في ضواحي العاصمة بوينس آيرس ومدن الأرجنتين من روساريو إلى مندوزا وصولاً إلى لا بلاتا، هناك معشوقٌ واحد أبدي للجميع، اسمه اقترن بكأس العالم 1986، هو دييغو أرماندو مارادونا.
مرّت السنوات وتعاقبت أجيالٌ كثيرة على بلاد الفضة. من هناك عبر غابريال باتيستوتا وبابلو إيمار وخوان رومان ريكلمي، وصولاً إلى سباستيان فيرون وهيرنان كريسبو وريدوندو وآريل أورتيغا، فشل الجميع في تحقيق اللقب الثالث للأرجنتين.
جاء بعدها ليونيل ميسي، وتوقع أبناء بلاده أن يحمل الكأس مجدداً إلى ساحة بلازا سيرانو وحي سان تيلمو العتيق، لكن النجاح سنواتٍ مع برشلونة وحصد الكرة الذهبية خمس مراتٍ، لم يجعلاه يوماً ذلك اللاعب الأسطوري في بلاده، وبقي دييغو الأيقونة الأولى والأخيرة في الشوارع وعلى جدران الجسور.
بعد خسارة الأرجنتين أمام إسبانيا في العاصمة مدريد، خلال مباراة ودية لكأس العالم 2018 في روسيا، انهالت في اليوم التالي الانتقادات من كلّ حدبٍ وصوب على كتيبة المدرب خورخي سامباولي، وحتى ميسي. لكن، لماذا الأخير رغم أنه لم يشارك دقيقة واحدة؟ لماذا ليو الذي تابع الهزيمة النكراء من المدرجات؟ في القصة الكثير من الخبايا والأسرار.
ميسي والأصدقاء
"كارثة، صفعة تاريخية، كأس العالم بعيدٌ منا! لسنا مرشحين أبداً"، بهذه الكلمات عبّرت غالبية الصحف ووسائل الإعلام الأرجنتينية عن سقوط المنتخب أمام إسبانيا، لكن ميسي كان في الواجهة دائماً، هو من قيل يوماً عنه إنه سبب قدوم تاتا مارتينو لتدريب برشلونة، على رغم الفشل الذريع معه ليغادر في الموسم التالي.
يتساءل بعضهم هل فعلاً يمتلك ميسي هذه السلطة في برشلونة والأرجنتين؟ هل يمكنه أن يختار لاعباً ويستبعد آخر؟ في الحقيقة، هناك كثرٌ يصدقون هذه المقولة، بل ويؤمنون بها.
في البرامج التلفزيونية الرياضية، طالب الجميع ميسي بالتخلي عن فكرة جلب أصدقائه إلى المنتخب، اعترفوا له بأنه لاعبٌ رائع للغاية، بل ربما الأفضل في عصره، لكن حدة الانتقادات كانت أعلى من المديح.
يقال إن سبب تواجد لوكاس بيغليا، لاعب ميلان، وخافيير ماسكيرانو، المنتقل حديثاً إلى الصين في المنتخب الأرجنتيني يعود إلى رغبة ميسي في ذلك، فهما مقرّبان منه للغاية، في الكثير من الأوقات يشاركانه الغرفة ذاتها عند السفر وفي المعسكرات، على رغم تقدمهما في السن، وهنا وجّهت الصحافة رسالة لهما "ارحلا هذا يكفي، شكراً لكما".
مستبعدون وحاضرون
يعتبر غوانزلو إيغوايين من أكثر الأسماء غير المحبذ وجودها في خط هجوم الأرجنتين، بسبب الفرص التي أهدرها في نهائي مونديال 2014 وكوبا أميركا، لكن على رغم ذلك يبقى دائماً موجوداً على حساب آخرين.
