ملاعب أفريقيا بصناعة صينية: كيف تستغل بكين كرة القدم لبسط نفوذها؟
استمع إلى الملخص
- التوسع الاقتصادي والدبلوماسي: لا تقتصر المساعدات الصينية على الملاعب، بل تشمل بناء مستشفيات ومدارس وسكك حديدية، مما يتيح للصين التوسع اقتصاديًا، كما في مناجم الكونغو، وتعزيز نفوذها العالمي.
- استراتيجية مشابهة في أمريكا اللاتينية: تطبق الصين نفس الاستراتيجية في أمريكا اللاتينية، ببناء ملاعب في دول قطعت علاقاتها مع تايوان، مما يحول المبادرات الرياضية إلى أدوات دبلوماسية واقتصادية لتعزيز نفوذها.
قبل أن تبدأ السعودية باستقطاب نجوم، مثل البرتغالي كريستيانو رونالدو، والفرنسي كريم بنزيمة من خلال استثمارات ضخمة، شهدت الصين تجربة مشابهة عبر "السوبرليغ" الصينية التي ضمت لاعبين عالميين، مثل خافيير ماسكيرانو وإزيكيل لافيتزي وكارلوس تيفيز، لكنها فشلت في النهاية، لتُعلن أندية، مثل غوانغجو إيفرغراند وهيبي فورتشن، إفلاسها.
واليوم، حولت الصين استراتيجية كرة القدم إلى أداة لنشر ثقافتها ونفوذها في أفريقيا. فمنتخبات، مثل موزمبيق ومالي وتنزانيا، أصبحت تستضيف مبارياتها على ملاعب حديثة ومتطورة بتمويل صيني، مثل استاد الشهداء في كينشاسا بسعة 80 ألف متفرج، والملعب الأولمبي في إبيمبي بساحل العاج، الذي يتسع لستين ألف مشجع.
وبحسب تقرير موقع قناة تي واي سي الأرجنتينية، أمس الجمعة، فقد شيد 16 ملعباً من ملاعب تصفيات أفريقيا بالمشاركة الصينية، مع العلم بأن هذه الدول ليست قادرة على تمويل هذه المشاريع بنفسها نقداً، ما يشير إلى وجود أهداف استراتيجية وراء هذه المساعدات. ولا تعد هذه السياسة جديدة، إذ بدأت في أواخر السبعينيات، وتحديداً عام 1978 مع استاد مقديشو في الصومال، وتبعته ملاعب كرة القدم أخرى، مثل استاد الصداقة في بنين 1982، واستاد الاستقلال في غامبيا 1984.
ومع مرور الوقت، تضاءلت هذه المبادرات، لكنها عادت أخيراً في عهد الرئيس شي جين بينغ، حيث كانت ثلاثة من ستة ملاعب في كأس أفريقيا 2023 بساحل العاج، من تمويل صيني. ومن اللافت أن الدول الـ 16، التي تلعب على ملاعب "صنع في الصين" لا تعترف بتايوان، أكبر النزاعات الإقليمية للصين حالياً، مثل حالة بوركينا فاسو، التي قطعت علاقاتها مع الجزيرة عام 2018.
ولا تقتصر المساعدات الصينية على ملاعب كرة القدم فقط، بل تشمل بناء المستشفيات والمدارس والسكك الحديدية وغيرها، ما يتيح لها التوسع اقتصادياً، كما حدث في مناجم الكونغو لاستخراج الكوبالت (معدن رمادي اللون يتميز بصلابته العالية)، حيث استثمرت الصين أكثر من تسعة مليارات دولار لتفوز بحقوق التعدين على الولايات المتحدة، في خطوة ضمن سعيها لتصبح أكبر قوة عظمى عالمية.
وعلى صعيد آخر، بدأت الصين في تطبيق الاستراتيجية الدبلوماسية نفسها في أميركا اللاتينية، مثل الاستاد الوطني في كوستاريكا، الذي شُيِّد بعد عام من قطع العلاقات مع تايوان، والاستاد الوطني في السلفادور، الذي بدأ بناؤه عام 2023، بعد اتخاذ القرار ذاته. وبهذه الطريقة، تحول ما يبدو مبادرة رياضية إلى أداة دبلوماسية واقتصادية استراتيجية، لتعزيز نفوذ الصين في أفريقيا وأميركا اللاتينية.