب نيمار، ليفقد إنريكي أهم أسلحته على الخط الجانبي من الملعب، ويقرر العودة إلى خطوطه الأولى بوضع رباعي صريح في الدفاع، وأمامه كل من بوسكيتس وراكيتيتش وإنيستا بالمنتصف، مع وضع باكو ألكاسير كساعد هجومي على اليسار مكان البرازيلي، برفقة الثنائي المتقدم ميسي وسواريز. هدف إنريكي من ذلك غلق الأطراف قدر المستطاع عند فقدان الكرة، حتى لا يحدث مثل سيناريو تورينو، بوجود ثغرات واضحة بين قلب الدفاع والظهير المتقدم.

أما زيدان فدخل بالويلزي بيل في الخانة الأساسية، مع الإبقاء على إيسكو خارج الخط، ليلعب الريال بثلاثي الـBBC أمام كروس ومودريتش وكاسيميرو. وأدى وجود غاريث في التشكيلة إلى فقدان السيطرة على المنتصف في معظم الفترات، لأن إيسكو كان اللاعب المدريدي الأفضل خلال شهر إبريل/ نيسان، وتواجده داخل الملعب في مثل هذه المباريات أمر لا يحتمل التفكير، حتى يخلق التفوق النوعي بين العمق والأطراف، من أجل تحول 4-3-3 إلى 4-4-2 بين الهجوم والدفاع.

لم يقدم بيل الكثير حتى خروجه مصابا، فالريال اعتمد على اللعب المتوقع المحفوظ، برمي الكرات الطولية من جانب كروس إلى الأطراف، للاستفادة من انطلاقات بيل وتوغل رونالدو في العمق، لكن برشلونة عرف طريقة إيقافهم بتثبيت الظهيرين بجوار قلبي الدفاع، ووضع راكيتيتش كجناح صريح من دون الكرة على اليمين، مع عودة ألكاسير إلى منتصف ملعبه على طريقة ماندزوكيتش يوفنتوس، ليقابل الضيوف منافسهم بثنائي على كل جانب في معظم الهجمات.

سيرجي ومارسيلو
حتى بعد خروج بيل ودخول أسينسيو لم يتغير شيء، لأن خطة برشلونة المضادة كانت واضحة، بتمركز سيرجي روبرتو كقلب دفاع ثالث في معظم الفترات. صاحب "ريمونتادا" باريس لم يلعب كظهير أيمن صريح، بل بجوار بيكيه وأومتيتي في معظم الفترات، مع عودة الكرواتي راكي إلى الخلف أثناء هجوم الريال، وبالتالي نجحت خطة حصار مارسيلو، البرازيلي الأهم على الإطلاق في هجوم ريال مدريد.

فعل مارسيلو ما يحلو له ضد بايرن في دوري الأبطال، بسبب صعوده المستمر خلف فيليب لام دون مساندة جناح بافاريا روبين، بينما في الكلاسيكو الأخير ضد برشلونة، مرر الظهير الطائر 15 كرة فقط في الثلث الأخير، مع لعبه 5 عرضيات طوال التسعين دقيقة، عرضية واحدة فقط بطريقة صحيحة، مع قيامه بمراوغتين بسبب ضيق الفراغ أمامه وحوله، وتحول رونالدو المستمر إلى منطقة الجزاء للقيام بدور المهاجم الثاني بجوار بنزيما. مع التأكيد أن الهجمة الوحيدة التي وجد فيها مارسيلو الحرية، كانت لقطة هدف خاميس رودريغز، للدلالة على الفارق الكبير الذي يصنعه هذا النجم في تشكيلة زيدان.

التغييرات الفنية
فعل زيدان الصواب بإخراج كاسيميرو الذي يقدم مباريات غريبة أخيرا، بسبب رعونته في ارتكاب المخالفات، وكثرة الأخطاء التي يقوم بها بالكرة ومن دونها، لينقذه مدربه من الطرد المؤكد. أما إنريكي فقام بخطوة جريئة تحسب له، بوضع أندريا غوميز على اليسار في وقت حرج رغم كافة الانتقادات الموجهة له، ليلعب برشلونة في الأوقات الأخيرة بخطة قريبة من 4-4-2، ويحصل البرتغالي على أكثر من كرة خلف كارفخال المتقدم باستمرار بحثا عن بدء هجمة أخرى.