لم تصدق الصحافة قرار استبعاد ماورو إيكاردي عن المنتخب، قناصٌ داخل منطقة الجزاء، سجل لإنتر في الموسم الحالي 24 هدفاً، وغاب لفترة بسبب الإصابة، وعلى رغم ذلك بقي بعيداً من متصدر ترتيب الهدافين تشيرو إيموبيلي بفارق هدفين، وأكد للجميع أنه ربما أحد أفضل مهاجمي أبناء جلدته في الفترة الحالية، إلا أن النتيجة جاءت "بفرمان" من "ميسي أو سامباولي" باستبعاده في المباراتين الوديتين وربما كأس العالم، مع العلم أن قائد النيراتزوري يعتبر مطمعاً لأندية أوروبا الكبرى، وتحديداً ريال مدريد الإسباني.
نصل بعدها إلى باولو ديبالا، هو النجم الأول في يوفنتوس من دون منازع تتصارع الأندية قاطبة على ضمه، ريال مدريد وبرشلونة يريدانه، دييغو سيميوني تحرك لضمه إلى أتلتيكو مدريد، تحسباً لرحيل الفرنسي أنطوان غريزمان، لكن في نهاية الأمر يخرج سامباولي ويؤكد أن أسلوب لعب اليوفي لا يشبه طريقة الأرجنتين وبعدها بأيامٍ تأتي الخسارة الكارثية.
الأحياء لها بصمة
يتحدر معظم لاعبي أميركا الجنوبية الكبار في البرازيل والأرجنتين من أحياء فقيرة، هناك كانوا يمارسون كرة القدم في الأزقة الضيقة، ومن ظلام الفقر خرجوا إلى نور الحياة والشهرة، لنقل إن الحياة وضعت بصمتها عليهم حتى لو باتت جيوبهم وحساباتهم المصرفية تحتوي على ملايين الدولارات، فالطباع لا تتغير.
وُلد ميسي عام 1987 في ثالث أكبر مدن الأرجنتين، وتحديداً روزاريو، هناك بدأ لعب كرة القدم مع أشقائه الذين كان بعضهم قد احترف اللعبة، داخل عائلة مليئة بالحب عرف ميسي الأمان، وبدأ رحلته عام 1994 في الفئات العمرية لنادي نيولز أولد بويز، قبل أن يضمه برشلونة بعمر 13 عاماً للاماسيا، فبدأ مرحلة علاجه بالهرمون لزيادة طوله حتى بات ما هو عليه الآن.
اقــرأ أيضاً
كلّ ما ذكرناه سابقاً كان لنصل إلى نقطة مهمة، ألا وهي طريقة تعاطي الشعب الأرجنتيني مع ميسي، هو ليس قريباً منهم كمارادونا، ليس ذلك الشخص المثير للجدل، هو أيضاً لا يمتلك ذات طباع الأباتشي كارلوس تيفيز، لنقل إن الأخير محبوبٌ حتى من جماهير ريفر بليت الغريم التقليدي لبوكا جونيورز حين يرتدي قميص المنتخب، لأن البيئة والظروف التي عاشا فيها كانت مختلفة للغاية عن ليو.
ميسي بالنسبة لشريحة كبيرة من الأرجنتينيين، لاعب "هجين"، هناك في مدينة برشلونة قضى سنوات طفولته الحقيقية، هناك مرتع ذكرياته وألقابه، وهذه الأمور النفسية دائماً ما تلعب دوراً كبيراً.
ماذا عن سامباولي؟
اشتهر سامباولي في عالم التدريب بعدما قاد تشيلي للقب كوبا أميركا، وبعد فترة قصيرة في إشبيلية قرر تدريب منتخب بلاده، وتوقع الجميع أن يستطيع ضبط الأمور لامتلاكه شخصية قوية، لكن الصحافة تؤكد حتى اليوم أنه يسير وفقاً لطلبات ميسي "هذا نعم وذاك لا"، بكلمة فقط تنتهي الأمور، فهل يكون مونديال روسيا طاقة ميسي إلى عنوان كتاب الأرجنتين الأول، أم أنه سيكون مجرد لاعبٍ أسطوري في ناديه وعابراً داخل صفحات راقصي التانغو؟ وهل فعلاً سامباولي مجرد كبش فداء؟
مرّت السنوات وتعاقبت أجيالٌ كثيرة على بلاد الفضة. من هناك عبر غابريال باتيستوتا وبابلو إيمار وخوان رومان ريكلمي، وصولاً إلى سباستيان فيرون وهيرنان كريسبو وريدوندو وآريل أورتيغا، فشل الجميع في تحقيق اللقب الثالث للأرجنتين.
