نجوم الدوري الجزائري منجم المواهب.... بين داعم ومعارض

نجوم الدوري الجزائري منجم المواهب.... بين داعم ومعارض

10 نوفمبر 2021
النجوم الجزائريون تخرجوا من الدوري المحلي (العربي الجديد/Getty)
+ الخط -

برزت على مدار الأعوام الماضية في الدوري الجزائري لكرة القدم العديد من المواهب التي تمكنت من كتابة أسمائها بأحرف من ذهب، سواء في القارة الأوروبية، أو من خلال المساهمة في النتائج التي حققها منتخب "محاربي الصحراء" في تاريخه، وكذلك الألقاب التي كسبتها الأندية المحلية، وبالخصوص على المستويين الأفريقي والإقليمي. وحدث هذا رغم كل ما قيل عن وجود تراجع في مستوى الدوري المحلي وقلة الإمكانات ومراكز التكوين، التي تسمح له بتقديم لاعبين قادرين على تشريف قميص "الخضر".

واختلفت الأحكام على ما يمكن أن يقدمه الدوري الجزائري من لاعبين قادرين على التألق على المستوى الحالي، خصوصاً منذ الانطلاق في سياسة الاعتماد على اللاعبين الذين تدرجوا في المدارس الفرنسية، وهو توجه كان يعتمد عليه أكثر الرئيس الأسبق للاتحاد الجزائري لكرة القدم محمد روراوة، كما كان وراء طرح قانون "البهاماس" عام 2009 لدى الاتحاد الدولي للعبة، وسمح لمنتخب الجزائر وكذلك لمنتخبات عربية وأفريقية وحتى أوروبية بالاستفادة من لاعبين يملكون جنسيات مزدوجة.

وعاد الجدل بين الجماهير الجزائرية بشأن قدرة الدوري المحلي على إخراج المواهب القادرة على التألق بعد الطفرة التي حدثت في السنوات الأخيرة، حيث شهدت انتقال العديد من الأسماء عبر بوابة أندية معروفة وشهيرة في "القارة العجوز"، والأكثر من ذلك أصبح معظمهم لاعبين مهمين في تشكيلة المدير الفني لمنتخب "المحاربين" جمال بلماضي، كذلك فإنّ لديهم مساهمة في تحقيق لقب أمم أفريقيا لكرة القدم 2019 بمصر وبعد انتظار دام 30 عاماً.

وتُبرر الفئة التي ترى أن الدوري الجزائري يبقى منجماً للمواهب مواقفها بالعودة إلى العقود الفائتة، لكون أن هذه البطولة كانت بوابة للعديد من الأساطير نحو العالمية، وأخرجت أسماءً صنعت تاريخاً في الكرة المحلية، بدايةً من جيل جبهة التحرير الوطني، على غرار نجم سانت إيتيان الفرنسي رشيد مخلوفي، وكذلك الراحلين حسن لالماس وعيسى دراوي، نجمي شباب بلوزداد ومولودية الجزائر توالياً، وصولاً إلى لخضر بلومي، الذي يرى الكثيرون أنه أفضل لاعب مرّ على الكرة المحلية، عطفاً على مهاراته العالية، رغم أنه لم يُحقق حلمه بالاحتراف في أوروبا، إضافة إلى رابح ماجر، الذي كان أيضاً أحد أفضل متخرجي الدوري المحلي عبر بوابة مدرسة نصر حسين داي، وهو اسم تزيد أكثر من نجوميته تلك المسيرة الاحترافية، خصوصاً عندما قاد نادي بورتو إلى التتويج بلقب دوري أبطال أوروبا.

