من جيرد موللر إلى بنزيما.. تطورات هجومية صاحبت اللعبة

27 أكتوبر 2014
(العربي الجديد)
+ الخط -

لم يعد هناك جيرد موللر، المهاجم الهداف الذي يقف داخل منطقة الجزاء كي يحصل على الكرة ويسجل هدفاً، جاري لينكر في إنجلترا، فيليبو انزاجي مع إيطاليا، فان نيستلروي والطواحين الهولندية، حسام حسن ماكينة التهديف المصرية. اختفى مهاجم الصندوق بعيداً عن الأضواء، ولم نعد نشاهد لاعبين من طينة هؤلاء.

ومع تطور خطط الدفاع خلال السنوات الأخيرة، أصبح الخط الدفاعي مقسّماً بين أكثر من لاعب، مع ضغط غير طبيعي يُطبق من لاعبي الوسط. لذلك قلّ عدد الأهداف التي يتم إحرازها من داخل منطقة الجزاء، بسبب التكتلات الدفاعية التي أجبرت المهاجمين على الابتعاد والنزول إلى الخلف من أجل التسديد والتمرير. وتحول دور المهاجم التقليدي إلى مرحلة ما بعد الهدف الأول حيث تُفتح دفاعات الخصوم بسبب الرغبة في التعويض فتظهر المساحات التي يستفيد منها الهداف المتمركز داخل الصندوق.

نجوم لا تُنسى
في النصف الأول من التسعينيات، ظهر البرازيلي روماريو بشكل مختلف وأسلوب أداء جديد، فبعد المهاجم التقليدي صاحب الرقم 9، جاء القصير المكير إلى أوروبا، وعرفه العالم، خلال مونديال 1994، سريعاً ومراوغاً. تحكمه رفيع في الكرة، هداف ومتحرك، يخترق الدفاعات ويسجل. لاعب نستطيع أن نسميه "رجل سريع + رجل هداف" أو كما يقول خبراء التكتيك Target + Quick Man

لم تتوقف كرة القدم بعد نجوم البرازيل سواء روماريو أو رونالدو، وفوجئنا بأجمل هدية، الغزال الفرنسي، تيري هنري، العجيب الرهيب الذي أضاف بُعداً جديداً لمركز الهجوم، وتعتبر أجمل أيام هنري مع أرسنال في الهايبري. هو اللاعب الذي يحصل على الكرة من الجناح أو الوسط، ينطلق ويسدد ويسجل. أرقام هنري مخيفة في البريميرليج، نسبة تهديف خيالية وعدد "أسيست" كبير. يعتبر الفرنسي من نوعية المهاجمين المبتكرين والقاتلين، أو بالتعريف الكروي، "صانع + مسجل".

الماما أفريقيا
بعد خفوت نجم هنري، ظهرت موضة جديدة في الأجواء الكروية، المهاجم الأفريقي، السريع والمتحرك والهداف. صرح لابورتا عندما تعاقد البارسا مع إيتو، "أن النادي الكاتلوني حصل على مهاجم من طراز خاص، هداف كبير وفي الوقت نفسه لاعب لا يتوقف عن الحركة ".

وعندما ذهب مورينيو إلى تشيلسي في الولاية الأولى، فوجئ الرجل الخاص بنوعية المهاجمين الموجودين في إنجلترا، وأشار البرتغالي إلى مشكلة أزلية واجهت الكرة البريطانية قائلاً، "الإنجليز أدخلوا كرة القدم إلى العالم، لكنهم يعانون من جمود كبير في التكتيك، المهاجم مهاجم فقط والمدافع مدافع فقط، أريد مدافعاً يسجل أهدافاً ومهاجماً يعود إلى الخلف".

كما تعاقد البارسا مع إيتو، أحضر المو دروجبا من مارسيليا، الفيل الإيفواري الذي يحرث الملعب يميناً ويساراً، لاعب تجده في العمق وعلى الأطراف، ويعود إلى مساندة فريقه في الخلف. مهاجم متحرك وهداف جريء، إيتو ودروجبا مع الاختلاف في طريقة أدائهما، إلا أنهما يعبران وبوضوح عن المهاجم الذي يسجل ويدافع في الوقت نفسه. لذلك شاهدنا إيتو كجناج مع الانتر، ودروجبا يلعب كخط دفاعي أولي مع تشيلسي في نهائي شامبيونز 2012 أمام بايرن ميونخ.