جاء بعدها ليونيل ميسي، وتوقع أبناء بلاده أن يحمل الكأس مجدداً إلى ساحة بلازا سيرانو وحي سان تيلمو العتيق، لكن النجاح سنواتٍ مع برشلونة وحصد الكرة الذهبية خمس مراتٍ، لم يجعلاه يوماً ذلك اللاعب الأسطوري في بلاده، وبقي دييغو الأيقونة الأولى والأخيرة في الشوارع وعلى جدران الجسور.
بعد خسارة الأرجنتين أمام إسبانيا في العاصمة مدريد، خلال مباراة ودية لكأس العالم 2018 في روسيا، انهالت في اليوم التالي الانتقادات من كلّ حدبٍ وصوب على كتيبة المدرب خورخي سامباولي، وحتى ميسي. لكن، لماذا الأخير رغم أنه لم يشارك دقيقة واحدة؟ لماذا ليو الذي تابع الهزيمة النكراء من المدرجات؟ في القصة الكثير من الخبايا والأسرار.
ميسي والأصدقاء
"كارثة، صفعة تاريخية، كأس العالم بعيدٌ منا! لسنا مرشحين أبداً"، بهذه الكلمات عبّرت غالبية الصحف ووسائل الإعلام الأرجنتينية عن سقوط المنتخب أمام إسبانيا، لكن ميسي كان في الواجهة دائماً، هو من قيل يوماً عنه إنه سبب قدوم تاتا مارتينو لتدريب برشلونة، على رغم الفشل الذريع معه ليغادر في الموسم التالي.
يتساءل بعضهم هل فعلاً يمتلك ميسي هذه السلطة في برشلونة والأرجنتين؟ هل يمكنه أن يختار لاعباً ويستبعد آخر؟ في الحقيقة، هناك كثرٌ يصدقون هذه المقولة، بل ويؤمنون بها.
في البرامج التلفزيونية الرياضية، طالب الجميع ميسي بالتخلي عن فكرة جلب أصدقائه إلى المنتخب، اعترفوا له بأنه لاعبٌ رائع للغاية، بل ربما الأفضل في عصره، لكن حدة الانتقادات كانت أعلى من المديح.
يقال إن سبب تواجد لوكاس بيغليا، لاعب ميلان، وخافيير ماسكيرانو، المنتقل حديثاً إلى الصين في المنتخب الأرجنتيني يعود إلى رغبة ميسي في ذلك، فهما مقرّبان منه للغاية، في الكثير من الأوقات يشاركانه الغرفة ذاتها عند السفر وفي المعسكرات، على رغم تقدمهما في السن، وهنا وجّهت الصحافة رسالة لهما "ارحلا هذا يكفي، شكراً لكما".
مستبعدون وحاضرون
يعتبر غوانزلو إيغوايين من أكثر الأسماء غير المحبذ وجودها في خط هجوم الأرجنتين، بسبب الفرص التي أهدرها في نهائي مونديال 2014 وكوبا أميركا، لكن على رغم ذلك يبقى دائماً موجوداً على حساب آخرين.