وبعد ذلك الجيل المميز في تاريخ الكرة الجزائرية، ومن متخرجي الدوري المحلي وبالضبط سنوات الثمانينيات بقيادة بلومي، وماجر وصلاح عصاد، دخلت الكرة الجزائرية في نفق مظلم ولم يميزها إلا التتويج بلقب أمم أفريقيا 1990، ثم جاءت بعده أحداث سياسية عصفت بالبلاد وأثّرت بالكرة المحلية، رغم أنّ التاريخ لا يمكن أن ينكر أنه في فترة التسعينيات كان هناك لاعبون مميزون، إلا أن تلك الظروف وفترة "العشرية السوداء" لم تسمح لهم بإظهار إمكاناتهم، ولو أن هناك لاعبين نجحوا في كسر ذلك الحاجز وتحقيق حلم الاحتراف في أوروبا، على غرار موسى صايب، اللاعب السابق لنادي فالنسيا الإسباني، وتوتنهام الإنكليزي، وكذلك رفيق صيفي، الذي حقق أرقاماً مهمة في الدوري الفرنسي مع الفرق التي لعب لها، وهو حال عبد الحفيظ تاسفاوت، الفائز بلقب الدوري والكأس في فرنسا مع نادي أوكسير عام 1996، كذلك فإنه كان حتى وقت قريب الهداف التاريخي لمنتخب "المحاربين" بـ36 هدفاً قبل أن يحطمه سليماني.

لكن من الجانب الآخر، إنّ الانتقادات الموجهة إلى الدوري الجزائري والأندية المحلية لفشلها في تصعيد لاعبين مميزين زادت مع دخول القرن الـ21، وهذا تزامن أيضاً مع تراجع رهيب لمستوى الفرق وفضائح متتالية في الأدوار التمهيدية في المنافسات القارية، باستثناء فريق شبيبة القبائل الذي حقق 3 ألقاب متتالية في كأس الكونفدرالية، إلا أن ذلك لم يسمح لمنتخب الجزائر بالخروج من دائرة النتائج السلبية التي استمرت لغاية التأهل إلى مونديال جنوب أفريقيا عام 2010، بفضل منتخب أغلب أسمائه كانت من متخرجي المدارس الفرنسية، مثلما كان الحال خلال التأهل إلى الدور الثاني من كأس العالم في البرازيل 2014، ولو أن في هذا الجيل كان المنتخب يملك 3 لاعبين محليين ساهموا كثيراً في ذلك الإنجاز، هم إسلام سليماني، وهلال سوداني، ورفيق حليش.

عاد مستوى المنتخب الجزائري للتراجع مُجدداً بعد المونديال البرازيلي، ومعه عادت الانتقادات للدوري المحلي، رغم كلّ التألق الذي أظهره الثلاثي: سليماني، وسوداني، وحليش، قبل أن تتغير الصورة عند كثيرين في آخر خمس سنوات، مع بزوغ أسماء باتت نجوميتها تسطع حالياً في الملاعب الأوروبية، وبالخصوص من أكاديمية نادي براداو، على غرار الثلاثي رامي بن سبعيني لاعب بوروسيا مونشنغلادباخ الألماني، وثنائي نيس الفرنسي، يوسف عطال وهشام بوداوي، وهذا الثلاثي ساهم في تتويج "الخضر" بلقب أمم أفريقيا 2019 بمصر، إضافة إلى لاعبين آخرين، ولو أن ظهورهم مع "الخضر" كان محتشماً، على غرار لاعب أنجيه الفرنسي فريد الملالي، واللاعب السابق لنادي لوهافر والحالي للنجم الساحلي التونسي الطيب مزياني.

هذه الأسماء التي احترفت، نجاح معظمها في القارة العجوز شجع أخرى على العمل لبلوغ الهدف ذاته، وزاد من قيمة الدوري الجزائري لدى المتابعين وحتى عند كشافي الأندية الأوروبية، عكس ما كان الحال عليه سابقاً. فقد نال هذه الفرصة كذلك ثلاثي وفاق سطيف: إسحاق بوصوف، محمد الأمين عمورة، وحسام الدين غشة، إضافة إلى آدم زرقان، وعبد القهار قادري، وصولاً إلى بلال مسعودي، وهي أسماء من غير المستبعد أن تصبح من أعمدة المنتخب الجزائري مستقبلاً، نظراً للقدرات الكبيرة التي تتمتع بها.