يغازل الكرة بقدميه بطريقة سحرية، تنجذب إليه هي الأخرى وتتعلق به، تلازمه في أوقات كثيرة، ليصنع منها أجمل لوحة كروية على مرّ التاريخ، عرفه العالم بأسره كأسطورة في العصر الحديث، قارنه كثر بمارادونا وبيليه، بل إن بعضهم أكد، وبصم "بالعشرة" أنه أفضل منهما، وفي ذكرى ميلاده الـ28، سنسرد قصة معشوق الجماهير، نجم برشلونة والكرة الأرجنتينة "ليونيل ميسي".
لاعب لامس النجومية كسرعة الضوء، من أحياء مقاطعة "سانتا في" الفقيرة في الأرجنتين، ولد ليونيل ميسي، عاش في كنف والد يثابر في المصانع كعامل، وأم تشرف على أعمال النظافة، وكبر ميسي، فتربى على عشق الساحرة المستديرة، ونهل منها كل ما هو رائع، مستواه المبهر، سارع في انتقاله إلى صفوف نيو أولدز بوي، ولفت أنظار النادي العملاق ريفر بلايت، لكن المصيبة وقعت "هذا الطفل يعاني من نقص في الهرمونات، مما يعني أن عظامه لن تنمو...سيبقى قصيراً جداً"، وكانت حينها العملية تكلف الكثير من الأموال، مما دفع الفرق الأرجنتينية للتخلي عن فكرة التعاقد مع ابن الـ11 عاماً.
حاول والده التواصل مع أحد الأقرباء في كتالونيا، ورحل ميسي إلى القارة العجوز أوروبا، وهناك بدأت عملية الشفاء والصراع مع نقص الهرمونات، على إثر قبول نادي برشلونة الإسباني، إعطاء ميسي فرصة للتعافي، بعد أن راقبه أحد الأخصائيين الكتالونيين في أميركا الجنوبية.
ثابر الولد الأرجنتيني ذو الأصول الإيطالية، كان طوله 140 سم، وخضع للعملية وواصل مراحل العلاج، تكبد العذاب في عمر صغير، بهدف ممارسة كرة القدم، والوصول إلى النجومية، وكان له ما أردا عندما أصبح طوله 169 سم.
وهنا بدأت قصة رد الدين للنادي الذي حضنه، وتعب من أجله، فكان نجم التانغو، والذي رفض اللعب للمنتخب الإٍسباني، نظراً لعشقه الكبير لوطنه، في الموعد في موسم 2004-2005، حين سجل أمام ألباسيتي، وبات أصغر لاعب يسجل في تاريخ البلاوغرانا.
وبعدها صنع لنفسه قصراً عاجياً في بطولة كأس العالم للشباب، حيث سحر العالم بأسره، بفنياته ومهاراته الرائعة، وقاد منتخب بلاده الأرجنتين للفوز بالكأس وحقق الكرة الذهبية والحذاء الذهبي. وتلك لم تكن آخر الإنجازات، حيث حصد ميسي البطولات الفردية والجماعية مع ناديه برشلونة، حين حقق بطولة الدوري الإسباني في 7 مناسبات، وكأس الملك ثلاث مرات، بالإضافة إلى المسابقة الأوروبية الأغلى، كأس دوري الأبطال في 4 مناسبات، وآخرها أمام يوفنتوس الإيطالي في الموسم المنصرم.
وحقق ميسي أهدافاً خيالية وإعجازية وضعته في خانة لا يمكن أن يصل إليها أحد من أبناء جيله، حيث أعاد تجسيد هدف مارادونا، عندما انطلق من وسط الملعب وتخطى اللاعبين توالياً ليزرع الكرة في المرمى، كما فعل مواطنه أمام إنجلترا في كأس العالم.
اقرأ أيضاً: نجوم من الماضي..قصة زانيتي..من عامل بناء إلى أسطورة كروية