الوهمي
اعترف بيب أن المنافسين حفظوا طريقة لعب برشلونة جيداً بعد أول موسم له مع الفريق، وأصبحت مواجهة ميسي تتم بظهير ولاعب وسط لذلك قللت كثيراً من قوة برشلونة، ولاحظ المدرب الشاب أن فعالية ميسي في خطر حقيقي. لذلك أعاد فكرة المهاجم الوهمي إلى الظهور من جديد. ميسي لاعب الجناح وصانع اللعب يتحول الى مهاجم رقم 9، فيا الهداف على الطرف وليو في العمق. الأرجنتيني الأسطورة يلعب كـمهاجم وهمي، أو كما يُعرف باسم The False 9.

فاز البارسا بدوري الأبطال 2011، وتحول ميسي الى لاعب قاتل، يسجل من أي مكان وتحت أي ضغط، تضاعفت حاسته التهديفية كثيراً، أصبحنا نشاهد اللاعب يهز الشباك لأكثر من 60 مناسبة خلال الموسم الواحد. إذا لم يفكر بيب في هذا الحل، لم نكن أبداً سنشاهد كل هذا الكم من الأهداف التي سجلها ميسي مع برشلونة والمنتخب الأرجنتيني بعد ذلك.

بنزيما يستحق
عانى كريم بنزيما من انتقادات واسعة خلال السنوات الماضية، وفاوضت الإدارة المدريدية أسماء هجومية عدة، لكن في النهاية استمر الفرنسي داخل جدران الملكي، وجاء الحصاد هذا العام بأداء كبير وأهداف مهمة كان آخرها هدفه الرائع في مرمى ليفربول في دوري أبطال أوروبا، ثم هدفه القاتل داخل شباك كلاوديو برافو، حارس مرمى برشلونة في الكلاسيكو الأخير، الذي انتهى بفوز الريال بثلاثة أهداف مقابل هدف.

بخلاف أهدافه الرائعة خلال المباريات الأخيرة، يلعب بنزيما دوراً تكتيكيّاً واضحاً في خلطة كارلو أنشيلوتي، لأنه هو المهاجم الذي يسمح بإعطاء الحرية الكاملة لكل اللاعبين في خط المنتصف، بالإضافة إلى خلق المساحة لكريستيانو رونالدو، الذي يحتاج دائماً إلى لاعب آخر في الأمام، من أجل شغل المدافعين وجعله في موقف أفضل أمام المرمى، لذلك إذا كان رونالدو هو بطل انتصارات الميرينجي، فإن بنزيما هو البطل الثاني أو أفضل بطل مساعد.

ليس فقط أهداف وتحركات كريم هي الأفضل، بل يمتاز المهاجم بقدرات تكتيكية بارعة على مستوى اللعب من دون كرة، لأنها اللعبة المستقبلية خصوصاً في الفراغات وكيفية التحكم فيها، وكريم بنزيما أحد اللاعبين المتميزين في العالم بالحركة بعيداً عن الساحرة المستديرة، وهذا يتضح بشدة أثناء المرتدات القاتلة لفريقه، فبعد تمريرة وأخرى، ينطلق بنزيما في الأمام ويعرف أين يتحرك، وكيف يتمركز داخل وخارج منطقة الجزاء.

ومن المهاجم الذي يسجل أهدافاً فقط خلال بدايات اللعبة، إلى المهاجم الذي يلعب دوراً محوريّاً في انتصارات فريقه، دون الحاجة إلى تسجيل أهداف كثيرة، والبنز واحد من رواد هذه الطريقة الفنية الحديثة، لذلك حينما نتحدث عن تاريخ تطور الفكر الهجومي الكروي، يجب أن نذكر الرقم 9 في تشكيلة الريال وأقرانه في الفرق الأخرى.