لم تصدق الصحافة قرار استبعاد ماورو إيكاردي عن المنتخب، قناصٌ داخل منطقة الجزاء، سجل لإنتر في الموسم الحالي 24 هدفاً، وغاب لفترة بسبب الإصابة، وعلى رغم ذلك بقي بعيداً من متصدر ترتيب الهدافين تشيرو إيموبيلي بفارق هدفين، وأكد للجميع أنه ربما أحد أفضل مهاجمي أبناء جلدته في الفترة الحالية، إلا أن النتيجة جاءت "بفرمان" من "ميسي أو سامباولي" باستبعاده في المباراتين الوديتين وربما كأس العالم، مع العلم أن قائد النيراتزوري يعتبر مطمعاً لأندية أوروبا الكبرى، وتحديداً ريال مدريد الإسباني.
نصل بعدها إلى باولو ديبالا، هو النجم الأول في يوفنتوس من دون منازع تتصارع الأندية قاطبة على ضمه، ريال مدريد وبرشلونة يريدانه، دييغو سيميوني تحرك لضمه إلى أتلتيكو مدريد، تحسباً لرحيل الفرنسي أنطوان غريزمان، لكن في نهاية الأمر يخرج سامباولي ويؤكد أن أسلوب لعب اليوفي لا يشبه طريقة الأرجنتين وبعدها بأيامٍ تأتي الخسارة الكارثية.
الأحياء لها بصمة
يتحدر معظم لاعبي أميركا الجنوبية الكبار في البرازيل والأرجنتين من أحياء فقيرة، هناك كانوا يمارسون كرة القدم في الأزقة الضيقة، ومن ظلام الفقر خرجوا إلى نور الحياة والشهرة، لنقل إن الحياة وضعت بصمتها عليهم حتى لو باتت جيوبهم وحساباتهم المصرفية تحتوي على ملايين الدولارات، فالطباع لا تتغير.
وُلد ميسي عام 1987 في ثالث أكبر مدن الأرجنتين، وتحديداً روزاريو، هناك بدأ لعب كرة القدم مع أشقائه الذين كان بعضهم قد احترف اللعبة، داخل عائلة مليئة بالحب عرف ميسي الأمان، وبدأ رحلته عام 1994 في الفئات العمرية لنادي نيولز أولد بويز، قبل أن يضمه برشلونة بعمر 13 عاماً للاماسيا، فبدأ مرحلة علاجه بالهرمون لزيادة طوله حتى بات ما هو عليه الآن.
كلّ ما ذكرناه سابقاً كان لنصل إلى نقطة مهمة، ألا وهي طريقة تعاطي الشعب الأرجنتيني مع ميسي، هو ليس قريباً منهم كمارادونا، ليس ذلك الشخص المثير للجدل، هو أيضاً لا يمتلك ذات طباع الأباتشي كارلوس تيفيز، لنقل إن الأخير محبوبٌ حتى من جماهير ريفر بليت الغريم التقليدي لبوكا جونيورز حين يرتدي قميص المنتخب، لأن البيئة والظروف التي عاشا فيها كانت مختلفة للغاية عن ليو.
ميسي بالنسبة لشريحة كبيرة من الأرجنتينيين، لاعب "هجين"، هناك في مدينة برشلونة قضى سنوات طفولته الحقيقية، هناك مرتع ذكرياته وألقابه، وهذه الأمور النفسية دائماً ما تلعب دوراً كبيراً.
ماذا عن سامباولي؟
اشتهر سامباولي في عالم التدريب بعدما قاد تشيلي للقب كوبا أميركا، وبعد فترة قصيرة في إشبيلية قرر تدريب منتخب بلاده، وتوقع الجميع أن يستطيع ضبط الأمور لامتلاكه شخصية قوية، لكن الصحافة تؤكد حتى اليوم أنه يسير وفقاً لطلبات ميسي "هذا نعم وذاك لا"، بكلمة فقط تنتهي الأمور، فهل يكون مونديال روسيا طاقة ميسي إلى عنوان كتاب الأرجنتين الأول، أم أنه سيكون مجرد لاعبٍ أسطوري في ناديه وعابراً داخل صفحات راقصي التانغو؟ وهل فعلاً سامباولي مجرد كبش فداء؟