ومع تفوق إنريكي في الخطة الأساسية بالشوط الأول، وقيامه مع زيدان بتعديل الأوراق في الشوط الثاني، عانى كل مدرب من رد الفعل بعد التسجيل، فبرشلونة لم يحافظ على النتيجة بعد طرد راموس، وكان الأولى خروج سواريز غير الموفق والدفع بماسكيرانو بجوار بوسكيتس، أما زيزو هو الآخر فطمع في المباراة بعد كرة خاميس، ليندفع لاعبوه في الهجوم رغم النقص العددي، ليخطف ميسي كل شيء في ما بعد التسعين.

وحده وحده
"ميسي حاسم حتى عندما يتناول العشاء، إنه أفضل لاعب في التاريخ. لقد شاهدت الكثير من عظماء اللعبة، لكن حقا لم أشاهد مثله. إننا محظوظون أننا نعيش في حقبته"، هكذا تحدث لويس إنريكي بعد الفوز، ليؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الأرجنتيني لا يزال الأفضل. لا يتعلق الأمر بتسجيله هدف الفوز أو قيامه بمراوغة أو اثنتين أو حتى ثلاث في كل لعبة، ولكن لقيمة تضحياته الكبيرة خلال القمة، لقد حمل فريقه على عاتقه في أشد حاجته إلى ذلك.

لعب ميسي في أكثر من مكان خلال المباراة، في البداية اعتمد الفريق الكتالوني على الثنائي ألكاسير وسواريز في قلب منطقة الجزاء بعد التأخر في النتيجة، ليتحرك الملك في المركز رقم 10 بالثلث الأخير، أمام لاعبي الوسط وخلف المهاجمين مباشرة، ليقوم بدور صناعة اللعب والاختراق الجريء تجاه منطقة الجزاء كما حدث في هدف التعادل. استعاد ليو سنوات المجد القديمة في بداياته، ليبدأ الهجمة بنفسه ويُنهيها في الشباك بمفرده.

وخلال بدايات الشوط الثاني، استحوذ الريال على الكرة في الدقائق الأولى، ليعود ميسي كثيرا للخلف في منتصف ملعبه، ويقوم بدور لاعب الوسط الصريح بجوار إنيستا وبوسكيتس، ليتحول راكيتيتش إلى الجبهة اليمنى أمام روبرتو. وبالتالي قام ميسي بدور تشافي هيرنانديز قديما، لاعب ارتكاز مساند يحصل على الكرة في أي رقعة، ويتحكم في نسق المجريات وفق ما يريده الطاقم الفني، حتى عودة برشلونة القوية في آخر 20 دقيقة.

القائد
لم يكتف ميسي بهذه الأدوار الخططية، ليضع نفسه تحت أمر الفريق بالكامل، عندما عاد إلى مركز الجناح الصريح لإجبار مارسيلو على الدفاع، وتمديد الملعب عرضيا بعد لعب الخصم بعشرة لاعبين. كل هذا الجهد البدني والذهني والفني وهو على مشارف الثلاثين، ليثبت الرقم 10 مرة أخرى أن بمقدوره حسم الأمور كلما تأزمت حالة برشلونة بالسنوات الأخيرة.

تقول الأرقام إن ميسي قام بعمل 7 مراوغات صحيحة، وله 3 محاولات عرقلة مشروعة، مع نجاحه في افتكاك كرتين بمنتصف ملعب الريال، وإشتراكه الفعلي في كافة أهداف فريقه خلال المباراة، ليقدم الأداء المتكامل على مستوى الهجوم والدفاع في آن واحد، ويستحق عن جدارة نجومية الكلاسيكو في قلب البرنابيو.

حصل ميسي على بطولة دوري أبطال واحدة في آخر 5 سنوات، وتوج أيضا بالبالون دور مرة واحدة منذ 2012، رغم كل ما يقدمه من مستوى مذهل وقدرات غير عادية، لأنه يدفع ثمن تخبطات إدارة برشلونة في ما يخص القرار الرياضي، بالمقامرة على عدة مدربين ينسفون فكرة اللعب التموضعي، ليلحق النادي الكتالوني بالمنتخب الأرجنتيني الذي يتفنن في تغيير المدربين كل فترة دون أي عائد يذكر، وحده ميسي يحمل الفريقين في الأوقات الحرجة، ووحده يدفع الثمن بالسقطات والهزائم. سحقا للاختيارات الخاطئة، وسحقا للأرقام التي يتفوق فيها ليو أيضا، حيث إنها لا تعكس كل بل حتى نصف ما يقدمه هذا اللاتيني القدير!